لودريان في “بلد جهنم”… و”شرح” للضغوط والعقوبات

رندة تقي الدين

عندما يلتقي وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الرئيس ميشال عون هل سيعيد تذكيره بجملته الشهيرة: “رايحين على جهنم إذا لم تشكل الحكومة “… قد يوافقه لودريان أن لبنان فعلاً في جهنم بسبب تعنت مسؤوليه وتعطيلهم تشكيل الحكومة”.

ومن المحتمل أن يبلغ لودريان المسؤولين بأنه إذا لم تشكل حكومة ستأتي العقوبات الفرنسية وتكون متدرجة على من يعطّل، وإذا استمر التعطيل ستأتي العقوبات الأوروبية.

زيارة لودريان هي من أجل المزيد من الضغط، وأيضاً من أجل تقديم دعم إنساني للجيش والمنظمات المدنية. وسبق لرئيس قسم الأزمات الديبلوماسي إيريك شوفاليي أن زار لبنان لتقديم الدعم للمجتمع المدني.

فرنسا وحدها اليوم مهتمة بحل في لبنان. فلا أحد من الدول الكبرى مهتم بالموضوع اللبناني لأنه أتعب العالم. فلفرنسا مصالح ثقافية واقتصادية وعلاقات تاريخية بهذا البلد ولا يمكنها تركه في جهنم. وهي البلد الوحيد الذي بإمكان رئيسه ايمانويل ماكرون دفع المؤسسات الدولية والأسرة الدولية للتعبئة لتقديم الدعم إلى لبنان إذا وافق الطرفان المتخاصمان على تشكيل حكومة تنفذ إصلاحات فعلية. ماكرون أثبت ذلك عندما نظم مؤتمر سيدر الذي لم يتم تنفيذه من الأطراف المتخاصمة. أضاع لبنان ثلاث سنوات من دون أي إصلاح. زار ماكرون لبنان مرتين بعد انفجار المرفأ وأثبت قدرته على جمع الدعم الإنساني الدولي غداة الانفجار. تسببت نكبة الانفجار بمئات الضحايا وآلاف الجرحى ودمار وخراب المنازل، وكان ماكرون الوحيد الذي جال في دمار المرفأ وشارع الجميزة المدمر. قبله كان الانهيار المالي مع احتجاز وسرقة أموال المودعين في البنوك، ثم جائحة الكورونا التي ألمت بلبنان كما في العالم. كل ذلك وما زال المسؤولون في رأس الدولة يتركون البلد في جهنم.

لودريان آت إلى بيروت وليس في جعبته لائحة أسماء مسؤولين تحت العقوبات الفرنسية. ولكنه آت ليشرح لمن سيلتقيهم كيف ستزيد الضغوط عليهم اذا استمروا بالتعطيل. هناك من تعرفه باريس بأنه نهب مال الدولة أو حول أموال وموارد من البلد إلى سوريا وهناك من يعقد الحل السياسي. وباريس تعد لمنع البعض منهم من الدخول إلى الأراضي الفرنسية أو  توجه لهم تحذيرات أو  تقوم بتحقيقات حول ممتلكاتهم في فرنسا.

تحذير لودريان للمسؤولين الذين سيلتقيهم لن يكون جديداً بل تكرار لكل ما قاله وللموقف الفرنسي، وسيكون بمثابة شرح لما يمكن أن يتعرضوا له بترك بلدهم في جهنم.

وبرنامج زيارة لودريان لم يحدد بعد نهائياً، علما أن موعيده مع الرئيسين عون ونبيه بري والرئيس سعد الحريري تم تأكيدهم. ويرجح أن يكون هناك المزيد من المواعيد عندما يتم تحديد البرنامج النهائي.

زيارة لودريان إلى بيروت مهمة من منطلق أنها تحمل شرحاً مفصلاً للعقوبات المحتملة على الصعيد الفرنسي الوطني لكل من يلتقيهم. إلا أنها قد لا تؤدي إلى نتيجة على صعيد تشكيل الحكومة. فمن جهة جبران باسيل يعد لخلافة عمه للرئاسة ويتمسك بالثلث المعطل، ومن جهة أخرى الرئيس المكلف سعد الحريري لا يريد تسليم زمام الأمور للطرف الذي بشر اللبنانيين بجهنم. فباسيل يعتبر نفسه كالمسيح الذي لو تنازل لما بقي مسيحيون. والحريري سيخسر الشارع السني في حال استسلامه لباسيل و”حزب الله” وإيران.

وفيما تتقدم المفاوضات النووية بين إيران والدول الست في فيينا، فإن الخوف أن يكون الاتفاق على حساب لبنان مع تعزيز هيمنة “حزب الله” بالأموال التي ستأتيه من طهران فور رفع العقوبات عنها. والملفت أن لودريان يزور لبنان بعد يوم من لقائه بنظيره الأميركي طوني بلينكن في لندن على هامش مؤتمر وزراء خارجية مجموعة السبع. وهو سيثير معه موضوع المفاوضات مع إيران، كما سيضعه في صورة زيارته للبنان البعيد كل البعد عن أولويات الديبلوماسية الأميركية المرتاحة للدور الفرنسي فيه لأنه يريحها من مشكلة هي في غنى عنها.

لودريان قد يتطرق إلى الموضوع اللبناني أيضاً خلال جولة يقوم بها لاحقاً إلى الخليج بطلب من ماكرون، الذي أجل زيارته الخليجية المرتقبة إلى موعد آخر.

ما زالت فرنسا مصرة على تقديم الحوافز لحل في لبنان كما هي متمسكة أيضاً بعصا العقوبات غير الفعالة حسب ما ظهر في العقوبات الأميركية على باسيل. وقد يكون الخيار الأفضل للدبلوماسية الفرنسية أن تعلن كف العمل على موضوع لبنان وتركه في جهنم، وأن تقول للقيادات اللبنانية: عندما تتفقون نعود ونهتم بالبلد إذا بقي ولم تتم بلقنته، كما توقع إحدهم.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً