كهرباء مطمر الناعمة قريباً… طوبى لضحاياه

حسين زياد منصور

لم ينعم اللبناني يوماً بحقه الطبيعي في الكهرباء، فعلى مر السنوات تضاعفت المشكلات والأزمات في هذا القطاع في ظل تقاعس وزارة الطاقة والمياه عن القيام بواجباتها على الرغم من الوعود الرنانة التي أطلقها الوزراء المتعاقبون منذ أكثر من ١٥ سنة، اذ صرفت خلال هذه الفترة أرقام خيالية، وكانت نتيجة ذلك لا كهرباء في معظم المناطق اللبنانية.

ومنذ حوالي سنة، تفجرت الأزمة أكثر فأكثر في ظل انقطاع المحروقات وغلاء أسعارها وعدم القدرة على تشغيل المولدات الكهربائية. استنجد المسؤولون اللبنانيون بالأخوة العراقيين لتشغيل المعامل اللبنانية المتوقفة بالفيول العراقي، وعلى الرغم من الحصول عليه بعد نجاح الاتفاق الا أن شيئاً لم يحصل.

ثم انطلقت المساعي اللبنانية بمؤازرة أميركية في سبيل الحصول على الغاز المصري عن طريق الأنابيب مروراً بالأردن وسوريا ليصل الى المصافي اللبنانية ويستخدم في انتاج الكهرباء، كل ذلك بعد اتفاق لبنان مع الدول المعنية الى جانب ضمان حمايته من تداعيات “قانون قيصر”.

منذ أسابيع، أنار خبر اعادة العمل بإنتاج الكهرباء من معمل الناعمة المستجدات اللبنانية، لما له من أهمية كبيرة لدى أبناء الناعمة والقرى المجاورة، خاصة أن إقليم الخروب الذي يضم ٣ معامل انتاج للكهرباء، لا تنعم معظم قراه وضيعه سوى بساعة واحدة أو اثنتين كحد أقصى من كهرباء الدولة، باستثناء بعض القرى التي تتغذى من معمل بسري.

وبعد الاتفاق بالتراضي بين شركة كهرباء لبنان وشركة ” clean energy solution” على تلزيمها مولدات مطمر الناعمة لتغذية القرى المتضررة من المطمر بالكهرباء مجاناً، لا تزال الأمور غامضة وضبابية حول جدية تشغيل المعمل، وآلية العمل ووقت تشغيله والمناطق التي ستستفيد منه.

في الوقت الذي أعلن فيه عن إعادة تفعيل العمل بالمعمل، تسابقت القوى السياسية في الشوف وعاليه على نسب هذا الاتفاق اليها، يؤكد النائب عن الشوف بلال عبد الله في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “اللقاء الديموقراطي” اجتمع مع الرئيس نجيب ميقاتي منذ بداية الأمر، مرات عدة، ثم تابع النائب أكرم شهيب الموضوع، مشدداً على وجوب “ألا ننسى أيضاً جهود مجلس الادارة، خصوصاً أن الموضوع كان عالقاً في وزارة المالية، ثم ردت المناقصة وتم الاتفاق بالتراضي مع الشركة المسؤولة عن المعمل على إعادة التشغيل”. ويقول: “هذا الإنجاز مشترك بين اللقاء الديموقراطي وادارة شركة كهرباء لبنان بإشراف وزارة الطاقة”.

وللتعرف أكثر الى تفاصيل الموضوع، يوضح عضو مجلس إدارة شركة كهرباء لبنان طارق عبد الله لـ “لبنان الكبير” أن “الصفقة الماضية، ربحتها احدى الشركات على مدى ٥ سنوات، لكن لم تحصل الموافقة لا من وزارة المالية ولا وزارة الطاقة وبقي الموضوع على هذه الحال مدة سنتين حتى تم تعييننا في مجلس ادارة شركة كهرباء لبنان”، مشيراً الى “خسارتنا فعلياً خلال هاتين السنتين حوالي ٢٠ ألف دولار في اليوم، فقط لأننا لا نستغل الغاز وانتاج الكهرباء من خلاله، وطلبنا من وزارتي المالية والطاقة اعطاءنا اجابة ضمن مدة محددة كي نتصرف لأن الانتظار لا ينفعنا وغاز الميثان ينتشر في الهواء”.

ويؤكد “أننا لم نتلق رداً من الوزارتين، وقمنا بإلغاء الاتفاق السابق كون الشركة لم تحصل بعد على موافقة وأخذنا قراراً بالتواصل مع الشركة المصنعة للمولدات، واعتمدنا طريقة جديدة، شركة كهرباء لبنان تؤمن قطع الغيار والشركة التي ركبت المولدات والمعمل تمرن فريقاً من كهرباء لبنان كي يتمكن من إدارة المعمل”، لافاً الى “أننا خضنا بعد هذا القرار مفاوضات مع هذه الشركة، التي وضعت الكثير من الطلبات العالية، فأعلمناها أننا لا نستطيع تخطي حد معين. وفي النهاية رضخت الشركة لشروطنا لا شروطها”.

