لِمَن هذا السلاح؟

الراجح
الراجح

استمعت وقرأت آخر اطلالات الأمين العام لـ”حزب الله” متحدثاً عن الطاعة لأوامر ورغبات الولي الفقيه في ايران وفي مكان آخر عن القوة الصاروخية وحتى الجوية لحزبه، ما ذكرني لا بل أخذني الى زمن الشاه حيث كانت معادلة كل ما يجري في ايران صادر عن احدى حالتين: حالة أن يأمر الشاه وينفذ الآخرون أو ينفذ الآخرون ما يتصور أي منهم بأن الشاه قد يأمر به.

اطاعة أوامر الشاه أو نيل رضاه هو القانون السائد ولا شيء سواه يعتدّ به. والى احدى أهم المقابلات الصحفية التي أجراها محمد حسنين هيكل مع شاه ايران في السبعينيات من القرن الماضي وبالتحديد عام 1975 وقبل الإطاحة بعرشه بحوالي أربع سنوات. لن أدخل في كل تفاصيل المقابلة بل الاشارة الى سؤال كان من الأهم ويصح طرحه اليوم وبالصيغة ذاتها…

“ايران تتسلح بشدة… مشترياتها من السلاح هذا العام أربعة آلاف مليون دولار وهناك تركيز في هذا السلاح على القوة الجوية وعلى القوة البحرية في الخليج، والذي يلفت نظري – ونظر غيري – هو: لِمَن هذا السلاح، ومَن هو العدو الذي تستعد له به؟”. وأضاف هيكل: “إن هذا السلاح لا يمكن – في ظني – أن يكون موجهاً الى الاتحاد السوفياتي، لأن موازين القوى ومهما كانت مشترياتكم من السلاح لا تسمح لكم بصدام عسكري معه، واذا كان ذلك اذن فسؤالي قائم: لِمَن هذا السلاح؟”.

وبالمناسبة يجب ألا ننسى أن امتلاك قوة نووية لم يكن بعيداً عن خيال الشاه في حينه، وهو يدرك حجم التكاليف لكنه أراد أن يكون لايران قنبلتها الذرية وفي ذاك الوقت كان قد أقر فعلاً برنامجاً للطاقة النووية يكلف ثلاثين بليون دولار وعلى سبع سنوات!. ورحل الشاه بثورة للشعب الايراني وبكل قواه السياسية: رجال دين وحزب توده (الحزب الشيوعي) مجاهدو خلق وفدائيو خلق وغيرهم من القوى، وتحولت هذه الثورة الى خمينية بفعل الاغتيالات والاعدامات والملاحقات وبقيت الأسباب الموضوعية للتناقضات العربية الايرانية وهذه مسألة طويلة لها جذور ضاربة في تاريخنا الحضاري والسياسي.

هذا ما يعيدنا الى طرح السؤال على الأمين العام: لِمَن هذا السلاح؟

كَون موازين القوى وهذه المرة مع أميركا واسرائيل لا تسمح بصدام عسكري معهما! اذا كانت الثورة بنظركم مدفعية وصواريخ لتدمير النظام فهذا ممكن، لكن بناء نظام جديد يقتضي أسلحة أخرى غير المدافع فأين “حزب الله” وحليفه تيار التدمير والتهجير من هذه الأسلحة الأخرى وهي بالضرورة أفكار وخطط وسياسات في الصناعة والزراعة والخدمات والعلاقات الخارجية مع عالم متعدد في قواه ومتغيّر مع صباح كل يوم.

ما نفع الرؤوس الذكية للصواريخ اذا كانت رؤوس محركيها بلا ذكاء؟؟

شارك المقال