بين العمر المديد والقصير… الحكومة تموت في مهدها

هيام طوق
هيام طوق

اليوم تحط رحلة الاستشارات النيابية في قصر بعبدا بعد أيام شاقة وطويلة من التفاوض والنقاش بين مختلف القوى السياسية للتوافق على اسم واحد يسمّى لتشكيل الحكومة الجديدة، بحيث أنها المرة الاولى التي يتحول فيها الاستحقاق الحكومي الى معركة فعلية بسبب خلط الأوراق وعدم توافق الكتل الوازنة على شخصية واحدة. ووصف بعض النواب ما يجري بحفلة الهرج والمرج التي سادتها كل أنواع المساومات والمحاصصات والحسابات الفئوية الضيقة الى جانب الضغوط من الخارج القريب والبعيد ما يجعل الصراع على حلبة رئاسة الحكومة غير محسوم حتى انتهاء جولة الاستشارات خصوصاً أن بعض النواب والكتل لن يعلن عن خياره إلا أمام رئيس الجمهورية.

وإذا كان التسابق رسا على اسمين هما الرئيس نجيب ميقاتي والسفير نواف سلام مع أرجحية الكفة للأول بعدما أعلنت كتل عدة عن الاسم الذي اختارته، إلا أنه وفق مصدر متابع استجدت معطيات في الساعات الأخيرة تشير الى تقاطع جهات خارجية حول شخصية مهمة خارج الأسماء المتداولة، لكن لا يمكن الافصاح عن اسمها لأن التشاور كان لا يزال مستمراً حتى منتصف ليل أمس حول مدى امكان السير بها وحظوظها بالفوز بحيث أنه اذا لم تتأمن لها أكثرية مقبولة، فسيبقى اسمها قيد الكتمان بين أطراف رفيعة المستوى في الكواليس السياسية .

وبغض النظر عن نتائج الاستشارات اليوم وعن اسم الرئيس المكلف، ينقسم المراقبون بين من يعتبر أن الحكومة الجديدة ستلعب دوراً مهماً جداً لأنها ربما ستتسلم الحكم في حال الفراغ الرئاسي المتوقع، وستتمتع بصلاحيات واسعة، في حين يرى آخرون أن عمر الحكومة قصير و”مش حرزان” الخلاف حول التأليف مع التأكيد أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية سيحصل في موعده لأن كل الأطراف تريد رئيساً جديداً، كما أن المجتمع الدولي يشدد على ضرورة اجراء الاستحقاق الرئاسي للبدء بعملية الانقاذ.

وفي ظل المناكفات بين من يريدها حكومة وحدة وطنية وسياسية، وبين من يعتبر أن المرحلة تحتاج الى حكومة اختصاصيين ومن لون واحد، يبقى السؤال اليوم: هل سيكون عمر الحكومة الجديدة أربعة أشهر لا يمكنها فيها القيام بأي اصلاح سوى بعض الترقيعات السطحية، أو انها ستكون حكومة العمر المديد الى أجل غير مسمى بحيث تنتظرها القرارات الكبرى والاصلاحات المنتظرة؟

رأى النائب رازي الحاج أن “علينا انتظار التكليف لنرى منحى الأمور، لكن نحن على قناعة بأن ليست هناك نية لتشكيل حكومة بل رغبة في الاستثمار والاستئثار بهذه الحكومة من فريق سياسي معين، يفرض شروطه في الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي، ستستمر حكومة تصريف الأعمال الى أجل غير مسمى الا اذا طرأ مستجد”.

أما النائب أديب عبد المسيح، فأوضح أن “المعطيات تشير الى أن الحكومة لن تتشكل لأن معمعة المحاصصة لا تنتهي. الحكومة مهمة جداً لكن التيار الوطني الحر سيضع شروطه والرئيس ميقاتي لن يقبل بها”.

الا أن الصحافي جورج علم أشار الى أن “الحكومة في حال تشكيلها تعتبر حكومة مهمة لسببين: أولاً، يجب أن تخطو خطوات عملية مع صندوق النقد الدولي لمواجهة الوضع الاقتصادي والاجتماعي. وثانياً، ستشرف على الانتخابات الرئاسية. وبالتالي، تكون لعبت دوراً لتسهيل عملية الانتخاب. وإن لم يحصل الانتخاب، فستتولى مهام رئاسة الجمهورية في حال حصول فراغ في قصر بعبدا”.

ولفت الى أنه “لا يمكن القول ان عمر الحكومة في حال تشكلت سيكون قصيراً لأن ذلك يعني أن الانتخابات الرئاسية ميسرة وستحصل في موعدها. واذا لم تحصل انتخابات رئاسية فيمكن أن تستمر الحكومة الجديدة أشهراً أو سنوات الى حين التفاهم على رئيس ما يعني أنها مهمة في مطلق الأحوال، لكن هناك صعوبات كثيرة لتشكيلها لأن الازمة لم تعد أزمة تكليف بقدر ما هي أزمة تأليف”.

أضاف: “في حال حصل التكليف سننتقل فوراً الى شكل الحكومة إن كانت سياسية أو تكنوقراط، ونبحث في حجمها ومن هي الجهات التي لا تود المشاركة فيها، والأهم ما هو بيانها الوزاري؟ وهل هناك من تفاهم على الاصلاحات السياسية والمالية والاقتصادية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي؟ وهل البيان الوزاري سيتطرق مباشرة الى كيفية معالجة أزمة اللجوء والنزوح في لبنان؟ مهمة الحكومة صعبة اذا تشكلت لأن الملفات المطروحة مصيرية، وهنا علينا تسليط الأضواء على القوى المعارضة والمستقلين والتغييريين”.

ورأى أنه “لا يمكن الجزم بأن لا تأليف لأن هناك عوامل غير متداولة لها دور بارز في لبنان ومنها التدخلات الخارجية. اذا كان هناك تدخل خارجي ضاغط للتشكيل فستتألف الحكومة، لكن اذا ترك الأمر للبنانيين، فنحن أمام أزمة تأليف لأننا انتخبنا أزمة ولم ننتخب مجلساً لحل الأزمة”.

شارك المقال