فورين بوليسي: إسرائيل وإيران تصعيد نحو الحرب

حسناء بو حرفوش

نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، مقالاً حذر من تصاعد حدة التوتر في الشرق الأوسط وانزلاق الأمور نحو تصعيد قد يصل إلى حد اندلاع حرب بين إسرائيل وإيران، في حال العودة إلى الاتفاق النووي للعام 2015. وجاء في المقال:

“إذا عادت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الاتفاق النووي الإيراني، لن تتردد إسرائيل بتولي زمام الأمور. لقد شكلت المشاورات الشخصية التي قام بها وفد كبار مسؤولي الأمن القومي الإسرائيلي إلى واشنطن الأسبوع الماضي مع إدارة بايدن بشأن نيتها العودة إلى هذا الاتفاق، منعطفاً جديداً. فإسرائيل تعارض الاتفاقية بشدة، بحجة أن إيران ستمتلك أسلحة نووية بحلول وقت انتهاء الصفقة في العام 2030، وهي ستقوم بمجرد الامتثال للصفقة، بتحويل مليارات الدولارات إلى ركائز النظام الثوري، ليس فقط لزرع الإرهاب في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط ولكن لتدمير الدولة اليهودية نفسها. وهذه مخاطرة أبدى الإسرائيليون مراراً وتكراراً رفضهم خوضها. وبالتالي، إذا أجبرت استراتيجية واشنطن إسرائيل على الاختيار إما أن تحارب إيران التي أضعفت كثيراً حالياً، وإما أن تحارب إيران الأقوى بكثير والتي تمتلك الأسلحة النووية بعد بضع سنوات، فلا ينبغي لأحد أن يتفاجأ إذا عزمت إسرائيل على الخيار الأول. وعلى الرغم من أن محادثات الأسبوع الماضي لم تحظ تقريباً بأي اهتمام من الصحافة الأميركية، عبّر مطلعون على المناقشات عن انطباع ببدء العد التنازلي لحرب جديدة في الشرق الأوسط.

واقتضت مهمة الوفد الإسرائيلي بشكل واضح النظر في عين النظراء الأميركيين مباشرة والتأكد من صحة أسوأ مخاوفهم حول خطط واشنطن. هل بايدن ملتزم حقًا بالعودة المباشرة إلى الاتفاق النووي الذي تفاوض عليه الرئيس الأميركي باراك أوباما آنذاك، في العام 2015؟ هل حقًا عقدت الإدارة الأميركية العزم على تخفيف عقوبات النظام الإيراني بقيمة مليارات الدولارات دون السعي قبل كل شيء لتعديلات جوهرية في الثغرات الرئيسية للاتفاق النووي، بما في ذلك سلسلة من البنود التي تتعلق بانقضاء المهل المحددة وترفع القيود المفروضة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني في العام 2023 وبرنامج أجهزة الطرد المركزي المتقدم في العام 2024؟، ألم يدرك مسؤولو بايدن في الواقع تحذير إسرائيل من أن العودة إلى الاتفاق ستضاعف بشكل كارثي تهديد أمن إسرائيل؟.

لقد حصل الإسرائيليون على إجابات بـ”نعم ونعم ونعم”. وهم كانوا قد وصلوا إلى واشنطن بتوقعات منخفضة استنادًا إلى معلوماتهم الاستخباراتية حول المحادثات غير المباشرة التي تجري في فيينا. وسرعان ما تأكدت توقعاتهم وتأكد التقييم الإسرائيلي الكئيب حول تصميم إدارة بايدن على إحياء الصفقة الإيرانية دون تعديلات كبيرة بالكامل. ولا يصدق الإسرائيليون مزاعم بايدن بأنه بمجرد أن تقوم الولايات المتحدة برفع عقوباتها، سيكفي مجرد التلويح بإعادة فرضها لممارسة ضغط كافٍ على طهران (…) كما أنهم يتوقعون أن الإيرانيين سيمتثلون لشروط الإتفاق النووي بمجرد استعادته لكنهم سينتظرون أيضاً وبفارغ الصبر انقضاء المهل المحددة بالبنود، الواحد تلو الآخر، لتختفي أهم القيود المتبقية في الاتفاق في العام 2030، من أجل تخزين أكبر قدر من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة، كما يحلو لهم.

(…) وتساور الإسرائيليين شكوك جدية حول إيمان إدارة بايدن بالتفاوض حول اتفاقية أطول وأقوى. وفي هذه المرحلة، يخشى الإسرائيليون أن يضع بايدن إيران جانباً ويحول التركيز على الأولويات الحقيقية لإدارته، بما في ذلك أجندتها المحلية الموسعة وتغير المناخ والمنافسة مع الصين. وبغض النظر عن التساؤلات حول صدق الإدارة الأميركية، يعتقد الإسرائيليون أن نتائج سياسة بايدن ستبقى عينها: العودة إلى صفقة تثري وتقوي نظاماً ملتزماً بتدمير إسرائيل وتمهد أمامه الطريق لامتلاك أسلحة نووية في أقل من عقد من الزمن.

وأشار الإسرائيليون إلى أنهم لن يتسامحوا مع مثل هذا الوضع. في الشهر الماضي، لفت نتنياهو إلى الاتفاق النووي بأنه “عديم القيمة” وأصدر تحذيرًا مبطّنا لبايدن: “أقول لأصدقائنا المقربين أيضًا: لا تلزمنا الصفقة مع إيران التي تهددنا بالإبادة. لا يلزمنا إلا شيء واحد: منع الراغبين بتدميرنا من تنفيذ خططهم”. وقد قالها وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين بشكل أكثر فظاظة الأسبوع الماضي، ملوحاً بأن “الصفقة السيئة ستدفع المنطقة إلى الحرب” وأن الصواريخ الإسرائيلية “يمكنها أن تصل إلى أي مكان في الشرق الأوسط، وإلى إيران أيضا بالتأكيد”.

فهل يخادع الإسرائيليون من أجل ثني بايدن عن العودة إلى الصفقة؟ لا توجد طريقة للتأكد من ذلك (…) ولكن العمليات السرية التي قامت بها إسرائيل على مدى السنوات القليلة الماضية لفضح البرنامج النووي الإيراني، ما هي إلا نذير لما سيأتي في المستقبل، إذا تأكدت مخاوف إسرائيل حول عدم الجدية في التعاطي مع الاتفاق النووي، وإذا اقتنعت بضرورة عدم توفير شيء لإبعاد التهديد النووي الإيراني. أما الاستنتاج الذي يقول إن أفضل حليفة لإسرائيل أي الولايات المتحدة، اختارت مسارًا قد يضاعف هذا التهديد بدلاً من احتوائه، فسيزيد إسرائيل تأكداً بأنها تقف وحدها بينما تسير إيران باتجاه امتلاك قنبلة نووية، وسيدفعها ذلك بالتالي إلى تسريع التخطيط العملياتي للعمل العسكري بغية هزيمتها. وهذا هو بالتحديد الاستنتاج الذي يبدو أن الوفد الإسرائيلي حمله معه لدى عودته من واشنطن، والذي جعل من اجتماعات الأسبوع الماضي، نقطة انعطاف مهمة. فعلى الرغم من النوايا الحسنة لإدارة بايدن، من شبه المؤكد أن خطر اندلاع حرب في الشرق الأوسط آخذ في التصاعد. الأمر الذي يستدعي مزيداً من الحكمة والانتباه من قبل بايدن ومستشاريه.”

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً