قانون الانتخاب الطائفي المذهبي… والثغرات عديدة

محمد شمس الدين

قانون الانتخاب 44/2017، الذي تجري الانتخابات وفقا له اليوم، أدخل مفهوم النسبية على الانتخابات النيابية اللبنانية لأول مرة في التاريخ، ولكنه قسّم البلد إلى 15 دائرة، وهذا رقم كبير في بلد صغير مثل لبنان، فكيف يرى “الثنائي الشيعي” هذا القانون؟ وماذا عن الرأي الدستوري؟

أشار عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب فادي علامة لموقع “لبنان الكبير” الى أن “طموح الكتلة هو تنفيذ ما جاء في الطائف، لبنان دائرة واحدة مع مجلس شيوخ، لأن هذا الأساس إذا أردنا التفكير في حل للمشكلة الطائفية في البلد”، معربا عن أسفه “لأننا نعيد اعتماد هذا القانون الذي يكرّس المذهبية والطائفية، بدل أن نستلهم العبر التي خلص إليها الطائف بعد حرب أهلية استمرت 17 سنة”.

ولفت علامة إلى أنه “بعد انتخابات 2018، كان المشروع الأول على أجندة الكتلة هو قانون الانتخاب، وقد تواصلت مع الكتل والأحزاب السياسية الموجودة داخل السلطة وخارجها، وخلال 6 أشهر كان قد تبلور مشروع القانون وقدم اقتراح الى المجلس النيابي، وتم تحويله إلى اللجان، ومنذ ذلك الوقت القانون لا يلقى تجاوبا، أطراف لديها تحفظات، وأطراف أخرى ترفضه كليا في الأصل”.

من جهته، اعتبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين جشي أن “قانون الانتخاب الحالي لا يؤمن صحة التمثيل وعدالته، فهناك العديد من القوى التي تحظى بحضور على مستوى الوطن، عندما تقطع أوصال البلد الى 15 دائرة، لن تتمكن من الحصول على تمثيلها. على سبيل المثال لا الحصر، الحزب الشيوعي اللبناني، هو حزب عريق موجود منذ أكثر من 80 سنة، لم يتمكن من الحصول على نائب واحد، بسبب هذا القانون”.

أما عن القانون الذي يفضله، فأكد جشي أن موقفه وموقف الكتلة ومنذ زمن طويل معروف، وهو “قانون انتخاب لبنان دائرة واحدة، كي يتمثل الجميع ويصبح النائب فعلا نائب الأمة لا نائب العشيرة أو الطائفة أو العائلة”، مشددا على وجوب “التخلص من هذه المصالح الفردية”.

ورأى أستاذ القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية حسين عبيد أن قانون الانتخاب فيه العديد من الثغرات، أبرزها: “أولا، تسبب بخلل في مبدأ المساواة بين الناخبين، ففي بعض الدوائر يقترع الناخب لـ5 نواب، بينما يصل في دوائر أخرى إلى 13 نائبا. ثانيا، الصوت التفضيلي كرّس الطائفية والمذهبية، بحيث ألزم الناخب بصوت تفضيلي واحد في الدائرة الصغرى، وكان يمكن أن يسمح بصوتين تفضيلين كما يفعل العديد من الدول، حيث يعطي صوت للدائرة الصغرى وصوت للكبرى كي يتحرر الناخب من القيد المذهبي الذي يعيش فيه. ثالثا، غياب الكوتا النسائية، كان يجب فرض كوتا نسائية على الأقل في الترشيح إذا لم يكن هناك إمكان لفرضها بالمقاعد، وكان يفضل لو ألزمت كل لائحة بترشيح امرأة واحدة على الأقل، علما أن هناك مرشحات اليوم في بعض اللوائح، ولكن في دوائر أخرى لا وجود لأي امرأة مرشحة”.

أضاف: “هناك أيضا موضوع المغتربين، من الجيد أنهم ألغوا البند الذي يتعلق بحصر المغتربين ب 6 نواب فقط، ربما كان يمكن تقبل هذا الأمر لو ألغيت الطائفية السياسية لكن بوجودها ستخلق شقا بين المغتربين، الذين يتوحدون في الخارج أكثر من الداخل. اضافة الى وجود ثغرة في موضوع التوزيع، فهناك سيناريو لم يحصل عمليا بعد، ولكن نظريا يمكن حصوله، فلنفترض أن هناك لائحة غير مكتملة، استطاعت الحصول على حاصل، وفي هذه الدائرة هناك مقعد درزي، لم ترشحه اللائحة، وحصل المرشحون الباقون على أصوات تفضليية متدنية بالنسبة الى طوائفهم، وبالتالي المقعد الذي تحصل عليه كان يجب أن يكون الدرزي، ولكن بما أنها لم ترشح من هذه الطائفة، تخسر اللائحة مقعدها، ويذهب المقعد الى اللائحة الأقوى في الدائرة، وبالتالي كل الأصوات التي صوتت لهذه اللائحة خسرت تمثيلها”.

لم تستطع القوى اللبنانية الاتفاق على قانون انتخاب عادل، فهذا يريد الأرثوذكسي وذاك يريد الأكثري، ليخرج في النهاية قانون هجين غريب عجيب مليء بالثغرات، يكرّس الطائفية والمذهبية، وبدل اعتماد الدوائر الكبرى على الأقل، إن لم يكن بالمستطاع الحصول على لبنان دائرة واحدة، فُرض قانون انتخاب مفصّل على قياس بعض القوى السياسية، وتخاض على أساسه، إحدى أهم الانتخابات في تاريخ لبنان.

شارك المقال