تحليل أميركي: إسرائيل كذبة كبيرة ومؤذية للولايات المتحدة

حسناء بو حرفوش

إسرائيل لا تمارس “حق الدفاع عن نفسها” في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إنها تقوم بعمليات قتل جماعية بمساعدة وبتحريض من الولايات المتحدة… هذه هي خلاصة المقال الذي نشره الصحافي والكاتب كريس هيدجز، الحائز على جائزة “بوليتزر” على موقع “شيربوست” (Scheerpost) الأميركي المتخصص بالأخبار والتحليلات السياسية.

وفي المقال، يعتبر الصحافي الذي شغل منصب رئيس مكتب الشرق الأوسط في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أن “كل الكلمات والعبارات المستخدمة في وسائل الإعلام من قبل الديمقراطيين والجمهوريين والرؤساء، لوصف أعنف هجوم إسرائيلي على الفلسطينيين منذ اعتداء 2014 على غزة، كاذبة! فإسرائيل لا تمارس الحق في الدفاع عن نفسها، بل إنها تقوم بالقتل الجماعي وترتكب جرائم حرب، من خلال توجيه آلتها العسكرية ضد السكان الذين يرزحون تحت نير الاحتلال ويفتقرون لأي أدوات ميكانيكية ولسلاح جوي وبحري ولصواريخ ولمدفعية ثقيلة”.

ويسرد هيدجز في مقتطفات من المقال الطويل: “(…) لقد سكنت في غزة، أكبر سجن مفتوح في العالم حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني على حافة المجاعة، ويكافحون من أجل العثور على مياه نظيفة ويتحملون الإرهاب الإسرائيلي المتكرر. لقد كنت في غزة عندما تعرضت للقصف بالمدفعية والغارات الجوية الإسرائيلية، وشاهدت الآباء والأمهات يبكون ويدثرون أجساد أبنائهم وبناتهم الملطخة بالدماء. لقد خبرت جرائم الاحتلال… نقص الغذاء الناجم عن الحصار والازدحام الخانق وتلوث المياه والخدمات الصحية الفقيرة والانقطاع شبه المستمر للتيار الكهربائي بسبب الاستهداف الإسرائيلي لمحطات الطاقة، بالإضافة إلى الفقر المدقع والبطالة المستشرية والخوف واليأس.. لقد شاهدت المذابح.

كما أنني استمعت من غزة إلى أكاذيب واشنطن. أن قتل آلاف الأبرياء وجرح الآلاف وتشريد عشرات الآلاف من العائلات ليس حربًا: إنه إرهاب ترعاه الدولة (…) وتنتهك إسرائيل من خلاله أكثر من 30 قراراً من قرارات مجلس الأمن الدولي، بالاضافة إلى انتهاكها القانون الدولي عن طريق ضمها القدس الشرقية ومرتفعات الجولان السورية وبنائها الجدار الأمني في الضفة الغربية. كما تخالف قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الذي ينص على السماح للاجئين الفلسطينيين الراغبين بالعودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، بالعودة في أقرب وقت ممكن عملياً.

(…) في الحقيقية، غير اليهود في إسرائيل هم مواطنون من الدرجة الثانية أو يعيشون تحت الاحتلال العسكري الوحشي. لم تكن إسرائيل قط الوطن الحصري للشعب اليهودي. من القرن السابع وحتى العام 1948، عندما استخدم المستعمرون اليهود العنف والتطهير العرقي لإنشاء دولة إسرائيل، ضمت فلسطين المسلمين بأغلبيتها الساحقة (…) إسرائيل ليست دولة ديمقراطية. إنها دولة فصل عنصري (…) وقد استغل اللوبي الإسرائيلي بلا خجل، نفوذه السياسي الهائل لمطالبة الأميركيين بأداء عهد الولاء الفعلي لإسرائيل (…) وأنفق اللوبي مئات الملايين من الدولارات للتلاعب بالانتخابات الأمريكية، وهو ما يتجاوز بكثير كل الاتهامات الموجهة لروسيا أو للصين أو لأي دولة أخرى.

(…) وقد دفعت إسرائيل واللوبي التابع لها بالولايات المتحدة إلى حروب عقيمة في الشرق الأوسط. هذه الحروب هي أكبر كارثة استراتيجية في التاريخ الأميركي، حيث تسرّع من هبوط الإمبراطورية الأميركية، وتؤدي إلى إفلاس الأمة في ظل الركود الاقتصادي والفقر المتزايد، وقلب أجزاء شاسعة من الكرة الأرضية ضدنا. هذه الحروب تخدم مصالح إسرائيل وليس مصالحنا.

وكلما طال أمد تبني الرواية الإسرائيلية الكاذبة، كلما ازدادت قوة العنصريين والمتطرفين ومنظري المؤامرة وجماعات الكراهية اليمينية المتطرفة داخل إسرائيل وخارجها (…) العنصرية، بما في ذلك معاداة السامية، هي أمر خطير. لكنها ليست خطيرة لليهود فقط. إنها مؤذية للجميع. العنصرية تغذي لدى قوى الظلام، الكراهية العرقية والدينية وتدفعها لأقصى الحدود (…) يحتاج الجهاديون المتطرفون إلى إسرائيل لتبرير عنفهم، تماماً كما تحتاج إسرائيل للجهاديين المتطرفين لتبرير عنفها. ويشكل المتطرفون هؤلاء توأماً أيديولوجياً.

ويؤدي استقطاب التطرف إلى نشوء مجتمع خائف ومعسكر، يسمح للنخب الحاكمة في إسرائيل، وفي الولايات المتحدة، بضرب الحريات المدنية باسم الأمن القومي. وتدير إسرائيل برامج تدريب للشرطة العسكرية، بما في ذلك من الولايات المتحدة. وهي لاعب عالمي في صناعة الطائرات المسيرة بمليارات الدولارات، وتنافس بدورها الصين والولايات المتحدة. كما تشرف على المئات من الشركات الناشئة في مجال المراقبة الإلكترونية التي استخدمت ابتكاراتها، بحسب ما نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في مجال التجسس.

(…) واعتمدت إسرائيل سلسلة من القوانين التمييزية ضد غير اليهود، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان قوانين “نورمبرغ” العنصرية التي حرمت اليهود من حق التصويت في ألمانيا النازية (…) كما يستخدم النظام التعليمي في إسرائيل، بدءاً من المدرسة الابتدائية، المحرقة (الهولوكوست) لتصوير اليهود على أنهم ضحايا أبديين.

ويستخدم هذا التصوير كآلة تلقين عقائدية لتبرير العنصرية وكراهية الإسلام والشوفينية الدينية وتأليه الجيش الإسرائيلي (…) ويبقى أن فشل الولايات المتحدة في الدفاع عن سيادة القانون، والمطالبة بمنح الفلسطينيين الضعفاء حقوق الإنسان الأساسية، يعكس التخلي عن الضعفاء داخل مجتمعنا. أخشى أننا (أي الولايات المتحدة) نسير في الطريق الذي تتجه إليه إسرائيل. سيكون ذلك مدمراً للفلسطينيين. وسيترك آثاراً مدمرة علينا. ولن تأتي أي مقاومة، كما يظهر لنا الفلسطينيون ببسالة، إلا من الشارع.

كلمات البحث
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً