الهدنة الاقتصادية تنتهي مفاعيلها الاثنين… استعدوا لأزمات أعنف

محمد شمس الدين

دخل المرشحون مرحلة الصمت الانتخابي حتى إقفال صناديق الاقتراع، في اليوم الانتخابي الطويل، الذي يبدأ بعده “الجهاد الأكبر” كما يردد دوماً الرئيس نبيه بري، فاستحقاقات ما بعد الانتخابات أهم من الانتخابات نفسها كيفما أتت النتيجة وأياً كان الفائز: تشكيل الحكومة، الاستحقاق الرئاسي، إدارة الدولة، وطبعاً يسبق كل ذلك الاستحقاق الأهم، أي الملف الاقتصادي، الذي يؤثر مباشرة في الأمن الاجتماعي، كم سيكون سعر صرف الدولار؟ هل سيرفع الدعم عن المواد الأساسية؟ كم سيبلغ سعر ربطة الخبز؟ كم سعر صفيحة البنزين؟ هل المحروقات ستكون أصلاً متوافرة؟ هل سيعاني البلد من أزمة قمح وطحين؟ وماذا عن الكهرباء؟ طبعاً السؤال عن كهرباء المولدات، وليس كهرباء الدولة، حلم اللبنانيين الأعظم، فكيف سيكون المشهد بعد الانتخابات؟
يجمع الخبراء الاقتصاديون تقريباً على أن المرحلة ما بعد الانتخابات ستكون صعبة جداً على اللبنانيين، حتى أن المسؤولين في الأحزاب السياسية يتداولون هذا الكلام، وفي السياق، أشارت مصادر متابعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الفائز كائناً من كان، سيكون في وضع حساس أمام الشعب اللبناني، فالدولار اليوم ضبط من أجل تمرير الاستحاق الانتخابي بسلام، وهو أصلاً يكلّف خزينة الدولة ومصرف لبنان عملة صعبة من الاحتياط الالزامي لضبطه، أما بعد الانتخابات، فسيحرر الدولار لكي يصل إلى سعره الحقيقي، إلا إذا تم تدارك الأمر، وبدأت إصلاحات جذرية سريعة، أو وصلت أموال صندوق النقد الدولي”.

ورأت المصادر أن كل القطاعات متعلقة بسعر الدولار، وحسب سعره أو تقلب سعره ستستعر الأزمات، موضحة أنه “إذا استقر سعر صرف الدولار، فقد تكون هناك أزمة اعتمادات، ولكنها طبعاً ستكون أخف وطأة من حالة تقلبات سعر الصرف أو ارتفاعه، الا أن من المؤكد أن البلد سيشهد طوابير مجدداً في كل القطاعات الأساسية، وتحديداً على محطات الوقود، وقد تكون الأزمة أعنف من قبل، ومن المتوقع ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، فهناك من يقدر وصول الدولار إلى أكثر من 50 ألف ليرة، وبالتالي كم ستصبح صفيحة البنزين في هذه الحالة؟ وماذا عن ربطة الخبز؟ أي أننا أمام مشهد انفلات اقتصادي كبير، وتضخم غير مسبوق، هذا عدا عن أن خطط النهوض الاقتصادي، التي تقترحها القوى الموجودة في السلطة، لا يبدو أنها تتجه لصالح حقوق المودعين، مما يعني أنه فوق كل الأزمات، سيكون هناك غضب كبير في الشارع، الذي سيشهد في هذه الحالة قطع طرق، وتحركات ضخمة، قد تصل إلى ما يشبه العصيان المدني، وهذا يعني أن المجلس المنتخب، لن يصمد كثيراً في هذه الحالة، بل أصلاً من سيقبل تولي رئاسة الحكومة والحقائب الوزارية تحت ضغط الشارع؟”.

أما عن القطاعات التي سيشعر المواطن بأُثرها مباشرة وفق المصادر فهي: “الطحين والخبز والقمح، المحروقات على أنواعها، البنزين والمازوت والغاز، الأمر الذي سيؤثر في كهرباء المولدات الخاصة، وكذلك كلفة النقل، الدواء، الذي بدأ رفع الدعم عنه منذ مدة، وبالأمس يبدو أن الدعم رفع عن الأدوية المستعصية، وقد تصل الأمور إلى رفع دعم شامل عن الأدوية كلها. الاستشفاء لن يكون بمقدرة المواطن طبعاً، إلا إذا كان يمتلك مصدراً يدر عليه الفريش دولار، إن كان قريباً مغترباً أو عملاً مع الخارج، وهو ما ينتشر هذه الفترة بين الشبان اللبنانيين”.

أضافت المصادر: “اما الاتصالات، فالخطة المطروحة اليوم هي رفع التعرفة إلى 2.5 من سعرها اليوم، وهي ستشمل كل خدمات الاتصالات، من التخابر إلى المراسلة إلى الانترنت وباقي الخدمات. كل هذا التضخم سيؤثر في بقية القطاعات في البلد، وبالطبع لن تستطيع المدارس والجامعات الاستمرار على الأقساط نفسها، كما لن يستطيع الأساتذة والمعلمون الوصول إلى أعمالهم بسبب الغلاء الفاحش، وبقاء رواتبهم كما هي”. ولكن الأخطر من كل ذلك وفقاً للمصادر، هو السؤال: “ماذا عن القوى الأمنية والعسكرية؟ هم أقسموا على حماية لبنان وشعبه، ولكن كيف سيتمكنون من ذلك إن كانوا لا يملكون كلفة نقلهم إلى مراكزهم؟”.

انتصرت الممانعة، أو انتصر حاملو لواء السيادة في الانتخابات لا يهم، فلا شيء يستطيع تهدئة الاقتصاد، إلا العملة الصعبة، التي تدخل البلد في صورة شبه حصرية عبر تحويلات المغتربين، في ظل غياب أي خطط فعلية من المحورين المتحاربين، وحتى ما يسمى قوى التغيير، إلا في حال وصل لبنان إلى استخراج ثروته النفطية من البحر، لأن أموال صندوق النقد، إن حصل عليها لبنان، ستكون كنقطة ماء في بحر العوز، هذا عدا عن ردة فعل الدول الاقليمية في حال خسر حلفاؤها الانتخابات، وهناك من يتمنى التعادل، كي تمر على خير. وبات أكثر من سياسي يعلق في مجالسه الخاصة، بأن ما أقدم عليه الرئيس سعد الحريري من اتخاذ قرار الاعتكاف عن الانتخابات، هو “ضربة معلم”.

شارك المقال