قانون المنافسة… تخوّف من التعطيل وحصرية التنفيذ

هيام طوق
هيام طوق

منذ العام 1967 تكرّس موضوع الوكالات الحصرية في لبنان بموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 34 تاريخ 5 آب، والمعدل بالمرسوم رقم 9639 تاريخ 6 شباط 1975، واستمر العمل على أساسه سنوات طويلة حتى العام 2002 حين أقر المجلس النيابي قانوناً لالغاء حماية الدولة للوكالات الحصرية ولم يصدر هذا القانون، كما جرت محاولات مماثلة سنة 2005 و2018 و2019 و2020.

قانون الوكالات الحصرية ذو طابع اقتصادي، لكنه اتخذ ولا يزال بعداً سياسياً بامتياز، إذ أن النقاش المتعلق به منذ العام 2002 شكّل سجالات حادة بين المعنيين من باب المسّ بحقوق المسيحيين، اذ اتُّهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري حينها أنه يريد نزع الوكالات الحصرية من المسيحيين باعتبار أن 70 في المئة من أصحابها هم من التجار المسيحيين، وبالتالي تعميمها على الطوائف الأخرى مع العلم أن القانون أشار في ذلك الوقت الى إلغاء حماية القانون للوكالات وليس إلى إلغاء الوكالات.

وبعد سنوات من وضعه في أدراج النسيان، عقدت جلسة لمناقشة اقتراح قانون المنافسة، وقرّرت إعطاء اللجنة الفرعية مهلة أسبوع إضافي “لإنجاز درس القانون ورفع تقريرها إلى اللجان النيابية المشتركة”، التي توافقت على اقتراح قانون المنافسة كما أقرته اللجنة الفرعية، وعلّقت المادة الخامسة المتعلقة بالوكالات الحصرية اثر التوافق على بعض فقراتها وعدم التوافق على احدى فقراتها وهي الفقرة الرابعة من اقتراح النائب سمير الجسر، وبالتالي رُحّلت المادة الخامسة الى الهيئة العامة للمجلس.

وتشير المعطيات الى أن هذه الفقرة تتحدث عن آلية ضمان حق أصحاب الوكالات في حال صدور حكم قضائي مبرم لمصلحتهم وكيفية تحصيل هذا الحق من خلال القضاء المحلي أو في بلد المنشأ، وكذلك هناك أفكار واقتراحات تتحدث عن إمكان دفع تعويضات لهؤلاء بينما هناك من يرفض على خلفية أنهم يستفيدون منذ 30 سنة من الحصرية والإحتكار.

ولفت عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين الحاج حسن الى أن “قانون المنافسة تقدمت به الكتلة منذ أكثر من عام، ويتضمن عدداً من المواد يصل الى 70 مادة تقريباً، ويرتكز الى انشاء هيئة اسمها هيئة المنافسة، ومجلس في هذه الهيئة اسمه مجلس المنافسة، وأجهزة تحقيق لدى الهيئة لمنع عدد من الممارسات الخاطئة للاقتصاد. الأهم مادتان أساسيتان في القانون المادة 5 والمادة 9، والمادة 5 حولها خلاف كبير، ونريد من هذه المادة الغاء حماية الدولة للوكالات الحصرية، ومن لديه وكالة حصرية أو أي طرف لديه وكالة حصرية من الخارج اذا كان يريد أن يعطي طرفاً ثالثاً، فنحن لا علاقة لنا كدولة”.

ووفق تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد، فإن “عدد الوكالات الحصرية في العام 1999 – 2021 هو 3330 وكالة تجارية حصرية. وهناك 316 وكالة فقط استطاع أصحابها أن يجدّدوا ويدفعوا الرسوم السنوية، و314 وكالة معظمها مسجل في السجل التجاري وأصحابها لا يدفعون الرسوم السنوية ولم يجدّدوا العقود، مما يعني أن 3014 وكالة لم تسدّد رسومها السنوية ولم تدفع ولم تجدّد عقودها وتعمل من دون أن تكون لديها وكالة حصرية”.

وفيما كان الجو السائد بين النواب، التوافق على إقرار القانون على الرغم من الخلاف على مقاربة حماية الوكالات الحصرية، تمنّى عدد من المطلعين ألا تكون هناك خلفيات سياسية أو مصالح لفئة معينة بعدما تم الحديث عن أن الطائفة الشيعية تريد الدخول بقوة على خط الوكالات، وهذا ما يفسر حماستها لاقرار قانون المنافسة في ظل التخوف من تعطيله والسير فقط بالمادة المتعلقة بالوكالات الحصرية، وبالتالي يكون القانون فُرّغ من هدفه الأساسي.

الطبش: تطبيق القانون كاملاً ليبلغ هدفه الأساسي

وتحدثت عضو كتلة “المستقبل” النيابية النائب رولا الطبش لـ “لبنان الكبير” من موقعها كمشرّعة وقانونية، وقالت: “أنا أرفض التشريع انطلاقاً من مصلحة سياسية لأن القانون قانون بغض النظر عن المرجعية السياسية”. وأشارت الى “أننا لا نعرف ما هي الخلفية السياسية جراء تقديم كتلة الوفاء للمقاومة هذا القانون، إلا أن كل الكتل السياسية شاركت في دراسته بشكل علمي وقانوني بما يخدم الاقتصاد اللبناني”.

وأكدت “اننا ككتلة نيابية، درسنا مشروع القانون من الناحية القانونية، وتوصلنا الى قانون ممتاز على الرغم من أنه لا يزال هناك خلاف بسيط، رُفِع الى الهيئة العامة وسيكون له حل. ولا أعتقد أن أي طرف من القوى السياسية كان ضد رفع الحمايات عن الوكالات الحصرية أو فتح السوق أو منع الاحتكار لكن ضمن ضوابط معينة بشكل ألا يكون هناك تعسف بحق أحد”.

أضافت: “لا ندري ما كانت المعطيات والحيثيات التي عرقلت القانون عام 2002 لكن اليوم البلد بحاجة الى تحرير الاقتصاد. لم يكن النقاش في الوكالات الحصرية حينها مرتبط بقانون للمنافسة. اليوم قانون المنافسة لالغاء الاحتكار في القطاعين العام والخاص، أصبح أكثر قابلية للتطبيق”.

واعتبرت ان ” المشكلة في انهم يريدون الغاء كل أنواع الحمايات حتى القضائية، وإذا أي وكيل لديه حق لدى شركة أجنبية، لا يجوز أن لا يأخذ حقه، وهنا نقطة الخلاف بيننا. ليست الغاية من القانون ايجاد تجار جدد بل حماية المستهلك، وتأمين البضائع والغاء الاحتكار والحفاظ على الجودة والنوعية وضمان حقوق أي وكيل من خلال القضاء”.

وتمنّت الطبش “ان يتم تطبيق القانون كاملا ضمن الصيغة القانونية التي اتفقنا عليها لأنني أتخوف من أن يتم تعطيل اصدار المراسيم التطبيقية بحيث يُصار الى تعطيل قانون المنافسة والسير فقط بالمادة المتعلقة بالوكالات الحصرية، وبالتالي نكون فرّغنا القانون من هدفه الاساسي”.

شارك المقال