ليسوا طفاراً

عصام صالح
عصام صالح

هل أصبحت بعلبك فجأة بهذه الصورة السلبية؟ ما حصل هو تراكم عمل اعلامي سلبي من وسائل الاعلام كافة تجاه بعلبك وأهلها. فمنذ مدة ليست قصيرة، انتهج الاعلام على وجه العموم، خطة الإضاءة على المشكلات في بعلبك، الأحداث الأمنية فيها، على دموية بعلبك، كأن كلمة السر الإعلامية هي لصبغ بعلبك بصورة الخارجة عن القانون، ونعت أهلها بـ”الطفار”.

بعلبك ليست مدينة خارجة عن القانون وأهلها ليسوا طفاراً، بعلبك والكل يعرفها من القاصي إلى الداني وآثارها بلغت بشهرتها من الأرض الأقاصي. أهل بعلبك وكما هو معروف عنهم كرمهم، شهامتهم وعاداتهم الجميلة في مساندة المظلوم ومساعدة المحتاج، بعلبك التاريخ، بعلبك الآثار، بعلبك الرومان.

عند أي حدث فرح أو بهجة، نجد الإعلام خجولاً في التفاعل، حتى أن المهرجانات والنشاطات تمر في خبر معتاد على المحطات المرئية، بينما نرى المهرجانات في المناطق الأخرى تحظى بالنقل المباشر المجاني غير المدفوع. أما إذا حصل إطلاق رصاصة فنجد مراسلي الاعلام الحربيين قد انتقلوا بعدتهم وعتادهم للتغطية، وللتحليل وأحياناً لبخ السموم الطائفية والمناطقية، مما يدفع ذلك في بعض الأوقات الى تأجيج الخلافات، وليس للجمها أو معالجتها. ألا يكفي هذه المنطقة حرماناً مزمناً من أبسط حقوقها المدنية والاستشفائية والحياتية حتى يحرمها هذا الاعلام أيضاً من صورة الفرح؟

هل يعلم هذا الاعلام، أن بعلبك من المناطق النادرة التي بقي اختلاط سكانها المذهبي والطائفي طوال فترة الحرب الأهلية، ولم يحصل فيها قتل على الهوية أو إغتيال طائفي؟

أيدري هذا الاعلام أن البعلبكيين وضعوا الكتف على الكتف وقاتلوا الصهيوني وكانوا بندقيةً واحدة في وجه الإسرائيلي من عرسال إلى الهرمل إلى اليمونة إلى دار الواسعة إلى اللبوة إلى بوداي؟

هل يعلم هذا الاعلام أن بعلبك هي من أغنى المناطق الزراعية في لبنان؟

هل يعلم هذا الاعلام أن هناك صناعات يدوية في بعلبك لا تزال حتى الآن تحافظ على تراثها كالسجاد في الفاكهة والأجراس في دير الأحمر، وأن هذه الصناعات إنقرضت من كل لبنان وصامدة في بلاد بعلبك؟

هل يعلم هذا الاعلام أن هناك مهرجانات تدعى مهرجانات بعلبك الدولية وهناك مهرجانات سيدة بشوات ورأس بعلبك والقاع؟ هل يعلم هذا الاعلام أن هناك نهراً يدعى نهر العاصي وأن الرافتينغ، والكاياك والرياضات المائية والمشاريع السياحية تأخذ مكانةً عالمية؟

هل يعلم هذا الاعلام أن الإشكالات متنقلة في كل لبنان، وأن تجارة المخدرات رائجة في كل المناطق، وأن السلاح المتفلت لا يميز منطقة عن منطقة، وأن السرقات والسلب والسطو لا تميز طائفة عن طائفة؟ هل يعلم الاعلام كل هذا؟

…إتقوا الله في بعلبك وأهلها ولتعلموا جيداً أن بعلبك ليست خارجة عن القانون وأن البعلبكيين ليسوا “زعراناً” ولنتأمل للحظة… أهل بعلبك ليسوا طفاراً.

شارك المقال