الممثل الفاشل نجيب ميقاتي

عالية منصور

قبل أسابيع هدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بإعادة اللاجئين السوريين إذا لم يتعاون المجتمع الدولي مع بلاده في تأمين عودتهم إلى سوريا. وقال ميقاتي: “أدعو المجتمع الدولي إلى التعاون مع لبنان لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وإلا فسيكون للبنان موقف ليس مستحباً على دول الغرب”.

يحتار المرء إن أراد التعاطي مع تصريح ميقاتي على أنه تصريح مسؤول كيف يتعاطى؟ تصريح أراد من خلاله رئيس حكومة تصريف الأعمال ضرب عدة عصافير بحجر، فلبنان الذي يمر بأصعب ظروف اقتصادية ومالية لم يعرف لها مثيل في تاريخه، لا أمل له بالنهوض ولو قليلاً الا إن قبل المجتمع الدولي مساعدته ومد يد العون له مرة جديدة، فمن أين أتى ميقاتي بقوة “والا”؟ أم ظن أنه بأسلوب و”الا” قادر على ابتزاز المجتمع الدولي، وإغراق أوروبا باللاجئين؟ ألم يخبره أحد أن مراكب الموت التي تخرج من ميناء مدينته محمّلة باللبنانيين كما السوريين الذين يهربون من الجحيم الذي وصل اليه البلد؟

اما العصفور الثاني الذي توهم ميقاتي أنه قادر على ضربه فهو موقف “التيار الوطني الحر”، فتصريحه جاء قبل أيام من الاستشارات النيابية الملزمة، وكان محاولة غزل فاشلة مع التيار عله يحصل على أصواته في التسمية، ولكن لسوء حظه لم يكتفِ بعدم تسميته بل سخر من تصريحه الارتجالي الذي يفتقد لأي خطة عملية.

اما العصفور الثالث فهو تحويل السوريين الى كبش فداء وتحميلهم أعباء كل ما حل بلبنان واللبنانيين، كيف لا وهم الحلقة الأضعف؟

رئيس حكومة تصريف الأعمال صار اسمه رئيس الحكومة المكلف، وتصريحه صار “خطة”، عاد التطبيع مع نظام الأسد الى العلن، ولم يعد الأمر محصوراً باستعانة أسماء الأسد بـ “كريدت كارد” لتمارس هوايتها في التسوق من أهم الماركات العالمية، صار التطبيع ضرورة لانقاذ لبنان من الانهيار الذي تسبب به اللاجئ السوري.

الخطة تتضمن اعادة 15 ألف لاجئ شهرياً الى سوريا بالتعاون مع نظام الأسد كما أكد سفير النظام علي عبدالكريم علي، أي بمعدل 500 لاجئ يومياً، لم يخبرنا ميقاتي وشركاؤه في الخطة كيف سيعيدونهم؟ استعانوا بخبير قانوني فأوجد لهم الفتوى القانونية لاعادتهم، علماً أن الحكومة اللبنانية تتخبط لدرجة أنها تتعامل ساعة مع السوري على أنه نازح، وساعة على أنه لاجئ ظناً منها أن إطلاق لقب نازح سيعفيها من مسؤولياتها القانونية وما يترتب عليها من واجبات تجاهه.

فهل سيقوم الجيش أو قوى الأمن العام بحملات على مخيمات السوريين لاختيار الـ 15 ألف شهرياً؟ أم أنهم سينتظرون أن يتقدم السوري بطلب لاعادته الى سوريا؟ وان كان باستطاعة هذا السوري العودة، فما هو دور ميقاتي وحكومته؟ وماذا حل اذن بخطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ألم تعلن السلطات اللبنانية مراراً وتكراراً أن الخطة ناجحة؟

في كل الأحوال طالما أن لا محاسبة فباستطاعة ميقاتي أن يقول ما يشاء، وباستطاعة أحزاب الطوائف أن تكرر مواضيع صارت ترند بينما ما يهم المواطن اللبناني ويوجعه حقاً قلة جداً من تأتي على ذكره.

بالتوفيق دولة الرئيس ميقاتي أنت وحكومتك في خطتك، ولكن ثمة أسئلة تحتاج الى الاجابة، ويحتاج المواطن اللبناني الى أن يتذكرها في معرض ما يعانيه يومياً:

دولة الرئيس هل باستطاعتك أن توقف الشحنات التي تهرّب القمح المدعوم الى سوريا الأسد وأنت في طريقك لارسال ضحايا الأسد من المعابر نفسها؟

دولة الرئيس هل تستطيع أن تخبر اللبنانيين أين أموال البنزين والمازوت المدعومة من أموال اللبنانيين أنفسهم وجنى عمرهم؟ ألا تذكر كيف كان اللبناني ينتظر ساعات وليال ليحصل على تنكة بنزين قبل أقل من عام لأن كل ما هو مدعوم كان يهرّب الى سوريا الأسد تحت عيون السلطات اللبنانية؟

هل تعلم دولتك أن بشار الاسد وحكومتك هما من حرما اللبنانيين من الكهرباء والغاز والمازوت والبنزين، حرماهم من أموالهم في البنوك، وليس العامل السوري في عكار أو الطفل السوري في مزارع البقاع؟

وهل تعلم دولتك أني عندما لم أجد حليب أطفال في الصيدليات لطفلي اللبناني الجنسية كنت أرسل لاحضاره من سوريا التي كان يهرّب اليها؟ وهل تعلم أن أدوية السرطان المقطوعة في لبنان والتي دعمت بأموال اللبنانيين موجودة على رفوف الصيدليات في سوريا؟ أعلم أنك تعلم كل ذلك دولة الرئيس، ونحن نعلم جيداً أنك كنت ممثلاً فاشلاً فالسنوات الماضية لم تقنعنا بأنك وسطي ومستقل، أنت تنتمي الى محور سوريا الأسد، ويليق بك لقب رئيس حكومة “حزب الله” كما كنت يوم حكومة القمصان السود في 2011، يوم بدأت أزمة اللجوء وفشلت أنت وحكومتك في تنظيمها.

شارك المقال