صيدا – جزين: 7 لوائح وغموض ينذر بمفاجآت

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

ترتفع حدة المنافسة في معظم الدوائر الانتخابية، الا أن حرارتها في دائرة الجنوب الأولى صيدا – جزين تزداد بين اللوائح السبع المتنافسة الساعية الى تأمين فوز محقق أو شبه مستحيل، لا سيما بالنسبة الى شخصيات وقوى حزبية لم تكن صياغة تحالفاتها مدروسة لضمان الوصول الى مقاعد البرلمان العتيد. لذلك، من الصعب جداً وضع توقعات، فالأمور مفتوحة على مفاجآت قد تحملها صناديق الاقتراع عند الانتهاء من فرز الأصوات، كما أن مقاطعة تيار “المستقبل” تربك حسابات معظم القوى السياسية لما له من قدرة تأثيرية لدى الناخبين السنة، وسط تساؤلات عما اذا كان هذا القرار سيبقى على حاله أم تتغير الأمور في اللحظات الأخيرة لترفع من نسبة الاقتراع وتطيح بكل التوقعات وتغيّر المسارات؟.

إذاً تختلف الصورة الانتخابية في صيدا – جزين عن غيرها من الدوائر الجنوبية، فالصراع الانتخابي يدور حول التمثل بخمسة مقاعد: مقعدان للموارنة، مقعدان للسنة ومقعد للروم الكاثوليك. ومن هنا تبدو صعوبة المعركة الانتخابية وتعقيداتها لا سيما مع غياب تيار “المستقبل” عن الصورة ترشحاً وانتخاباً أو دعماً لأي مرشح، التزاماً بقرار الرئيس سعد الحريري على الرغم مما شاع عن دور تقوم به النائب بهية الحريري، التي تغيب عن خوض المعركة الانتخابية اليوم بعدما شغلت مقعداً للسنة في صيدا منذ انتخابات العام 1992 وفي الدورات اللاحقة. ونفت الحريري ما يقال، مؤكدة الالتزام بقرار المقاطعة.

في الصورة الانتخابية لم تستطع “الجماعة الاسلامية” دخول باب استحقاق 2022، بسبب نقمة الناس على مواقفها من دعم “التيار الوطني الحر” في انتخابات 2018، وقررت سحب مرشحها، لكنها في المقابل شددت على أنها لن تقاطع الانتخابات وستصوّت لمن تراه مناسباً.

وبالطبع تبقى العين مفتوحة على التحالف الجديد بين النائب أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، لاسيما أن التنافس الانتخابي بين العائلتين معروف تاريخياً، والظاهر أن ما فرقته انتخابات 2018 جمعه استحقاق 2022. فسعد الذي تحالف في الانتخابات الماضية مع لائحة “أمل” و”حزب الله” التي ضمت النائب ابراهيم عازار، نافس البزري على المقعد السني بعد تحالفه مع “التيار الوطني الحر” ومرشح “الجماعة الاسلامية” في صيدا بسام حمود. ولا بد هنا من القول “سبحان مغير الأحوال”، فالبزري اليوم في تحالف انتخابي يخوض معركته ضد قوى السلطة وفق البروباغندا الانتخابية.

لكن الصراع الأقوى بين المرشحين المتنافسين تشهده منطقة جزين، فداخل البيت الواحد في “التيار الوطني الحر” انقسام واضح ضمن اللائحة الواحدة، بين النائب زياد أسود والنائب السابق أمل أبو زيد.

اما لجهة مجموعات المعارضة والمجتمع المدني و”ثوار 17 تشرين” فهناك صراعات وانقسامات معبّر عنها في تشكيل 3 لوائح تحت مسميات الحراك والتغيير، إذ كما في مناطق كثيرة لم تستطع هذه القوى على الرغم من الاجتماعات واللقاءات والمناقشات أن تتوحد في لائحة واحدة، ما أدى الى انقسام مرشحيها على لوائح انتخابية ثلاث، وهذا يعني تشتيت الأصوات وجعل تطبيق شعارات التغيير والمحاسبة أمراً صعباً لا سيما أن السلطة أثبتت قدرتها على إعادة إنتاج نفسها في ظل قانون انتخاب طائفي يحفظ حصص المذاهب والطوائف ويلغي مفهوم المواطنية والمساواة.

لا شك في أن يد المرشحين على قلوبهم كما يقولون، بسبب ضبابية المشهد الذي سيسود حتى يوم الاقتراع، لا سيما في ظل خفوت الحماسة للتصويت عند السنة، على الرغم من بعض المشغلات التي تدير ماكينات الانتخاب.

