وزير خارجية وحيد يصفق لرئيس العهد

رامي عيتاني

المشهد في وزارة الخارجية البارحة يختصر عهدا من الضياع والارباك، ففي قصر بسترس كان التاريخ يسجل المواقف للكبار في عالم الديبلوماسية… خليل ابو حمد، فؤاد نفاع، غسان تويني، وجان عبيد وغيرهم… وإذ بها تنحدر المستويات لتصبح سياسة لبنان الخارجية في قبضة شربل وهبي وخطيئتهالبدوية وتنتهي مع عبدالله ابو حبيب الذي وقف في الامس يستند إلى رئيس البلاد الذي يستند الى المرافقينالجاهزين دائما…

الحكاية مع ابو حبيب تبدأ من الشاب الذي كان يحفر عالصخر مع حزب الكتائب وكله امل بأن يصل يوما ما بعد وصول امين الجميل إلى سدة الرئاسة… وهكذا حصل… الرئيس الجميل في بعبدا وابو حبيب في واشنطن سفيرا… وهناك بدأ ابو حبيب مسيرته نحو البقاء في دائرة الاهتمام بعد انتهاء عهد الجميل. فكان اول المغادرين الذين ابتعدوا سياسيا عن آل الجميل وأول الملتحقين بالعماد ميشال عون بعد إعادة تلميعه وعودته من الخارج… ابو حبيب الذي له الباع الطويل في العلاقات الخارجية وجد لدى عون الآذان الصاغية.. اشترك مع فريق عمله الذي جهز له الوصول إلى بعبدا، فكان الفريق الذي اطلق عليه اسم فريق الساعة العاشرة يجتمع كل يوم سبت تمام العاشرة صباحا يحضره كل من ايلي الفرزلي، سليم جريصاتي، حبيب فرام، جان عزيز، وعبدالله ابو حبيب، حيث كان الفريق يقدم الدراسات والتحاليل وردود الفعل في نهاية كل اجتماع للعماد عون… ولما حان وقت الوصول إلى بعبدا بعد حفلات الشمبانيا في معراب ولائحة التنازلات في حارة حريك والاتفاق الرئاسي، ضمن عون الرئاسة بعد طول عناء وهو الذي كان لا ينام حتى تحقيق اغلى الامنيات وهي استعادة قصر الشعب.

بعدما اطمأن الرئيس عون إلى الفوز برئاسة الجمهورية قرر فرط فريق الساعة العاشرة، وفي آخر سبت لآخر اجتماع دخل عون إلى المجتمعين فجأة سائلا اياهم فردا فردا: عندما اصل الى السدة الرئاسية ماذا تريدون؟ وماذا تطلبون؟ الجميع أجاب: سلامتك… وحده ابو حبيب أجاب: لا تنساني… الخارجية الخارجية، كررها مرتين… وهكذا انفرط عقد اللقاء وذهب كل واحد إلى موقعه كمستشار او كأحد أركان العهد.. ابو حبيب بقي يحاول ويسعى لكن الأبواب كانت مقفلة ولا يدري من أين وكيف تتم العرقلة، إلى أن اجتماعا حصل في احدى الصحف (الممانعة) التي كان يتردد إليها ويساهم في كتابة المانشيت فيها، ففي هذا الاجتماع اخبروه بأن العرقلة التي تقف في مواجهة طموحك هي الصهر، وما عليك سوى خطب ود الصهر كي تسلك الطريق بسهولة إلى قصر بسترس، هذه النصيحة حملها ابو حبيب بالكثير من الجدية والحقيقة، سأل واكتشف ان أركان الصهر وفي مقدمهم منصور فاضل يعتبرون ان ابو حبيب يشكل خطرا رئاسيا محتملاً واي خطأ فيتعيينه وزيرا للخارجية هي بمثابة “اللي بيجيب الدب إلى كرمه”… لكن ابو حبيب الخبير في العلاقات العامة والديبلوماسية ذهب إلى النبع مباشرة بعدما نجح اعلامي ممانع في تأمين جلسة مع جبران الذيكان يعاني من عوارض قيصر الأميركي، وفي ذلك اللقاء نجح ابو حبيب في بسط خطته على طاولة الاجتماع وفيها ان علاقاته الأميركية ستكون في خدمة فك الحصار المالي عن باسيل، وقدم ابو حبيبب اسماء الشخصيات الأميركية الفاعلة في وزارة الخزينة ذات الصلة بهذا الملف المزعج والمقلق…

انطلق عبد الله ابو حبيب في قصر بسترس ليحقق حلمه مستعينا بولائه الكامل لرئيس العهد وصهره، فالخلافات الجانبية مع القوى السياسية والاحزاب المسيحية الأخرى لم تعد تعنيه فالرجل يستند إلى الماكينة العونية التي باتت تعتبره الرقم الصعب في وزارة اطبق عليها جبران باسيل منذ توليه مقدراتها فعين الاركان المقربين منه في داخلها وباتت الوزارة تدار من البياضة شتاء ومن اللقلوق صيفا، ومن المكانين يلبي ابو حبيب كافة المطالب التي ترد عبر المستشارين، هل يظلم الرأي العام الوزير بالحكم المبرم عليه؟ سؤال يجيب عنه المشهد العام في وزارة الخارجية حين قرر الرئيس عون أن يتفقد غرفة العمليات فيها بعد ما سهى عنه زيارة المرفأ ليتفقد المأساة فيه، ففي وزارة الخارجية كان ابو حبيب يصفق ويصفق ويطلب من الاعلاميين التصفيق. لكن لا حياة لمن تنادي، بقي وزير خارجيتنا وحيدا يصفق لرئيس العهد…

شارك المقال