مستقبل السنة السياسي بعد عزوف الحريري

أحمد عدنان
أحمد عدنان

أعلن الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي (قيل لأربع سنوات مقبلة)، ما عنى حكماً عزوفه وحزبه عن خوض غمار الانتخابات النيابية المقبلة. وسيذكر التاريخ دائماً عن الرئيس الحريري صدقه واخلاصه وقربه من شارعه ومحاولاته المستميتة لإنقاذ البلاد والعباد، فضلاً عن انتمائه إلى معدن مختلف عن الطبقة السياسية في لبنان.

وفور أن أعلن الرئيس الحريري قراره، صدرت ردود أفعال من شخصيات مستقلة ترى أن مقاطعة الانتخابات إن وجبت على تيار “المستقبل” فهي لم تجب على السنة، وذريعتهم في ذلك النتائج المريرة للمقاطعات في تاريخ لبنان وفي تاريخ المنطقة.

لكن مقاربة ملف أهل السنة والجماعة في لبنان أبعد من ذلك، فهي مرتبطة بقضايا وبتحديات، سواء تراجع الرئيس الحريري عن اعتكافه وعزوفه أو استمر فيهما، وسواء شارك تيار “المستقبل” في الانتخابات أو قاطعها، فالتعامل مع هذه التحديات والقضايا هو ما سيحسم مستقبل السنة ولبنان، فسنة لبنان – منذ الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالتحديد – هم من تصدروا دور همزة الوصل بين الشرق والغرب بعد أن كان هذا دوراً مسيحياً، وهم حكماً وحتماً همزة الوصل بين لبنان والعرب، لذلك فإن قوة لبنان ليست من قوة ميليشيا متأيرنة أو سلاح غير شرعي، قوته من تمسك السنة بدورهم في الحياة الوطنية، ولا شك في أن الخلل أصاب لبنان فور أن تآمر تحالف الأقليات على أهل السنة والجماعة، لذلك فإن أي عزوف انتخابي يجب أن لا يعني البتة الانسحاب السياسي.

1- تحدي السلام الإبراهيمي:

كان من أهم أسباب حياة لبنان وانتعاشه أنه مرفأ متوسطي لعرب القارة الآسيوية، وتزامن انفجار مرفأ بيروت، مع انعقاد اتفاقية السلام الابراهيمي التي بدأت بالإمارات والبحرين مع إسرائيل، ويبدو أن الدائرة اتسعت أو ستتسع، وكان احتلال فلسطين قد ساهم بشكل أو بآخر في انتعاش مرفأ بيروت كبديل عن مرفأ حيفا، وما يدعو للتساؤل الآن: ماذا لو أصبح مرفأ حيفا هو مرفأ عرب آسيا بفعل السلام الإبراهيمي؟ ماذا عن الاتفاقيات الاقتصادية للعراق والأردن ومصر؟ ماذا ستكون وظيفة لبنان الاقتصادية والوجودية بعد هذه التطورات والمتغيرات؟.

2- إحياء المؤسسات السنية:

إن كانت المؤسسات السنية (الأوقاف والمقاصد ودارا العجزة والأيتام وغيرها) قد تضررت بفعل الانهيارات التي تعانيها البلاد، فلا بد من الإقرار والاعتراف بأنها قبل ثورة تشرين لم تكن في أفضل حال، وأن إحياءها ورفع كفاءتها واستعادة ثقة الداعم اللبناني وغير اللبناني مسؤولية أهل السنة قبل غيرهم. إن إحياء هذه المؤسسات شرط أساس لتمكين السنة من دورهم الوطني والعربي، ولحفظهم من العواصف والأعاصير التي لا تهدأ في المنطقة.

3- الحفاظ على “الحريرية السياسية”:

عملت الآلة الدعائية لتحالف الأقليات، وهي آلة فعالة للأسف، على تصوير التطرف يلتهم السنة بعد الاعتكاف الحريري المؤقت، وهذا ينم أقله عن جهل بالسنة وبالمنطقة، فما كان السنة معتدلين بسبب الزعامة الحريرية، بل كانت الزعامة الحريرية بسبب الاعتدال السني، والنظر إلى المشهد السياسي حاضراً وماضياً يقطع النقاش، حين تسلم الطوائف زعامتها للأكثر تطرفاً، يسلم السنة زعامتهم إلى الأكثر اعتدالاً، من رياض الصلح إلى رفيق وسعد الحريري مروراً بصائب سلام ورشيد كرامي.

إن تعيير السنة بالحريرية السياسية هو في حقيقته إشادة بالمحامد، فما عنت الحريرية السياسية – وهي نهج قبل أن تكون أشخاصاً – إلا تقديم التنمية والأرقام على الشعارات والشعبوية، وما عنت إلا بناء الدولة الجامعة فوق أنقاض العنصرية والطائفية والميليشيات، وما عنت إلا مصافحة الشرق والغرب بدلاً من تصدير الكبتاغون والمرتزقة، وفي حين يتباهى رفيق الحريري بطلاب علمهم ووظائف اأتاحها وجسور شيّدها ومدن عمّرها، يتباهى قائد الميليشيا – على رؤوس الأشهاد – بالصواريخ والمسلحين.

ومع ذلك أقول إن الحفاظ على الحريرية السياسية تحد، وذلك لجملة أسباب، هامشها هو حملات التشويه التي ينسجها حلف الأقليات بالتكافل مع اليسار الطفولي، أما أساسها في مكان آخر، وهو الهجر العربي للبنان، وكان سنة لبنان بمنأى عن الإسلام السياسي والعسكرة بسبب الطبيعة الاجتماعية والثقافية وبسبب الاحتضان العربي، وهذا الاحتضان أصبح بارداً، وإن كانت أسباب البرود مفهومة لكنها لا تبرر الهجر، فمعلوم أن دول الاعتدال العربي تخوض حرباً محقة وصادقة ضد الاسلام السياسي، وفي بعض الدول لولا تزوير الانتخابات لحصد الاسلام السياسي أغلبيتها، أما في لبنان فمن دون أي تزوير لم ينجح الاسلام السياسي السني في حصد أي مقعد سنة 2018، وفي انتخابات 2009 لم يحصل الا على مقعد واحد على سبيل المجاملة، وهذا النجاح السني في لبنان سببه انعكاس الحريرية السياسية للنهج الخليجي القائم على التنمية، بينما ما وجد بعض العرب علاجاً للإسلام السياسي إلا العسكرة كدواء مرّ في دول وسام في دول أخرى، فلماذا نلقي بالهجر سنة لبنان – وهم بوابة الشام – في هذا الأتون الفظيع، والاستخفاف بالأثر اللبناني ليس في محله فالنار من مستصغر الشرر. وما يثير القلق هذه المرة هو أن الانهيار الاقتصادي قد شوه شكل المجتمع ومعناه، ومع توالي الانكسارات والهزائم قد يتساءل بعض السنة، لماذا لا نتشبه بأعدائنا؟، وتلك الطامة الأشد، فمحاربة الإسلام السياسي الشيعي لا تكون بالإسلام السياسي السني، بل بمنطق الدولة والمواطنة، ولا تجوز معاقبة السنة بالعسكرة مع أن البلوى من الاسلام السياسي الشيعي وفيه.

إن سنة لبنان هم الحلفاء الطبيعيون والدائمون للعرب في الحرب ضد إيران، وما يجري أن بعض الآراء العربية – بلا قصد – تكافئ الميليشيات المتأيرنة بغير طريقة: اعتبار لبنان كله “حزب الله”، وترك الحزب الإلهي ينام هانئاً في فراشه بإضعاف خصومه، وإغفال أن الحرب على إيران وأدواتها ركن أصيل في محاربة الاسلام السياسي مع غايتي تحرير الأرض وصون السيادة. والقصد في هذا الإطار: أن رفاه الاسلام السياسي الشيعي محرّض على إنعاش الاسلام السياسي السني، كما أنه إذا كانت مقاطعة الدولة اللبنانية مطلوبة بسبب تغلغل الميليشيا المتأيرنة فإن مساندة اللبنانيين عموماً والسنة خصوصاً في معركتهم ضد تلك الميليشيا – ومن خلفها – واجبة، وأخيراً التأكيد على أن الطبيعة تكره الفراغ، والظمآن إذا استبد به العطش لن يبالي بهوية ونوايا من سيسقيه الماء ولو كان ماء مالحاً.

4- تمكين الدستور واستعادة الدولة:

وما ازدهرت الحريرية السياسية وأثمرت لولا انضواؤها في كنف الدولة، ولا أتعجب من أن يكون سنة لبنان في كرب ما دامت دولتهم في كرب، كما أنه لا يمكن أن يكون سنة لبنان بخير الا والعرب بألف خير.

تآمر تحالف الأقليات على الدولة اللبنانية وعلى أهل السنة والجماعة، ومن مظاهر هذا التآمر التهميش الممنهج لدور رئيس الحكومة، وإقرار قانون انتخابي سقيم، وفرض أعراف ما أنزل الله بها من سلطان لتطغى على الدستور والقوانين. فكانت النتيجة هي ما نراه اليوم من انهيار واهتراء.

لذلك، فالانقلاب على الأوضاع البائسة الراهنة يستدعي تقويم الاعوجاج، بقانون انتخابي سليم، والكفر بأعراف تحالف الأقليات، وأخيراً استعادة دور رئيس الحكومة وتعزيزه.

من باب التهويل على السنة وعلى بعض القوى السيادية، يجري التلويح من قبل أبواق الممانعة بعقد مؤتمر تأسيسي ينسف اتفاق الطائف. وحين نعود الى ظروف ذلك الاتفاق نلاحظ أنه كافأ من قاطع الاقتتال الأهلي وتمسك بوجود الدولة وانتظامها، وأسهم في هذه النتيجة في توافر قدر معقول من التضامن العربي، ورغبة المجتمع الدولي في عدم مكافأة قوى الفراغ والارهاب، لأن الاستسلام لتلك القوى سيدفع الآخرين الى تبني التغيير بالارهاب وبالتعطيل في لبنان وفي غيره، ولذلك آثار مدمرة في المنطقة وفي العالم.

ومن باب المنطق، لا تستقيم مكافأة قوى الإرهاب والفراغ في زمننا هذا، لكن الظرف الإقليمي والدولي في حالة سيولة مخيفة، والأخطر هو الجفاء العربي للبنان، لذلك يستدعي الحال 3 خطوات جوهرية لتحقيق قدر من التوازن أمام الآخرين: أولاً، تحقيق التعاطف الداخلي بمواكبة مطالب الجيل الجديد، والتركيز على الدعوة إلى تطبيق الطائف، خصوصاً تأسيس مجلس الشيوخ الذي يطمئن الطوائف، وتحرير البرلمان من القيد الطائفي، والاتجاه الى لامركزية إدارية تحتضنها دولة مركزية قوية، ويضاف إلى ذلك، أن يتصدر السنة أنفسهم خطاباً تقدمياً يطالب بقانون مدني اختياري للأحوال الشخصية (ومن ذلك اقرار قانون الزواج المدني وغير ذلك)، وخلاصة هذا الخطاب بأن المواطن لن يكون تحت رحمة الأحزاب والطوائف، فالدولة الحرة المستقلة تبدأ من الفرد الحر المستقل، واذا كان الآخرون يريدون الوساطة بين اللبنانيين وبين التخلف والعصبيات، يحافظ السنة على التوسط بين لبنان وبين الحداثة والاعتدال محلياً وإقليمياً ودولياً.

ثانياً، استرداد التعاطف الإقليمي والدولي باستنفار كل السبل والعلاقات للتذكير بأن السنة هم أول ضحايا الإرهاب وهم حجر الزاوية في محاربته، وأنهم قدموا الشهيد تلو الشهيد رفضاً للمشروع الإيراني، فلم يتلوثوا بعمالة إيران والاسلام السياسي، ولم يتورطوا في غسل الأموال وفي انتداب الإرهابيين وتصدير المخدرات، كما أنهم لم يقترفوا التعطيل وضحوا بمكتسباتهم من أجل الدولة.

ثالثاً، تحقيق الاتحاد السني، بصياغة خطاب هجومي موحد استعداداً لأي مؤتمر محتمل، ويصوغ هذا الخطاب مطلب زيادة صلاحيات رئيس الحكومة، وحجتهم أنه ما تغولت الميليشيا الا بعد استضعاف رئاسة الحكومة منذ 2011، وأن الأداء الاقتصادي – بالأرقام – مع رئاسة الحكومة القوية كان ممتازاً. وفي هذا الباب تتراص بدع وافتراءات الطرف الآخر التي قادت الى الاختناق الراهن: الاحتيال على نتائج الديموقراطية ببدعتي الحوار الوطني والثلث المعطل، وتكريس حقائب وزارية لطوائف، وإطلاق رئاسة الجمهورية للتعسف على النظام البرلماني، والقانون الانتخابي المريع زاد الطين بلة.

إن الأداء السياسي لسنة لبنان بعد اتفاق الطائف، يتيح لهم المطالبة بتعزيز موقع رئاسة الحكومة، فتعزيز موقعهم يعزز نهج الاعتدال الذي يؤمنون به ويطبقونه، ويشجع الآخرين على الاقتداء بهم، ويضعف – بلا شك – المشاريع الدخيلة على المنطقة والطامعة فيها.

5- الانضواء تحت مظلة المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان:

إن الحديث عن النهوض بلبنان أو انتشاله وإنقاذه، بكل العناوين التي تندرج في هذا الإطار، من الاصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية والسياسية والعدلية والأمنية، ومكافحة الفساد، لا يستقيم مع ميليشيا خارجة عن السياق الوطني والشرعيتين العربية والدولية، خصوصاً وأن هذه الميليشيا ثبت دورها الوظيفي كأداة لاحتلال خارجي، والأحكام القضائية التي تدينها بالاغتيال وبغسل الأموال وتجارة المخدرات وتصنيفها كميليشيا إرهابية تملأ الارض، وقد شهد اللبنانيون بأم العين ما فعلته الميليشيا في الداخل، من انتهاك الدستور، وتصدير الفسدة والأراذل، وتعطيل المؤسسات، وضرب مصالح اللبنانيين وعزلهم، واغتيال القيادات الوطنية، كل ذلك يثبت أن حل هذه الميليشيات لم يعد خلافاً في وجهات النظر بين فريقين سياسيين، بل مسألة حياة لبنان واستقراره وازدهار أهله أو فنائهم وفنائه. ولعل الجملة السياسية التي يقدمها “المجلس الوطني” هي الأكثر تجاوباً وتعبيراً عن المأزق الوجودي الراهن، فهي تربط العرب ولبنان في سياق الحرب على الإرهاب والاسلام السياسي واستئصال النفوذ الإيراني السرطاني في المنطقة، وتربط السنة بالشرعية الدولية من خلال التمسك بالقرارات الدولية ذات الصلة بلبنان والمطالبة بتطبيقها، فضلاً عن أن هذه الجملة السياسية، ستصون السنة من الانجراف إلى هاوية التطرف الذي يصبح خياراً في حال عجز السياسي أو صمته.

وربما كان في انضواء الساسة السنة تحت مظلة “المجلس الوطني” فوائد أخرى داخلية، منها عزل الخلافات الشخصية والانتخابية عن الخطاب السياسي، والانشغال بتوحيد الأهداف والقيم بدلاً من توحيد الزعامة وبالتالي احترام الخصوصيات المناطقية المتنوعة والمتمايزة.

إن الدعوة إلى الانضواء تحت عباءة “المجلس الوطني”، استجابة لضرورة الدفاع عن النفس والدور والدولة والكيان العربي من جهة، ورفض للانطواء المدمر من جهة ثانية.

6- سنة “حزب الله” و”سرايا المقاومة”:

كان صمود نموذج “حزب الله” الإرهابي واستمراره سبباً لتأسيس أشباه له، كالحشد الشعبي في العراق وكالحوثيين في اليمن، ولم يلحظ الساسة العرب نموذجاً لا يقل خطورة، ألا وهو نموذج “سرايا المقاومة”، والذي يقضي بجمع أرباب السوابق من غير الطائفة الشيعية وتشكيلها في ميليشيا مسلحة، والهدف إذلال طوائفها واشاعة الجريمة في بيئاتها، ولتكون خنجراً في ظهر الخصوم إذا اشتبكوا مع الحزب.

ان التصويب السياسي على الحزب الإلهي عربياً ودولياً يجب أن لا يستثني ميليشيا “سرايا المقاومة”، لمنع استنساخها ولمنع أذاها. وان كان هذا الحديث يستظل بالمفهومين الأمني والعسكري، فإن المفهوم السياسي يستدعي حزماً آخر.

يتحالف بعض السنة – وهم أقلية – مع إيران وحزبها لثلاثة أسباب، سببان لا يرجى برؤ أصحابها: السبب السياسي الذي يصدق الدعاية الإيرانية. والسبب الاجتماعي، وأصحابه في ذيل النسيج المجتمعي لاختلالهم أو لإجرامهم. وهذه الشريحة الأخيرة تحرص الميليشيا على تمكينها وتصديرها قبل غيرها، وهنا إشادة جديدة لرفيق الحريري لم يقصدها الحزب الإلهي، كان رفيق الحريري يصدر خيرة الناس كفاءة وعلماً من طائفته ومن غير طائفته، أما الميليشيا فتجتذب الأسوأ وتنجذب الى الأسوأ، وتلك طبيعة الميليشيات. وهذه الشرائح لا دواء لها سوى النبذ الاجتماعي والسياسي.

ليبقى السبب الثالث، وهو بيت القصيد، أصحاب الوجاهة الاجتماعية والحضور السياسي الذين ظنوا أن وحدة الصف السني تعني الغاءهم أو معارضة مصالحهم، وهؤلاء يمكن نصحهم واستقطابهم، والتعويل هنا على الدور الوطني لدار الفتوى في التأكيد على أن المصلحة الوطنية تعلو على المصالح الشخصية، وفي مخاطبة الناس من جهة أخرى، بأن الانجرار خلف هؤلاء مع ثباتهم على تحالفاتهم لن يداوي الوضع العام، بل ان الثبات على تلك التحالفات سيفاقم الضرر المباشر على جمهورهم مع تردي الوضع العام أكثر.

بواسطة الإغراء بالمال وبالسلاح وبالدور السياسي تعرض ويتعرض سنة لبنان لأحلك المخاطر وأشرسها، أي تطويعهم من داخلهم واستخدامهم ليفتك بعضهم ببعض، ظهر ذلك غداة جريمة الغدر بالرئيس رفيق الحريري، والمتوقع أن ترتفع وتيرته بعد العزوف الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري مؤخراً.

ربما تساهم هذه الأفكار في إنهاء الاختراق الإيراني للبنان وربما تفشل، لكن الأكيد عدم إنكار الضرورات الحاسمة لايجاد آليات خلاقة تصد ذلك الاختراق وتمنعه من الاطباق التام على لبنان ومصادرة مقوماته السياسية والدستورية والنظامية والمصيرية، وأهل السنة هم أهل الدولة والدستور والنظام الوطني، ومصيرهم من مصائر تلك الأقانيم، ولا يمكنهم بالتالي سوى التحرك الى الامام والتوقف عن المراوحة في النقطة المأزومة ذاتها، والتي زادتها وطأة هجر المحيط العربي العام، وأمر التصدي ليس بسيطاً في سياقات المواجهات الكبرى كالتي يعيشها الكيان اللبناني برمته رسمياً وشعبياً وسياسياً واقتصادياً ومالياً، لكنه ليس مستحيلاً، بل هو ضرورة واجبة وليس مناورة ضيقة الافق أو خياراً من خيارات كثيرة.

كتب مازن مصطفى ذات مرة عن مأساة النضال الفلسطيني ما معناه: ان القارب ضيق والبحر هائج والرحلة طويلة، ويبدو أن ما انطبق على أهل فلسطين انسحب الى سنة لبنان وسوريا، فللأقدار أحكامها القاطعة، وقدر اللبنانين عموماً وأهل السنة خصوصاً أن يواصلوا النضال من أجل لبنان الدولة السيدة المستقلة، ومنع إكمال خطفه على أيدي أتباع إيران وخدامها، أي منع إكمال الجريمة الكبرى بحق بلاد الأرز، والتي كان اغتيال الرئيس رفيق الحريري أحد أبرز محطاتها الاجرامية والارهابية.

شارك المقال