شرطان ومكسب: عون لن يوقع إلا إذا…

عاصم عبد الرحمن

قد يكون الرئيس نجيب ميقاتي الأكثر تصريفاً للأعمال الحكومية، فبعد استقالة حكومته في 22 آذار 2013 استمر في تصريف الأعمال مدة أحد عشر شهراً حتى تشكيل حكومة تمام سلام في 15 شباط 2014، وفي الأول من تشرين الثاني المقبل يفتتح جولة جديدة من تصريف الأعمال إثر انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون على وقع شغور رئاسي مرتقب، فهل يشكل ميقاتي حكومته الرابعة أم يستمر في تصريف أعمال الحكومة الحالية؟ وإلى متى؟

من الواضح جداً أن الشعب اللبناني سيستمتع طيلة أيام فصل الصيف وحتى نهاية عهد ميشال عون بمهرجان مفاوضات تشكيل الحكومة الدولي يتخلله عرض لسيناريوهات مقترحة وشروط مضادة وبيانات توضيحية لتسريبات من هنا ومطالب من هناك، والأهم تغريدات هجومية نارية تتخطى الأدبيات السياسية في كثير من الأحيان ناهيك عن التلاعب بتحديد مواعيد اللقاءات التفاوضية بين الرئيسين، فمن السفير مصطفى أديب مروراً بالرئيس سعد الحريري وصولاً إلى الرئيس نجيب ميقاتي خطاب بعبدا العوني – الباسيلي حول مسار تشكيل الحكومة لم ولن يتغير مهما تعددت الروايات لأن النتيجة واحدة وهي “مطلوب حكومة تلبي طموحات جبران باسيل السلطوية”.

لا شك أن مهمة نجيب ميقاتي معقدة تتطابق وعدد الأصوات الضئيلة التي كلف فيها تشكيل الحكومة، وإذا كان “التيار الوطني الحر” قد حجب أصواته عن الرئيس المكلف إلا أنه الأكثر تطلباً، واضعاً مختلف العراقيل في درب ولادة حكومية جديدة متسلحاً بتوقيع رئيس جمهورية التيار العوني غير آبه بالأهوال الاقتصادية والاجتماعية وغيرها التي يرزح تحت ركامها الشعب اللبناني على السواء، فلا بأس بذلك ما دام رئيس الظل جبران باسيل راضياً عما تؤول إليه الأحوال السياسية.

وعليه ووفقاً لمعطيات “لبنان الكبير” فإن “الرئيس ميشال عون لن يوقع على تشكيلة حكومية مهما علا شأنها ما لم تحقق الشرطين الآتيين:

– أن يحصل الرئيس ميشال عون على تعهد واضح وصريح من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بموافقة الحكومة الجديدة على إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتعيين آخر ينتمي إلى فريقه السياسي كي ينهي عهده بمحاسبة مَنْ يعتبره الحجر الأساس في المنظومة المالية الفاسدة.

– أن ينال “التيار الوطني الحر” حصة الأسد من التعيينات الادارية والعسكرية والقضائية التي من المفترض أن تقرها الحكومة الجديدة في أولى جلساتها المرتقبة من دون ذكر الحصول على الثلث المعطل فيها.

إن هذين الشرطين العونيين – الباسيليين ليسا بجديدين من أجل تمرير الاستحقاق الحكومي أقله وفق ما يحتاجه اللبنانيون أملاً بتنفيس الاحتقان الشعبي المتزايد نتيجة تفاقم الأزمات على الصعد كافة، وإذا كان فريق رئيس الجمهورية يمني النفس بتخليه عن مطلب الثلث المعطل فهو أساساً لم يعد بإمكانه المطالبة به نظراً الى انخفاض عدد نوابه في الانتخابات النيابية المنصرمة، ثم إنه ليس في حاجة الى هذا الثلث ما دامت مطالبه إن تحققت تغني وتسمن من جوع “التيار الوطني الحر” للسلطة والهيمنة والسيطرة على معظم مفاصل الدولة إن لم نقل بأكملها.

ميشال عون إذاً لن يوقع على مراسيم تشكيل أي حكومة ما دامت لا تحقق مطالب وريثه السياسي جبران باسيل، فهما ليسا مستعجلين إتمام الاستحقاقات الدستورية على اعتبار أنه في أسوأ الأحوال يتربعان على رأس حكومة تصريف الأعمال التي يمتلكان فيها المكسب الأساس وهو الثلث المعطل الذي يتمكنا من خلاله من المشاركة القوية في اللعبة السياسية إبان فترة الشغور الرئاسي المرتقب. وكان جبران باسيل قد اجتمع مؤخراً بالوزراء المحسوبين عليه في الحكومة الحالية بهدف تنشيطهم وتجديد روح الولاء فيهم لشخصه ومشروعه.

ليست المرة الأولى التي يضحي فيها “بيّْ الكل” بمصالح جميع أبنائه اللبنانيين من أجل مصلحة ولده المدلل ولن تكون الأخيرة، فهو لطالما عرقل تمرير الاستحقاقات الدستورية كافة كرمى لعيون صهره دونما أي التفات إلى الخسائر المادية التي تُمنى بها البلاد، فكيف الآن وهو يمسك بتوقيع رئاسة الجمهورية المؤتمنة على المصلحة العليا للشعب اللبناني؟

شارك المقال