انتخابات الأسد وانتحابات الشعب السوري

الراجح
الراجح

حين قدم لي الروائي السوري الدكتور موسى عباس رواية “بيلان” (منطقة جغرافية في جبال الأمانوس) وهي رواية لمرحلة مفصلية من عمر الفرات، سألته يومها: كيف؟ ولِمَ كتبتها؟ “وتفلسفت” وما هو طقس كتابتها؟

أجاب:

“سؤال عريض الطّيف، لن اعيد الشكوى المُرّة لبعض من أبناء جيلي، قضية المركز والأطراف. فالكل كان مهمشاً في مرحلة وسمها البعث بالشعاراتية وفقدان التنمية الحقيقية، وبناء الدولة البوليسية. لا أدري، هل أقول من سوء حظي إنني عشت بداية تفتح الوعي في السبعينيات من القرن المنصرم، وهي مرحلة انقلاب العسكر، حين صرخت مع زملائي في المرحلة الإعدادية في “مريبط” (تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات إلى الغرب من مدينة الرقة) يوم السادس عشر من تشرين في العام 1970: يسقط الفاشيست، رغم أني، واعترف أني لم أكن مدركاً لمعناها الحرفي. وبعدها تغير كل شيء، في هذه الأجواء بدأت مرحلة شديدة التعقيد في محيطي، وتسربت خيوط جديدة في وعي الناس هذا ما حاولت رصده في بيلان. أن أرصد ملامح فشل الدولة الوطنية في بناء مواطنة، وتحول حزب البعث الحاكم إلى مؤسسة تنتج الفساد وتحميه، وتؤسس له في الثقافة والاجتماع والسياسة. فشخوصها الناس ومسرحها تلك المنطقة التي حولتها الأفكار الشوفينية المنغلقة التي تحولت سريعاً إلى أداة تكرّس الديكتاتورية وتمركز كل شيء حول الفرد. أقول حولتها إلى أداة هدم، وأرادت أن تستخدمنا كبش محرقة لأوهام مريضة تدعي الوطنية والقومية. بيلان كانت حفراً تحت السطح في عمق الوعي الجمعي والفردي، لا أعلم مدى نجاحي في ذلك، هذا ما يقرره الآخرون… تسألني عن طقس كتابتها، يا سيدي أخبرتك أنني نصف بدوي، فنحن لا طقوس لنا، أكتب ما يعبر عن وجعي، وأحلم أن أكون صوتاً لأهلي…”.

وبالعودة إلى هتاف الدكتور موسى “يسقط الفاشيست” والذي كما قال لم يكن يدرك معناها فأدركه بعد سنوات القتل والتهجير والعذاب… وقريباً وبعد انتهاء التصويت في انتخابات الأسد لن يبقى إلا انتحابات الشعب السوري… ربما!

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً