أوكرانيا أمام شوط طويل قبل التعافي

حسناء بو حرفوش

على الرغم من النجاحات العسكرية التي تحققت حتى الساعة، لا يزال أمام كييف شوط طويل قبل التعافي، حسب قراءة في موقع “ذا غارديان” الالكتروني. ووفقاً للمقال، “تواجه أوكرانيا دماراً اقتصادياً ومعاناة المواطنين الذين تعرضوا للطرد من روسيا، عدا عن خطر تضاؤل الدعم خصوصاً قبيل الشتاء. وعلى الرغم من تصفيق مؤيدي أوكرانيا للانتكاسات العسكرية المستمرة في صفوف القوات الروسية، الحقيقة هي أن على أوكرانيا قطع طريق طويل قبل أن تتمكن من تحقيق أي نوع من النتائج المقبولة من هذه الحرب، وسيزداد الأمر صعوبة كلما اقتربت نهايتها.

ولا يتعلق الأمر بالأراضي الشاسعة الخاضعة للسيطرة الروسية وحسب، إذ لا يزال يتعين على أوكرانيا القتال لتخفيف معاناة مواطنيها تحت الاحتلال العسكري، بل هناك أيضاً الجوانب السياسية والاقتصادية للحرب، والتي غالباً ما تعرضت للتجاهل مثل التفاصيل التكتيكية اليومية للكوارث العسكرية الروسية التي تسببها روسيا في كثير من الأحيان. ويحظى التأثير الاقتصادي للحرب الآن بمزيد من الاهتمام، الذي لا يتركز على القصف المستمر للبنية التحتية المدنية الأوكرانية بواسطة الصواريخ بعيدة المدى وحسب، ولكن أيضاً على الآثار العالمية لمحاصرة الصادرات الأوكرانية التي تشمل الإمدادات الغذائية الحيوية للمناطق الأخرى. كما دار الكثير من الحديث حول من سيموّل إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب. ولكن هناك سؤال أكثر إلحاحاً: كيف يمكن الحفاظ على الدور الحيوي لأوكرانيا في إطعام العالم؟

يمثل تضييق روسيا الخناق الاقتصادي تحدياً سياسياً إضافياً لأوكرانيا في ظل استمرار الحرب. وهناك بالفعل ضغوط على كييف لتقديم تنازلات لموسكو، وسوف تزداد مع تمدد التأثير الاقتصادي الأوسع. وفي حال تقدمت أوكرانيا إلى ما وراء خط السيطرة قبل الغزو، وحررت شبه جزيرة القرم المحتلة، فإن هذا سيطرح على مؤيديها المزيد من الأسئلة الجادة، علماً بأن هذا ليس عذراً للاقتراحات بأن أوكرانيا يجب أن تمنح المعتدي قطعة من أراضيها من أجل راحة بال فلاديمير بوتين. وبينما تتواصل النجاحات العسكرية لأوكرانيا، مدعومة من المزيد من داعميها الغربيين، يبدو أن العديد من هذه النجاحات لا تزال ناتجة عن إخفاقات روسيا في الكفاءة العسكرية بقدر ما هي نتيجة للبراعة الأوكرانية.

ومع استمرار الحرب، ينبغي عدم استبعاد وصول روسيا في النهاية إلى استخدام أكثر منطقية للموارد العسكرية والقوى البشرية. وفي الوقت الحالي، يتساءل بعض مراقبي روسيا المخضرمين عما إذا كان هذا يشير إلى احتمالية حدوث هزة في الجيش الروسي أو حتى إدارة الحرب بشكل عام. عدا عن ذلك، هناك احتياجات حيوية أخرى لأوكرانيا سيكون من الصعب تحقيقها أكثر ضد الجيش الروسي.

ووفقاً لاحصاءات روسيا، تعرّض أكثر من مليون أوكراني للترحيل إلى مناطق نائية من روسيا. ولن تنتهي الحرب بالنسبة الى أوكرانيا حتى تسترد شعبها، ومن المرجح جداً أن تحتجز روسيا الكثير منهم رهائن كقوة ضغط بمجرد انتهاء القتال، بالطريقة نفسها التي احتجزت بها موسكو عشرات الآلاف من السجناء البريطانيين والأميركيين. وهذا يعني أن الحرب تعتمد كورقة مساومة بعد فترة طويلة من نهاية الحرب العالمية الثانية.

ومع إدراك تكاليف دعم أوكرانيا في جميع أنحاء أوروبا، واستمرار الحرب مع احتمال ظهور شتاء آخر تترافق وزيادات شرسة في أسعار الطاقة، قد يتضاءل دعم أوكرانيا للقتال بين قادة دول الاتحاد الأوروبي الغربية وشعوبها. سيكون هذا تحدياً مستمراً ليس لأوكرانيا وحسب، ولكن أيضاً لداعميها الذين يرون بوضوح أن هذه ليست حرب أوكرانيا فقط”.

شارك المقال