وحسب مصادر متابعة، فان غموض الساحة السنّية أمر واقع ومخيف بالنسبة الى المرشحين لا سيما وأن لموقف النائب بهية الحريري تأثيراً كبيراً في صيدا، على الرغم من الكلام عن أن المعركة الحقيقة ستدور حول مقعد سني في صيدا وآخر مسيحي، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك ثلاثة مقاعد يرجح الفوز بها لسعد في صيدا وعازار اضافة الى مرشح “التيار الوطني الحر” الذي تحسمه قدرة المتنافسين أبو زيد أو اسود على الخرق، وقد يطيح المرشح السني على لائحة “القوات” بالمرشحين الآخرين عبر حصد الحاصل الانتخابي.

وبحسب التوقعات، فإن هناك صعوبة في أن يخرق البزري، إذ تلفت المصادر الى أن بعض أهالي صيدا كان غير راض عن أدائه أثناء ترؤسه البلدية، علماً أنه ترك أثراً جيداً في عمله بلجنة كورونا.

وتعتبر هذه المصادر أن نقطة ضعف لائحة سعد “ننتخب للتغيير” هي البزري، لأن هناك علامات استفهام حول علاقاته وتحالفاته السابقة، بينما المرشحون الثلاثة في جزين جيدون.

اما لائحة “وحدتنا في صيدا وجزين” المدعومة من “القوات”، فهناك المرشح يوسف النقيب الذي يحسب نفسه على الرئيس فؤاد السنيورة، علماً أنه لم يتبناه رسمياً مثل المرشحين في بيروت، كما تنفي النائب بهية الحريري دعمه من تحت الطاولة كما تردد، كونها ملتزمة بقرار سعد ولن تكسره. وتوضح المصادر أن اسم النقيب جرى تداوله منذ فترة كمرشح في حال تراجع “المستقبل” عن قرار المقاطعة مع أسماء أخرى.

وعن لائحة المستقلين “نحن التغيير” التي جمعت العميد جوزف أسمر وهو شقيق أنطون أسمر القيادي في حزب “الكتائب” الذي لم يتخذ موقفاً داعماً لهذه اللائحة بعد، فحسب ما يشاع أن عملية دعمها قيد الدرس من قبل الحزب، وروبير خوري وسليمان مالك من جزين وهانية الزعتري ومحمد الظريف عن صيدا، وكانا من نشطاء الثورة ولكن لا حيثية كبيرة لهما في المدينة.

اما اللائحة الأخرى، فهي لائحة “قادرين” التي شكلها شربل نحاس، من تحالف “صيدا تنتفض” وحركة “مواطنون ومواطنات في دولة” وضمت اسماعيل حفوضة وأحمد عاصي (صيدا)، وايلي يوسف أبو طاس واميليو طوني مطر (جزين). وتصف المصادر المرشحين السنة بعدم الجدية وأن لا قدرة لهذه اللائحة على الظهور في الأرقام.

وتشير هذه المصادر الى لائحة “التيار الوطني الحر” باسم “معاً لصيدا وجزين” التي تضمّ النائبين زياد أسود وسليم الخوري والنائب السابق أمل أبو زيد (جزين)، علي الشيخ عمار الذي كان أمينا عاماً سابقاً لـ “الجماعة الاسلامية” وهو متشدد لدرجة أن “الجماعة” لا تستطيع تحمل سقف مواقفه، ومحمد القواس (صيدا) وهو عضو القيادة القطرية في حزب “البعث العربي الاشتراكي”. واللائحة المدعومة من “أمل” و”حزب الله” أي لائحة “الاعتدال قوتنا” وتضم نبيل الزعتري (صيدا) وهو لا يملك أي تاريخ سياسي، النائب ابراهيم عازار المدعوم من “أمل”، وجوزيف سكاف من جزين. وهناك لائحة “صوت للتغيير” وتضم ناشطين مستقلين هم رنا الطويل ومحمد الطاهرة (صيدا) وجوزيف متري (جزين).

وترى هذه المصادر، أن هناك حاصلاً انتخابياً مضموناً لأسامة سعد والنزاع على المقعد السني الثاني في صيدا سيكون بين البزري والنقيب الذي يسعى الى الحصول على أصوات “الجماعة”، ولم يعرف ما اذا تمكن من الحصول على تأكيدات في هذا الشأن مع استحالة التصويت للشيخ عمار، بعد سحب مرشحها وان حصل الأمر فحظوظه بالنجاح كبيرة. وفي جزين هناك حاصل محسوم لعازار وآخر لأبو زيد الذي يعتبر وضعه الشعبي أفضل من أسود. ويبقى النزاع على المقعد الكاثوليكي ومقعد ماروني، ومن غير المعروف من سيكون الأوفر حظاً من المرشحين للفوز بهذين المقعدين. وبالنسبة الى امكان فوز البزري فيعود الى قدرة سعد على تقسيم الأصوات واعطائه منها حتى يتمكن من الخرق.

ولا بد من الاشارة الى أن قرار تجيير أصوات تفضيلية لصالح مرشح من مرشحي التيار في جزين لم يحسمه “حزب الله” بعد، بإنتظار وجهة أقلام الاقتراع يوم الانتخاب.

شارك المقال