وثيقة محاكمة عون إلى الأمم المتحدة وصادر يتحدث لـ”لبنان الكبير” عن “مستشار التركيبة”

محمد نمر
محمد نمر

لم يستطع مستشار القصر الجمهوري سليم جريصاتي أن يضبط نفسه، وبدلاً من مناقشة أهم الوثائق صدوراً في هذا العهد، والتي تفنّد تجاوزات رئيس الجمهورية ميشال عون وتدعو إلى محاكمته، راح إلى التشكيك بالموقّعين واختصاصاتهم. في المقابل يواصل حرّاس الوثيقة عملهم، فهي باتت متوافرة لكل اللبنانيين الأحرار الراغبين بالتوقيع عليها، فضلاً عن رحلة ستسلكها الوثيقة داخل الحدود وخارجها، إذ يؤكد رئيس مجلس الشورى السابق القاضي شكري صادر لموقع “لبنان الكبير” أن “من واجبنا كموقعين على الوثيقة أن ننقلها إلى المراجع الدينية اللبنانية وسفارات الدول الصديقة، وسنبلغ الاتحاد الأوروبي بها والولايات المتحدة وإنكلترا ودول عربية، كما سننقل نسخة منها إلى الأمم المتحدة”.

ويوضح: “قدمنا الوثيقة من منطلق وطني وليس من منطلق استفزازي، فالهدف أن يعرف العالم أجمع أن لبنان وصل إلى حالة الانهيار على كل المستويات بفضل شخص معيّن وفعل شخص معيّن”، مذكّراً بأن الوثيقة “مستند عملي وليست مستنداً تنظيرياً، كما أن المجموعة التي وقعت عليها لا تسعى إلى أي موقع سياسي أو جاه أو ما يشبه صفات الطبقة الحاكمة، بل كل ما نريده أن يبقى الشباب اللبناني في بلده وأن يعود لبنان إلى موقعه، وعندما نصل إلى ذاك الوقت سنقول حينها إننا ساهمنا، ولو بنقطة في بحر المساهمات التي تحصل. ساهمنا بإعلام العالم أجمع أن هناك أشخاصاً أحراراً يغارون على هذا الوطن”.

ولدى سؤالنا القاضي صادر عن إمكانية الادعاء على المستشار جريصاتي وفق المادة 301، يجيب: “كلمتنا علمية وليست للهجوم على أحد. نحن نصف الواقع الذي بات بمتناول كل اللبنانيين والمجتمع الدولي، وعليهم أن يعرفوا ماذا يحصل في لبنان، ولدينا الشجاعة بأن نقول الأمور كما هي”. ويتابع: “أنا لا أريد أن أتبارى مع جريصاتي ولا أن أدّعي على أحد، بل أريد أن يكون اللبنانيون شاهدين على الجهة التي أوصلت لبنان إلى هذا الانهيار، وهذا هو الأهم، فأنا لست في موقع التجادل مع الوزير جريصاتي، خصوصاً أن هناك صلة قرابة بيني وبينه، أما على الصعيد المؤسساتي فأنا أعتبر أنه لم يكن جريصاتي صائباً في تقديم التبريرات بعد نشر الوثيقة”.

ويصنّف صادر المستشارين نوعين:

“الأول هو مستشار الـ”لأ”. وعندما يأتي المستشير إليه ويطلب منه تركيب صيغة أو أمر ما، فيرد عليه مستشار الـ”لأ” بـ”لا يا فخامة الرئيس هيدي ما بتركب لأنها غير قانونية، وما شغلتي ركب أموراً غير قانونية، وأنا كمستشارك واجبي أن أقول أن ما تفعله غير قانوني”.

أما النوع الثاني، فهو “مستشار التركيبة” الذي يفهم كثيراً، لكنه يكون “مقطّع وموصّل ومخيّط”، وإذا أتاه المستشير ويطلب منه تركيب ملف ما، فتكون اجابته: “تكرم عينك”.

ويتابع صادر: “النوع الأول من المستشارين يعمل لمصلحة القضية التي وضع لأجلها مستشاراً، والنوع الثاني يريد أن يستجدي عطف المستشير ليقول له “أنا زلمتك”، وأعرف النوعين جيداً، لأني عندما كنت رئيس مجلس شورى كنت أرسل القضاة إلى الوزارات وأطلب منهم أن يكونوا مستشاري الـ”لأ”، وإذا علمت أنه سيكون القاضي “مستشار تركيبة سأعيده إلى المجلس وأمنعه من أن يرى وزارة مرة ثانية. وبالتالي الناس وحدها ستعرف أين تضع المستشار في النوعين اللذين ذكرتهما”.

ويأسف صادر لغياب رجال الدولة في لبنان، ويقول: “كان لدينا رجال دولة كالعميد ريمون اده أو الرئيس بشارة الخوري والرئيس شمعون أو الرئيس رشيد كرامي، أما اليوم فنفتقد لرجال الدولة وبات لدينا رجال أعمال يريدون تمرير مصالحهم قبل مصلحة الدولة، وهي مصالح تعبّر عن أعمال قذرة أشبه بتصرفات الـ”مافيوزو” وتسببوا بإيصال لبنان إلى هذا المكان”.