فترة التشغيل والتكلفة

“لا يوجد مع الشركة عقد تشغيل، بل عقد توريد قطع غيار، بمجرد استيرادنا لقطع الغيار لن تقوم شركة الكهرباء بتركيبها بل وكيل الشركة المصنعة هو الذي سيفعل ذلك. إذاً فالعقد ليس تشغيلاً وصيانة بل توريد قطع غيار ومساندة في أعمال التشغيل”، بحسب ما يؤكد عبد الله، قائلاً: “تحتاج الشركة الى ما يقارب ٧ و٨ أشهر في تغيير القطع الذي لا يتم مرة واحدة فهناك ٧ مولدات يعمل فيها بالترتيب. وخلال هذه الفترة واستناداً الى الاتفاق العاملون لدى هذه الشركة يمرّنون موظفي شركة الكهرباء، وهذه العملية قدمتها الشركة بصورة مجانية، فالمساعدة في أعمال التشغيل من دون بدل”.

وبالنسبة الى التكلفة، يشير عبد الله الى أن “الكشوفات العامة ستستحق قريباً على هذه المولدات، على سبيل المثال عند ٢٠ ألف ساعة يجب تغيير قطع ثم عند ٣٤ ألفاً أيضاً. ما وضعناه في العقد هو شراء جميع قطع الغيار المتعلقة بالكشوفات العامة كي لا نقع في مشكلة وضع عقود جديدة كل فترة، عقد واحد يضم جميع قطع الغيار للفترة القصوى لتشغيل هذه المولدات. وكل ذلك بقيمة مليونين و٩٠٠ ألف يورو”، متوقعاً “بمجرد توقيع العقد بيننا أن تكون الفترة ما يقارب ٤ أشهر كحد أقصى ويبدأ العمل في إنتاج الكهرباء”.

مقارنة بين معملي الناعمة والجية

لا توجد أوجه للمقارنة بين المعملين، كما يوضح عبد الله “ففي الناعمة معمل يولد الطاقة بصورة مجانية استفادة من الغاز المنبعث بسبب النفايات المطمورة وبالتالي لا نشتري فيولاً. وهذه المعامل الموجودة في الناعمة جميعها تشكل ٦ ميغاوات بينما بقية المعامل (الجية) تنتج أرقاماً بالمئات والآلاف. في الناعمة يعتبر مشروعاً بيئياً بامتياز، اذ لا تتم الافادة من انبعاثات الغازات من المطمر وتوليد الكهرباء من خلالها ولا يتم حرقها لكن له وقت معين ولن يتبقى شيء من هذا الغاز”.

المناطق المحيطة ستستفيد من كهرباء الناعمة، يضيف: “ان كانت حاجة هذه القرى ٦ ميغاواط فستغطي ٢٤ ساعة وان كانت ١٢ ميغاواط فستغطي ١٢ ساعة، إذاً حسب احتياجات المنطقة، وهذه النقطة تحتاج الى مزيد من الوقت لتتضح الأمور أكثر”.

ويختم عبد الله حديثه بالقول: “بالنسبة الى مجلس الإدارة اتخذنا القرار ونحن بانتظار موافقة وزارة الطاقة ولا نظن أنها ستعارض هكذا مشروع لأهميته ويبقى بعض الأمور التقنية التي لا يأخذ وقتاً. والعاملون في شركة الكهرباء لم يقصروا في عملهم في هذا المجال وخاصة المتابعين لهذا الملف والذين وضعوا كل جهدهم فيه، لكن الروتين الاداري يأخذ وقتاً قليلاً”.

اما رئيس بلدية الناعمة زاهر مزهر فيؤكد أنه يتابع الملف بصورة شخصية ولا يأمل في الحصول على كهرباء بشكل كاف. ويعتبر أن “كل ما يجري هو ضحك على الناس، في كل يوم نسمع خبرية وليس هناك أي شيء جدي حالياً. تحدثت منذ يومين مع النائب الدكتور بلال عبد الله وأكد لي أنه يتابع الملف مع رئيس الوزراء والمعنيين، لكنني على الصعيد الشخصي غير متفائل وفق ما أحصل عليه من وعود وتطمينات، لكن لا أعلم بعد عدد الساعات التي سنحصل عليها في الناعمة كون المعمل سيغذي عدة قرى مجاورة”.

شارك المقال