“حكومة المجلس”… مواقع طائفية بدون صلاحيات

محمد شمس الدين

شهد مجلس النواب أول من أمس معركة حقيقية لم يشهدها من قبل، على موقع نائب رئيس المجلس، اذ لطالما كانت تعيّن شخصية في هذا الموقع توافقياً منذ الطائف، وحتى في أعتى أيام الانقسامات. وتم التداول في أسماء عدة لتولي المنصب منها ملحم خلف، سجيع عطية، غسان سكاف والياس بوصعب، لتنحصر المنافسة في نهاية المطاف بين الأخيرين. كما شهدت الجلسة منافسة على مواقع هيئة مكتب المجلس، أمينا السر والمفوضون الثلاثة – والتي جرت العادة أيضاً أن يعيّنوا توافقياً – قبل أن ينسحب النواب التغييريون، ويفوز أمين السر الثاني والمفوضون الثلاثة بالتزكية. وربما هي المرة الأولى التي يشهد اللبنانيون هذه المنافسة على هيئة مكتب المجلس، فما هي صلاحياتها حتى اشتدت المنافسة على مواقعها؟

نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، وصف في حديث لموقع “لبنان الكبير” هيئة مكتب مجلس النواب بـ”حكومة المجلس”، موضحاً أن “الهيئة هي التي تدرس جدول الأعمال وتحضّره، وتنظم عمل المجلس وما يعرض على الهيئة العامة، ولكن كلها بموافقة الرئيس، حتى أن نائب الرئيس ليست لديه صلاحيات فعلياً، بل هو يحل مكان الرئيس في الجلسات التي يتولاها، ويمكنه ترؤس جلسات اللجان المشتركة حسب النص”.

وعن المعركة التي حصلت في جلسة الثلاثاء على مقعد نائب الرئيس، علق الفرزلي مبتسماً: “أشكروا من جعل من نيابة الرئاسة موقعاً”.

من جهته، أشار النائب السابق بطرس حرب لـ”لبنان الكبير” الى أن “نائب الرئيس يحل مكان الرئيس بترؤس الجلسة في حال اضطر الى الخروج لسبب ما. وإذا كان نائب الرئيس غائباً أيضاً، يتولى إدارة الجلسة إما الأكبر سناً، أو يتم اختيار نائب لترؤسها. وأصبح هناك تقليد في مجلس النواب أن يترأس نائب الرئيس جلسة اللجان المشتركة، عندما يكون هناك ملف مشترك بين أكثر من لجنة، وفي حال غيابه يكلف أحد رؤساء اللجان تولي الجلسة، ويستطيع رئيس المجلس أن يتولى رئاسة جلسات اللجان، ولكنه عادة يحترم توزيع العمل، ورؤساء اللجان يتولون جلساتهم. إضافة إلى ذلك، فإن نائب الرئيس هو عضو في هيئة مكتب المجلس، التي تمتلك صلاحيات إدارية واسعة في المجلس، أهمها وضع جدول الأعمال، وتلقي الشكاوى والاعتراضات التي تتعلق بمحاضر الجلسات، أو الشكاوى المقدمة ضد الحكومة وتبت بها، بمساءلة أو إجابة أو شكوى تعرض على هيئة مكتب المجلس، وتتحول إلى الوزير المختص، الذي عندما يأخذ جوابه، ينصرف أو يطلب عقد جلسة لمناقشة الموضوع. وكذلك تضع الهيئة الموازنة للمجلس، وتعيين الموظفين، بآلية شبيهة بآلية التعيين في الادارات العامة، وكذلك تبت بأمر الترقيات العسكرية وفق الآليات المتبعة للقوى العسكرية والأمنية خارج المجلس، إلا أن الرئيس هو الذي يعيّن الموظفين ضمن الملاك”.

وعن الفرق بين نائب رئيس مجلس النواب ونائب رئيس الحكومة، أوضح حرب أن “نائب رئيس المجلس محددة صلاحياته في النظام الداخلي لمجلس النواب، أما نائب رئيس الحكومة فموضوعه مداه أبعد، يتعلق بصلاحيات شخصية لرئيس الحكومة. وفي حكومات التوافق الوطني كان نائب الرئيس ذا توجه مختلف عن رئيسه، وبالتالي إعطاؤه الصلاحيات قد يسبب شرذمة في الحكومة، فقد يكون توجهه بوضع جدول الأعمال معاكساً لإرادة الرئيس، وكذلك هناك صلاحيات لا يمكن نقلها من الرئيس إلى نائبه، وتم الطلب سابقاً أن يوضع نظام أساسي لمجلس الوزراء لتحديد صلاحيات نائب الرئيس ولكن أي مشروع على هذا النحو لم يبصر النور. وأنا شخصياً كنت قد تناقشت مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، رحمه الله، في هذا الأمر، وكان رده أنه لا يمانع أن يأخذ نائب الرئيس بعضاً من صلاحياته، شرط أن يسمّيه بنفسه، كي يكون من خطه السياسي نفسه، وكان محقاً في طلبه كون نائب الرئيس قد يسير بعكس توجهاته وخططه، ويسبّب انقسامات في الحكومة، بعكس موضوع نائب رئيس مجلس النواب، فيمكن أن يكون الرئيس ونائبه من توجهين مختلفين ولا يؤثر هذا الأمر على عمل المجلس”.

يبدو أن التنافس الذي اشتد في جلسة الثلاثاء على المواقع، هو بسبب المحاصصة الطائفية أكثر مما هو من أجل خدمة اللبنانيين. فالخدمة مصطلح يغيب عن مؤسسات الدولة في لبنان، بينما في الخارج أًصبح النواب والوزراء وموظفو الدولة، يوصفون بلقب “موظف خدمة عامة”. وفي بلدنا الموقع أصبح يعطي قيمة للشخص، بدل أن يجتهد شاغله كي يعطي للموقع قيمة، ويكون في خدمة المجتمع.

شارك المقال