الحرب الأوكرانية كرة نار تهدد أوروبا

حسناء بو حرفوش

لقد بدأت الحرب الأوكرانية بالتسلل عبر حدود البلاد وصولاً الى البلدان المجاورة بشكل يهدد بإشعال النار في المنطقة بأسرها، حسب ما حذرت قراءة للمحللة السياسية أندريا بيترز. ووفقاً للقراءة، ترتفع حدة التوتر مع تدفق الفارين من العنف والذين تخطت أعدادهم الـ 12 مليوناً إلى الدول الحدودية مثل بولندا ورومانيا والمجر وبيلاروسيا ومولدوفا وسلوفاكيا وروسيا.

ومن ضمن الحوادث التي سجلت على الحدود، “أفاد مسؤولون في إقليم ترانسنيستريا، وهو بمثابة جيب انفصالي تسيطر عليه روسيا في مولدوفا، على الحدود مع أوكرانيا إلى الجنوب الغربي، باعتراض مسيرة مزودة بقنبلة في برج لاسلكي. كما تسبب انفجاران وقعا في 26 نيسان في محطة إرسال إذاعية أخرى في منطقة أخرى في مولدوفا بأضرار جسيمة. وفي 3 أيار، أعلن ممثلو منطقة Grigoripol، التي لا تعترف مولدوفا ولا المؤسسات الدولية باستقلالها، عن إحباط هجوم إرهابي مخطط على أراضي ترانسنيستريا. وعلى الرغم من عدم تقديمهم تفاصيل، ألقوا باللوم في هذا الهجوم وجميع الهجمات الأخرى على أوكرانيا. وفي المقابل، تصر كييف على أن هذه الحوادث تندرج ضمن العمليات الروسية الزائفة.

وأصدرت حكومة مولدوفا، التي تقدمت في آذار بطلب رسمي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قانوناً يوم الثلاثاء يصرّح لشرطة الحدود الأوروبية وخفر السواحل بتسيير دوريات على حدودها. وهذا يخلق ظروفاً يمكن أن تضع، حسب مسار الحرب الأوكرانية، عناصر الأمن التابعين للاتحاد الأوروبي مباشرة على الجانب الآخر من القوات الروسية.

مولدوفا: معسكر مسلح 

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن عن نيته زيادة دعمه لمولدوفا بشكل كبير من خلال تزويد قواتها المسلحة بمعدات عسكرية إضافية وتعزيز الخدمات اللوجيستية والدفاع الالكتروني و”قدرات البناء العسكري”. باختصار، يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تحويل الدولة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة إلى معسكر مسلح. إضافة إلى ذلك، تتصاعد التوترات على طول الحدود الشمالية لأوكرانيا، حيث أعلنت روسيا البيضاء الأربعاء، عن مراجعة غير مخطط لها من قبل لجهوزيتها العسكرية. وهي تتحقق من دفاعاتها البرية والجوية وخططها القتالية وقدرتها على الاستجابة للأزمات. وليس الوضع على طول الحدود الغربية لبيلاروسيا أقل توتراً مع ورود تقارير عن مضايقة حرس الحدود البولنديين لنظرائهم بالأضواء الكاشفة. وفي العام الماضي، اندلع صراع هائل بين حكومتي مينسك ووارسو، عندما تعرض اللاجئون من الشرق الأوسط للضرب بخراطيم المياه بينما كانوا يحاولون العبور إلى الاتحاد الأوروبي عبر الحدود البيلاروسية – البولندية.

وفي أواخر نيسان، سجلت سلسلة من الانفجارات في مواقع عسكرية في ثلاث مناطق إلى الشرق من أوكرانيا – فورونيج وبيلغورود وكورسك. ووقعت حرائق غير مبررة في مستودعات الذخيرة والنفط، فضلاً عن انفجارات في الجو بالقرب من قاعدة عسكرية، قالت الحكومة الروسية آنذاك إن مصدرها أنظمة دفاعها الجوي. وذكر سكان المنطقة أنهم سمعوا طائرات مقاتلة تقلع بعد الانفجارات مباشرة. كما يُزعم أن مسيرة أوكرانية أسقطت على بعد 140 ميلاً داخل الأراضي الروسية. وقالت حكومة (فولوديمير) زيلينسكي إنها لا تنفي أو تؤكد شن هجمات على الأراضي الروسية، وهذه الطريقة تنم ببساطة عن تلاعب للاعتراف بأنها وراء هذه الأحداث مع الحرص على محاولة حماية نفسها وداعميها في واشنطن وبروكسل من تداعياتها الخطيرة. وتأتي الأسلحة والاستخبارات والتدريب التي تمكن كييف من الضرب عبر الحدود جميعها من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وبالتالي، إذا كانت أوكرانيا تلقي بالقنابل على روسيا، فهذا يعني أن الحكومات الأميركية والأوروبية تشن حرباً غير معلنة على موسكو.

وفي 30 نيسان أي بعد أيام فقط من وقوع هذه الأحداث، أعلن وزير القوات المسلحة البريطاني جيمس هيبي، أنه من “الشرعي تماماً” لأوكرانيا، ضرب أهداف داخل روسيا. ورداً على ذلك التصريح، سألت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: “هل يعني ذلك أن لروسيا الشرعية بضرب أهداف عسكرية في أراضي دول الناتو التي تزود نظام كييف بالأسلحة؟”. وتعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بوعي على التحضر لحرب أوروبية واسعة النطاق، من شأنها إن اندلعت أن تتحول سريعاً إلى صراع عالمي مدفوع برغبة واشنطن في سحق روسيا والصين تحديداً.

وناشد المستشار الألماني أولاف شولتز كوسوفو حل توتراتها مع صربيا، الأربعاء، من أجل أن تنضم “جميع دول البلقان الغربية” إلى الاتحاد الأوروبي، أي بعبارات أخرى، من أجل الانخراط بشكل كامل في حملة الحرب ضد روسيا، خصوصاً وأن المنطقة التي تمتد عبر البحر الأدرياتيكي والبحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة والبحر الأسود، تمتلك أهمية جغرافية استراتيجية كبيرة. وبالتزامن وخلال اليوم نفسه، أعلن رئيس لجنة الناتو العسكرية، الأدميرال الأميركي روب باور أن الحلف لم يعد يقيّد نفسه بموجب قانون التأسيس الروسي والناتو لعام 1997، علماً بأن هذه الوثيقة تشترط عدم تمكن الناتو من نشر أسلحة ذرية أو بناء منشآت لتخزين الأسلحة النووية على أراضي الدول التي تنضم إلى الحلف بعد تاريخ التوقيع. كما تحظر الوثيقة على الجانبين نشر أعداد كبيرة من الأسلحة النووية على الحدود. يبدو أن اتفاقية التعاون والأمن هذه باتت من الماضي”.

شارك المقال