انهيار حكومة بينيت؟

زاهر أبو حمدة

صحيح أن الانتهازية موجودة في السياسة، لكنها في دولة الاحتلال “أوفر دوز” أكثر من تصورها. استغلت النائب في الكنسيت عن حزب “ميرتس” غيداء ريناوي الزعبي، الظرف الحكومي لتعلن استقالتها من الائتلاف الحكومي. هو استغلال مركب واضح الأهداف، فأولاً، تذرعت بـ”عنف الشرطة الإسرائيلية في المسجد الأقصى وخلال تشييع شيرين أبوعاقلة”، ومنددة في رسالة موجهة إلى رئيس الوزراء ووزير الخارجية، بسياسة الحكومة تجاه “عرب إسرائيل”. لكن اللافت ما كتبته بالعبرية في وسائل التواصل الاجتماعي أنها استقالت بسبب ما يحصل في “المسجد الأقصى وجبل الهيكل”، بينما حين كتبت بالعربية قالت “المسجد الأقصى وقبة الصخرة”. وكأن الجمهور لن يعرف الفرق في الترجمة وكيفية شراء المزاج الإسرائيلي وكذلك المزاج الفلسطيني عبر فبركة العبارات والمصطلحات. وهي نفسها صمتت سابقاً عن أحداث الشيخ جراح وباب العمود وما حدث في القدس وغزة، وكذلك سكتت لأيام بعد اغتيال أبو عاقلة. وثانياً، تكمن القصة كلها في أنها تريد أن تكون قنصل إسرائيل في شنغهاي، وهذا ما لم يستجب له نفتالي بينيت ويائير لبيد. فضربت العصافير ببعضها بحجر الاستقالة ليسلط الضوء عليها ويصبح مصير الحكومة بيدها، بعدما بات الائتلاف الحكومي في الكنيست بقيادة بينيت، أقلية مؤلفة من 59 عضواً بدلاً من 61، بعد انسحابها.

وبالتالي، أصبحت السيناريوهات معقدة لبقاء الحكومة أو عودة بنيامين نتنياهو. ولذلك ذهب رئيس “القائمة العربية الموحدة” منصور عباس، إلى بيتها في محاولة لاسترضائها واعادتها إلى الائتلاف. وهي تؤكد أنها في هذه الأثناء ستدعم الائتلاف، لكن إذا قررت عدم ذلك، يكون حل الكنيست واقعاً لا محالة. وهكذا يصبح بينيت رئيساً انتقالياً خلال ثلاثة أشهر تجري فيها انتخابات جديدة. وما يجعل هذا السيناريو ممكناً هو اعلان حزب “الليكود” برئاسة نتنياهو، أنه سيرفع مشروع القانون لحل الكنيست في غضون ستة أيام. وإذا نجحت المعارضة في حشد الغالبية للاقتراح ربما سينتهي المشوار السياسي لبينيت نهائياً. وهنا سيكون صوت “القائمة العربية المشتركة” بقيادة أيمن عودة وأحمد الطيبي مرجحاً، علماً أن القائمة ترفض حتى الآن رفع الغطاء عن حكومة بينيت، كي لا يعود نتنياهو. وهذا حال “الموحدة” أيضاً؛ أما ما يثير السخط الفلسطيني في الأمر فهو كيف لفلسطينيين أن يمدوا بعمر حكومة الاحتلال؟ معروف أن لكل مكان خصوصيته، لكن هل هناك فرق بين حكومات القتل والاستيطان؟ أليس من مصلحتنا تخبط الاحتلال سياسياً؟ الإجابة ربما تكون كاشفة عند معرفة أن الانسحاب من اللعبة أفضل من المشاركة فيها في أحيان كثيرة. الانسحاب فيه ربح مضمون بدل المشاركة والخسارة المستمرة.

في المقابل، هناك سيناريو بقاء الوضع الحكومي على ما هو عليه. أي ألا ترفع المعارضة مشروع حل الكنيست خوفاً من التصويت ضده بالغالبية وخسارتها جولة، فبقاء الحكومة بغطاء برلماني قليل مفيد لنتنياهو ومن معه لتمرير قوانين أخرى وتواصل الضغط على بينيت. ويمكن اللجوء أيضاً الى سيناريو من خارج الصندوق بتشكيل حكومة بديلة من الكنيست نفسه بعد حجب الثقة عن الحكومة الحالية، وهذا مستبعد في إسرائيل لأن الانقسام الحاد بين الأحزاب يفرض غلبة طرف على الآخر حتى الآن.

ووفقاً لاستمرار الكباش السياسي الداخلي الاسرائيلي، يعني أن التفريغ سيكون ميدانياً لا سيما في القدس والضفة، وربما يتطور إلى غزة. فحكومة بينيت تحتاج الى الظهور بثوب القوي المتماسك، في حين ربما يكون الميدان هو انهيار الحكومة كلياً ولو كانت مدعومة من البيت الأبيض.

شارك المقال