عون في روما… طمأنة للحلفاء واستفزاز للخصوم

محمد شمس الدين

ما زالت تصريحات رئيس الجمهورية ميشال عون في إيطاليا تثير جدلا، تحديدا عند القوى التي تعتبر نفسها سيادية، فقد دافع عون عن “حزب الله” معتبراً أنه ليس هناك أي تأثير للحزب في الواقع الأمني اللبناني ومؤكداً أن مقاومة الاحتلال ليست إرهابا. وفي معرض رده على سؤال أشار عون: “موقف حزب الله في الداخل اللبناني مختلف بصورة كاملة عن نظرته إلى الخارج. وليس له أي تأثير بأي طريقة في الواقع الأمني للبنانيين في الداخل. أما بالنسبة إلى الحدود الجنوبية فالتعاون قائم بين الجيش وقوات اليونيفيل”. وأضاف: “حزب الله، حزب يملك السلاح وهو قام بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي، وهو مكوّن من لبنانيين من الجنوب عانوا من الاحتلال، ومقاومة الاحتلال ليست إرهابا”.

وبينما تم تداول هذا الكلام والرد عليه من عدة قوى سياسية، هناك جزء من كلام عون لم يسبّب أي ردود فعل، وهو مثير للجدل أيضا، وهذا الشق يتعلق بإمكانية تحقيق السلام مع اسرائيل، فهل يثير هذا الكلام خوف حلفاء عون الممانعين؟ وماذا عن “السياديين”؟

اعتبرت أوساط ممانعة لموقع “لبنان الكبير”: “أن كلام عون عن السلام مع العدو الصهيوني ليس بجديد، وهي تتفهم موقفه من ناحية أن التيار الوطني الحر لم يكنّ يوما العداء الأيديولوجي للعدو الصهيوني، مثل بقية القوى كحزب الله وحركة أمل، وأن التيار لطالما أعلن أنه يؤيد مبادرة بيروت عام 2002، وهذا ما أتى في حديث عون، أي تحرير الأراضي اللبنانية والسورية المحتلة من قبل العدو الصهيوني، ثم يمكن الانطلاق بمسيرة مفاوضات السلام، وبما أنه لا نية لدى اسرائيل بالانسحاب من هذه الأراضي، فرئيس الجمهورية كان يتكلم بديبلوماسية فقط”. وتابعت الأوساط الممانعة: “ليست حال كل اللبنانيين كحال المقاومة، فالبعض يطمح الى السلام على طريقة الشرق الأوسط الجديد، على الأقل الرئيس عون استطاع تغيير نظرة جزء كبير من الجمهور المسيحي إلى العداء مع الاسرائيليين، وان القيادات المقاومة مطمئنة إلى كلامه، ولا تأخذ عليه، هذا أقصى ما يمكنه أن يفعله”.

من جهة أخرى، قالت أوساط “سيادية”: “الرد على موضوع السلام مع اسرائيل يكون عند حلفائه الممانعين، لكن الخطورة بكلام عون هو اندفاعه مجددا للدفاع عن حزب الله، وهو بذلك يستفز الدول العربية والمجتمع الدولي، الذين عانوا من انفلات حزب الله في المنطقة، بل ان الحزب وصلت مواصيله إلى أميركا الجنوبية، وربما كان ليرسل وحدة خاصة للقتال مع روسيا لاجتياح أوكرانيا، لذلك إن دفاع رئيس الجمهورية عن الحزب وإعطاءه الشرعية بهذه الطريقة، يجلب المزيد من الويلات على لبنان، الذي يكفيه ما فيه”. وأوضحت: “كان يجب على الرئيس التزام المعايير الديبلوماسية حتى لو سئل عن الموضوع، لكن تعودنا من عون أن يتطرف بمواقفه، إن كان الأمر يتعلق بحلفائه فهو متشدد إلى جانبهم ويقاتل بسيفهم، وإن كان الأمر متعلق بخصومه، فهو يعاملهم كأعداء مجرمين، هذا هو وعد جهنم”.

أما القوى التي تطمح إلى التغيير في الانتخابات المقبلة، فاعتبرت أن كل هذا الكلام هدفه حرف الأنظار عن مسؤولية القوى السياسية عما آلت إليه حال البلد، وأوضحت: “هم يلهون الناس بالتصريحات المؤيدة أو المعارضة لهذا المحور أو ذاك، بينما يجب أن ينصب اهتمامهم على الواقع الاقتصادي، وكيفية النهوض من الأزمة، أي أمر غير ذلك، هو دخان ومرايا”.

مرة جديدة، الرئيس عون يُطمئن حلفاءه فقط، بينما يهاجم خصومه بقسوة. لربما كان الموضوع مختلفا، لو أن الرجل لعب دور الحكم بين اللبنانيين بدلا من أن يكون طرفا، لربما استطاع انتزاع مواقف مؤيدة من الخصوم، أو استطاع على الاقل تقريب وجهات النظر. وهو فعلا كان لديه الفرصة لتحقيق ذلك، فقد وصل إلى رئاسة الجمهورية عبر تأييد خصمين لدودين القوات اللبنانية وحزب الله، لكنه دائما ينسى أنه رئيس جمهورية لبنان، وليس مسؤول مكتب ميرنا الشالوحي.

شارك المقال