أوقفوا الهجوم على “فتح”

زاهر أبو حمدة

وهو في بيته وبيد يحمل هاتفه وبالأخرى كوب قهوة أو شاي أو زنجبيل، لا يهم، والأجواء رائعة؛ يقرر أن يصرح عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “محمود عباس خائن، فتح جواسيس، تنسيق أمني وتمر هندي وبعض الرز بحليب”. وينتظر التعليقات وكل دقيقة يتأكد من عدد المعجبين وقلوب الحب و”التيك كير”. يظن هذا الإنسان أنه يقول الحقيقية، وما هدفه؟ ربما استفزاز الفتحاويين وأبناء السلطة والأجهزة الأمنية كي يشنوا غارات أمنية ضد الاحتلال أو التمرد على ماجد فرج وحسين الشيخ ونضال أبو دخان؟

يطالب أحدهم بقتل محمود عباس. وذاك ينعت الأمن الوقائي بجيش “لحد فلسطين”. ومما لا شك فيه أن من حق أي إنسان أن ينتقد أو يتهم بأدلة أو من دونها، بالنهاية هو كائن له لسان ومشاعر وموقف. ولكن، من باب النصيحة: أوقفوا الهجوم غير الأخلاقي على الفتحاويين. ولا داعي لذكر تضحيات حركة “أم الجماهير”، فالمهم حالياً هو توحيد الخطاب وتصحيح المفاهيم الوطنية الجامعة للشعب الفلسطيني. وذلك، لأن الهجوم سيولد تلقائياً دفاعاً وهجوماً مضاداً وربما يكون عكسياً. وبالتالي لا يتحول السلوك إلى “التناقض” وفقاً لعلم النفس العكسي. يعني إذا استمر أستاذ المدرسة بنعت تلميذ بـ”الفاشل”، هل يحبطه أو يحفزه ليتحول إلى ناجح؟ مع أن شخصية الفتحاوي لا تقبل أن تكون تلميذة تابعة أما أستاذة قائدة في كل شيء، هكذا كانت وستبقى.

وعلى سبيل المثال، بعد دراسة حالة مؤسس موقع “ويكيليكس” جوليان أسانج، فكلما طُلب منه أن يتوقف وكلما زادت التهديدات التي تمارس عليه من قِبل بعض الدول المهيمِنة كالولايات المتحدة الأميركية، كلما كان أكثر تحدياً وأصبح شهيداً من أجل قضيته. وتقول عالمة النفس جانيت ريمون: “إن كان قد قيل له إنه شخص عظيم، واستمر في فعل ذلك (التناقض) من قبل واشنطن، ربما لم يكن لينوي إتمام ذلك”.

ولو أردنا أن نسقط ذلك على ما يجري على وسائل التواصل الاجتماعي، ونسأل: هل اتهام عباس و”فتح” بالخيانة سيجعلها تنهي التنسيق الأمني وتعيد تشكيل كتائب مسلحة كما فعل ثابت ثابت ورائد الكرمي؟ بكل تأكيد أن هذا سيحصل لكنه يحتاج إلى وقت، والاتهامات ستؤخره. لأن ببساطة سيدخل “العند” على السلوك، والأسئلة الكثيرة لن تجد أجوبة. ويجب التفريق بين “فتح” وجماهيرها والسلطة وموظفيها، علماً أن عدد شهداء الحركة في الضفة المحتلة والقاعدة التنظيمية هي من ستضغط على قيادتها، لذلك لا تخسروا القاعدة في اشتباكات جانبية عبر السجال لتسجيل موقف لا يهم أثناء التحولات الكبرى في فلسطين والإقليم.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً