انتخابات تشحيل القرع

الراجح
الراجح

القرع، كما يعرف المزارعون وربما أبناؤهم – نبات يُزرع في الأراضي الحارة الساحلية ويؤكل إما مع مادة ثانية أو لوحده مسلوقاً. أما عبارة “عم نشحّل قرع” فهي تورية لغوية يقصد بها قائلها أنه بدون شغل، لأن القرع ليس بحاجة الى “تشحيل”.

ويبدو أن حالة لبنان الاقتصادية والسياسية هذه الايام كلها تقريباً في حالة “تشحيل قرع” فالمساعدات مجمّدة، لا أميركا حرّكت صندوق النقد الدولي الذي لا يتحرك في العادة الا بأمر منها، ولا الدول الأوروبية فتحت حنفياتها المسكرة والتي اضطرت الى فتحها أمام عشرات الآلاف من المهاجرين الجائعين الهاربين من نعيم الحروب في بلدانهم سوريا، العراق، اليمن وأخيراً جهنم لبنان وغيرها طبعاً. أما الدول العربية الشقيقة فكلها “تعن وتئن” من مغامرات “حزب الله” ودوره الاقليمي والمنشغل الآن بالانتخابات النيابية لشرعنة هذا الدور ودسترته.

اذاً، لا سبيل أمام اللبنانيين سوى ما قاله الأمين العام لـ “حزب الله” منقولاً عن الحديث الشريف “أطلبوا العلم ولو في الصين” وخلاصة “العلم الصيني” في هذه الأيام “زراعة القرع”. وبالمناسبة ففي أثناء المسيرة الكبرى التي قادها ماوتسي تونغ ورفاقه من شمال الصين حتى جنوبه (حوالي عشرين ألف كيلومتر فقط) طلباً للاستقلال ولتوحيد الشعب الصيني بعد أن حوصر “الجيش الثامن” أي جيش الثورة من اليابانيين وحلفائهم في بقعة أرضية ساحلية ورملية، وبعد دراسة كل الاحتمالات ارتأى قائد الثورة ماوتسي تونغ وأركان حربه أن لا مجال للافلات من حصار الأعداء عسكرياً مع أن تعداد “الجيش الثامن” وأنصاره كانوا بالملايين، فأصدر وقائد المسيرة قراراً شهيراً أضيف الى مؤلفاته لاحقاً، شعاره بسيط “إن زراعة القرع مرحلة لا بد منها لانتصار المقاومة”. وفي دقائق بعد القرار بدأ الجيش المقاوم بزراعة القرع ليؤمن غذاءه، واستمرت هذه المرحلة حوالي ستة أشهر صمد أثناءها جيش المسيرة الكبرى على أكل القرع تمهيداً لايجاد مخرج أو مهرب من حصار القوات المعادية له. فكم سيصمد لبنان لفك هذا الحصار علينا بحسب الأمين العام لـ “حزب الله”؟

إن الشعب اللبناني وخاصة جمهور المقاومة وحلفاؤها لا يقل صبراً وحكمة عن الشعب الصيني وهو موشك على أن يدخل مرحلة “زراعة القرع” بعد الانتخابات النيابية، ولاسيما أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يبشرنا بالخير وباقتراب هطول أمطار من المساعدات المالية والغذائية.

الجديد بعد الانتخابات في موضوع “تشحيل القرع” أو زراعته هو انصراف بعض اللغويين الى تشقيف كلمة “القرع” وتركيب مشتقات منها كتأنيث الكلمة لتصبح “قرعة”، والسؤال هو أية قرعة صالحة للسلق في مجلس الوزراء؟ أو أية قرعة تثير الشهية في مجلس النواب عندما ينعقد فعلاً لا “تمثيلاً”؟ وخاصة حين “يناقش مشكلات الناس وهمومهم” وكي لا نفتح جعبة اللبناني وما تحتويه من خيال ومن مشتقات اللغة ومن توريات لأننا في حينه لا بد من أن نصل الى كلمة “قريع” والتي يبدو أنها من مشتقات “القرع” أو “القرعة”.

شارك المقال