معركة خروق حامية في دائرة “البقاع الثالثة”

المحرر السياسي

إحدى المعارك الانتخابية الكبرى في رمزيتها السياسية، لا في حجم مقاعدها النيابية، تنبثق من دائرة “البقاع الثالثة” (بعلبك، الهرمل) حيث التنافس على أشدّه للعمل على تحقيق خرق من شأنه أن يكسر حصرية فوز لائحة “الثنائي الشيعي” في المنطقة على الرغم من أن مسائل عدّة تصعّب المعركة بدءاً من تعدّد اللوائح الانتخابية المحسوبة على قوى الانتفاضة والمجموعات المتخذة عناوين تغييرية واللوائح العائلية والمستقلّة، بما من شأنه أن يؤدي إلى تضعضع الأصوات. وتنحصر المنافسة عملياً بين لائحتين ذات طابع حزبي: “حزب الله” وحركة “أمل” في مقابل “القوات اللبنانية” ووجوه معارضة شيعية ومرشّحَيْن سنيَّين مدعومين من الرئيس فؤاد السنيورة هما زيدان الحجيري وصالح الشلّ. وتستمر الضغوط الثقيلة التي يعمل عليها “حزب الله” بغية سحب المرشحين الشيعة من اللائحة الأساسية المقابلة له. وسحبت الضغوط حتى الساعة 3 مرشحين شيعة من أصل 6 على اللائحة المدعومة من معارضين شيعة و”القوات”، وهم توالياً: رامز قمهز، هيمن مشيك ورفعت المصري. ولا يبدو إمكان انسحاب أسماء جديدة مسألة مفاجئة في ظلّ معطيات عن ضغوط اضافية يمارسها الحزب على ما تبقى من مرشحين شيعة لسحبهم من اللائحة.

تتنافس في دائرة “البقاع الثالثة” (بعلبك، الهرمل) 6 لوائح على الوصول إلى الندوة البرلمانية، هي توالياً: لائحة “بناء الدولة” برئاسة الشيخ عباس الجوهري ودعم “القوات” والسنيورة. لائحة “الأمل والوفاء” المحسوبة على “الثنائي الشيعي”. لائحة “ائتلاف التغيير” بمفتاح أساس هو المرشح الشريف سليمان عن مقعد شيعي. لائحة “قادرين” المدعومة من حركة الوزير السابق شربل نحاس. لائحة “العشائر والعائلات للإنماء” التي تعتبر عائلية مستقلّة مدعومة من العشائر على صعيد المنطقة. لائحة “مستقلون ضد الفساد” المؤلفة من شخصيات مستقلّة. وتعتبر لائحة “ائتلاف التغيير” الأقرب إلى حصد أصوات اضافية لناحية اللوائح المحسوبة على المجتمع المدني من اللوائح الأخرى. ولا يعتبر إمكان الخرق الانتخابي للوائح المحسوبة على المجتمع المدني والانتفاضة سهلاً باعتبار أن الحاصل الانتخابي بلغ في الانتخابات الماضية 18706 أصوات بما يصعّب المهمة في ظلّ تفرّق اللوائح المدنية.

تسلّط الأضواء على معركة تنافسية سياسية أساسية بين لائحتي “الأمل والوفاء” و”بناء الدولة”. ووفق معطيات “لبنان الكبير”، فإنّ هناك جولات على المناطق السنية في دوائر البقاع سيقوم بها السنيورة تباعاً بهدف حثّ الناخبين السنة على المشاركة في الاقتراع. وتؤكد المعطيات الدعم الذي يوليه لكلّ من المرشحين الحجيري والشل. وإذا كانت الانسحابات الشيعية قد توالت في الأيام الماضية من لائحة “بناء الدولة”، إلا أن ذلك لن يؤثر على استمراريتها حيث الغالبية مما تبقى من مرشحين تستمر في المعركة الانتخابية خصوصاً على المقلبين المسيحي والسني إضافة إلى الشيخ عباس الجوهري الذي تشير الأجواء الى أنه لن يتراجع عن الترشح على الرغم من أنه نال النصيب الأكبر من الضغوط.

كذلك، تحصر دراسات مراكز الأبحاث الجدية المنافسة في “البقاع الثالثة” بين لائحتي “الأمل والوفاء” و”بناء الدولة”. لكن، ما سيكسب الدائرة طابع منافسة انتخابية استثنائياً هو عدم القدرة على ترجيح المقاعد التي يمكن أن تشهد خروقاً حولها، باعتبار أن المقاعد السنية والمسيحية وأحد المقاعد الشيعية كلها قابلة لتكون الخروق من نصيبها. وتتركز أهداف لائحة “بناء الدولة” على الفوز بالمقعد الماروني إضافة إلى مقعد سني وآخر شيعي. والأكيد أن المعركة مفتوحة على كلّ الاتجاهات خصوصاً أن الناخب المسيحي في المنطقة معروف التوجهات المناصرة لحزب “القوات”، في وقت ستكون المعركة الانتخابية “كسر عظم” بما يرجح الاقبال أكثر من الكثيف على التصويت مسيحياً. أما سنياً، فلا تزال الاجواء ضبابية على صعيد الخيارات الممكنة على الرغم من أن الاستطلاعات أظهرت تراجع مؤشرات المقاطعة خصوصاً في المناطق البقاعية مقارنة مع المدن الساحلية. فأي نتائج ستحملها معركة الخروق الانتخابية الحامية في دائرة “البقاع الثالثة”؟

شارك المقال