وعما إذا كانت الوثيقة ستصل إلى نتيجة ملموسة في محاسبة رئيس الجمهورية، يقول صادر لـ”لبنان الكبير”: “اليوم هناك وضع استثنائي في لبنان أوصلنا إلى ما نحن عليه، ويرتبط بخضوع السلطة السياسية لإرادة حزب حاكم. وأنا كشكري صادر وآخرون مثلي، نحن مسالمون وسلاحنا هو القلم، ولا نريد الوقوف بوجه أحد أو صناعة المعارك، ولا نحمل الأسلحة ولسنا مع الحروب الأهلية، بل نحن مع قدسية لبنان القائم على حرية التعبير التي لا تزال حاضرة فيه ومصانة أكثر من بلدان أخرى. وإذا أرادوا ضرب لبنان بالضربة القاضية فيكون بتحويل لبنان إلى دولة قمعية وبوليسية، لكن إلى اليوم، والحمدالله، بحماية الدستور لم نصل إلى هذه المرحلة. ونحن كأحرار من واجبنا أن نصرّح، لكننا لا نستطيع أن نقاوم الوضع القائم بمواجهة حزب يسيّر سياسة دولة، فهل يريدوننا أن نسكت؟”. يتابع: “من واجبنا توعية اللبنانيين، خصوصاً إذا حصلت انتخابات نيابية، وأيضاً أن ننقل الصورة إلى المجتمع الدولي، لنقول لهم إن هناك وضعاً غير صحي في بلدنا وإن الشعب لا يستطيع أن يقاوم، فالعين لا تستطيع مقاومة المخرز، كما أن بقوة السلاح أو الكباش لا نصل إلى أي نتيجة. واجبنا أن نقول إن قضيتنا قضية حق وإن لبنان يستحق أن يسترد قراره وأن نعيش بسلام وفقاً لأحكام الدستور ونصه. عودوا إلى الدستور فكل المبادئ موجودة فيه. ألم يتحدث ميثاق العام 1943 عن الحياد، خصوصاً بين بشارة الخوري ورياض الصلح؟ الثاني قال إنه سيتخلى عن سوريا الكبرى والأول قال إنه سيتخلى عن الدعم الأجنبي، هنا مبادئ الدستور”.

ويذكّر بأن “رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي حلف يمين على المحافظة على الدستور والقوانين وسلامة الأراضي اللبنانية، في الوقت الذي لم يتركوا للبنان صاحباً من المجتمع الدولي، وآخر ما حصل هو منع دخول الخضروات والفاكهة إلى السعودية”، ويسأل: “لماذا نشتم السعودية فيما تحتضن دول الخليج نحو نصف مليون لبناني، يعملون ويحولون أموالهم إلى عائلاتهم في لبنان، لماذا نعادي السعودية؟ وكيف للمملكة أن تسكت على من يشتمها عبر وسائل إعلام لبنانية وبمباركة المسؤولين في الدولة؟ لوين آخدينا؟”. ويتابع: “بعد الحرب كان لبنان وفي كل مرحلة يعبّر فيها عن وجعه، تبادر دول عدة لمساعدته والوقوف إلى جانبه، أين هي هذه البلاد اليوم؟ لماذا عاديناها ببلاش؟”.

ويؤّكد أن من المسؤولين عن إيصالنا إلى هذه العزلة “سياسة رئيس الجمهورية ميشال عون وأيضاً الطفل المعجزة الذي لم يترك لنا صاحباً في المجتمع الدولي بأكمله”. ويقول: “لو تريد السعودية أن تؤذينا لكانت طردت اللبنانيين على أرضها، لكنها لا تزال تعتبر أن لبنان كـ”الابن الضال”، لهذا السبب لا تأخذ أي إجراءات جذرية، وتخيلوا لو قالت للبنانيين في الخليج “الله معكم وهذه حكومتكم تشتمنا وما بدنا ياكم؟”.

وبالعودة إلى الحديث عن الوثيقة، يؤكد صادر أن “من واجبنا أن نكون مخلصين للدستور ولما نص عليه من تعايش واقتصاد حر، فالرئيس فؤاد شهاب كان عندما يقع في مشكلة ما يقول للجميع “فلنعد إلى الكتاب”، فيما اليوم مزقوا الكتاب ومزّقوا صفحاته وأعطوا للدستور المعاني المخالفة لروحيته ولما نص عليه”.

ويختم: “من واجبنا أن نصرخ لأن “مافي شجرة حورا وصلت عند ربنا”، فالاتحاد السوفياتي بقي 70 سنة ثم انهار، فما حجمهم أمام هذا الاتحاد؟ واجبنا أن نصرخ لأن الهواء قد يغير اتجاهه ويتركنا نعمّر بلدنا كي يعيش أولادنا فيه”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً