ميقاتي وباسيل “حبوا بعضن تركوا بعضن”…

آية المصري
آية المصري

قصة العلاقة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل تشبه قصة إبريق الزيت. يحبون بعضهم البعض عندما تجمعهم المصالح الشخصية، ويشعلون النار والحرب بينهم عندما يختلفون على تقاسم الحصص. وما أكثر المواقف السابقة التي وقف فيها ميقاتي الى جانب عون وباسيل مؤكداً أنه بتوافقهم تمكنوا من عملية التشكيل بعد خلاف طويل. ويومها اعتبر “التيار الوطني الحر” أن ولادة هذه الحكومة أسقطت كل الأكاذيب والافتراءات والسيناريوهات التي دامت عاماً كاملاً. لكن الموضوع لا يقتصر على ذلك، فالسجال كان ولا يزال حول صلاحيات رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية ويحاول فريق الرئيس عون التعدّي على الدستور وضربه بحجة أن من حقهم أن يكونوا شركاء في عملية التأليف ويحق لموقع الرئاسة ما لا يحق لغيره.

احتدمت الأوضاع مجدداً بين الرئيس المكلف و”الوطني الحر” وتطورت الى موجة من الاتهامات الحاقدة وتحميل مسؤولية الاستخفاف بالدستور للرئيس ميقاتي، الذي اتهمه “التيار” بالتعطيل المتعمّد لعملية التشكيل وبأنه يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية الكارثة الناجمة عن إنقطاع الكهرباء، وقد تناسى أن وزراءه وأولهم باسيل هم من سرقوا الكهرباء طيلة هذه السنوات وحرموا الشعب اللبناني منها. وما كان من المكتب الاعلامي للرئيس ميقاتي الا أن رد على “التيار”، معتبراً أنه لا يصح لوصف بيانه الا القول الشعبي “شيلي اللي فيكي وحطيه فيي”…

كل ذلك يطرح جملة من التساؤلات: لماذا يتجدد الخلاف كل فترة بين ميقاتي وباسيل؟ ولماذا الموقع السني يتحمل دائماً المسؤولية؟ ولماذا استهداف هذا الموقع ورئاسته؟ وما رأي المقربين من الرئيس ميقاتي والجهات المعنية؟

عقدة نقص “الوطني الحر”

المصادر المقربة من الرئيس ميقاتي تساءلت “هل يُتهم بخرق الدستور من ينفذه ويقدم تشكيلة حكومية سريعة بعد 24 ساعة لأن البلد منهار وبحاجة الى حكومة ويدعو رئيس الجمهورية ويؤكد أنه منفتح على النقاش معه في أي موضوع، أم من يعطلها هو من يفتح حرب المصادر ويمنع رئيس الجمهورية من نقاشها مع رئيس الحكومة؟ من هو الغائب عن التعاون والتواصل مع رئيس الجمهورية، من يطلب موعداً من مدير المراسم ولا يحصل على جواب ثم يبادر ويتصل برئيس الجمهورية ويفاجأ بتسريب هذا الأمر الى وسائل الاعلام، أم من لا يعطي رئيس الحكومة موعداً للبحث والنقاش في هذا الأمر ويسيء الى رئاسة الحكومة؟”.

بيان “التيار” فيه الكثير من المغالطات والشعب بات يعلم أن هناك من يريد تشكيل حكومة، وهناك من يريد خراب البلد وإثارة الغبار مع انتهاء العهد لكي يجد له مكاناً، خاصةً وأن باسيل يدرك جيداً أنه لن يكون رئيساً ولا صانع رئيس، بحسب ما أكدت المصادر، معتبرة أن “نهج محاربة رئاسة الحكومة استمر في التيار الوطني الحر من خلال جبران باسيل، لذلك هناك عقدة نقص لديه من موقع رئاسة الحكومة، وهذا الموقع بغض النظر عن رئيسه مستهدف دائماً، ويحاول من لديه القرار في التيار الوطني الحر إضعافه بصورة دائمة في حال كان هناك عدم خلاف مع رئيس الحكومة، فكيف اذا كان رئيس الحكومة اليوم يقف سداً منيعاً في وجه طموحات جبران باسيل ويمنعه من تحقيق مآربه؟”.

الرفاعي: ميقاتي يحصد ما زرع

“الرئيس ميقاتي يحصد ما زرع”، قال المحامي حسان الرفاعي، معتبراً أنه “لم يعطِ أي قيمة للموقع الذي يشغله ولا يمكننا أن ننسى اطلاقاً في أية ظروف أتى على رئاسة الحكومة في العام 2011، اضافة الى الفترة الأخيرة عندما كان الرئيس سعد الحريري يشكل حكومته وفي صدام حول الصلاحيات مع رئيس الجمهورية ميشال عون ولم يصل الى حل، ولأكثر من اعتبار إنسحب يومها الرئيس الحريري وكان يتوجب على ميقاتي أو أي رئيس حكومة آخر أن يُكمل من مكان توقف الرئيس الحريري لجهة التمسك بتشكيل الحكومة والصلاحيات، ولكن رأينا أن الرئيس ميقاتي يدوّر في الزوايا ويصرّح حرفياً لشاشة ال بي سي: توافقي مع الرئيس عون هو الذي أوصلنا الى تشكيل حكومة، وهو شريك ضمنها وفي الحكم. وفي الوقت الذي كان الرئيس الحريري يتعذب مع الرئيس عون من أجل التشكيل كانوا يعملون كي يأتي ميقاتي رئيساً ويقوم بما لم يوافق عليه الرئيس الحريري يومها، وبالتالي لا يمكن أن تقف الطائفة مع ميقاتي اليوم. ومن يقوم بهكذا تصريح ويطلب من وزير الداخلية والبلديات المحسوب من حصة رئيس الحكومة الذهاب للحصول على بركة جبران باسيل، لا يحق له أن يقول الآن (يا غيرة الدين) أنا واقف في وجه الهجمة، ولا يحق له أن يبيعنا كل هذه المواقف”.

في تلك الفترة أصدر “الوطني الحر” بياناً أشار فيه الى أن “الحكومة أسقطت بولادتها كل الافتراءات والممارسات والأكاذيب التي استهدفت لسنة كاملة تعطيل المؤسسات، من أجل ضرب هذا العهد وكسر التوازنات والأعراف والأصول وضرب الدستور في محاولة اعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية وإختلاق سيناريوهات وإفتعال الأزمات والمبررات لمنع تأليفها، الى أن صح الصحيح وتألفت بحسب الدستور والنصاب”، ويومها لم يرد الرئيس ميقاتي على البيان لأنه قام بما طُلب منه، بحسب الرفاعي، موضحاً أن “الرئيس فؤاد السنيورة رد يومها على البيان في صحيفة النهار من خلال تركيزه على المخالفات الدستورية التي إرتُكبت بالمشاركة بين الرئيس عون والرئيس ميقاتي في عملية تشكيل الحكومة، وبالتالي أيضاً السنيورة بدو يسمحلنا اليوم لا يمكنه أن يتضامن مع ميقاتي بـ(يا غيرة الدين) لأنه انتقده في ذلك الوقت، وقال له انك رحت بعتنا بوقتها. ولكن للأسف لا أحد يحاسبهم، فكيف وافقنا في فترة معينة على أن يأتي شخص مماثل لحسان دياب رئيساً للحكومة؟ يفترض بميقاتي أن يُسرع في المغادرة لأننا غير قادرين على التعاطف معه بأي شكل من الأشكال”.

اذاً، هناك ضرب واضح لاتفاق الطائف من خلال ما يمارسه العهد بحق موقع رئاسة الحكومة، ولا يجب الاستخفاف بهذا الموقع نظراً الى أهميته وما يحمله من ثقل طائفي ومعنوي لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين.

شارك المقال