بين التوقعات والمعطيات… أيلول شهر الانهيارات والاستحقاقات 

هيام طوق
هيام طوق

يطمئن القادة الأمنيون الشعب اللبناني الى أن الأمن لا يزال ممسوكاً حتى الساعة وأن لا معلومات عن أي تدهور على هذا الصعيد، إلا أن كثيرين من المحللين السياسيين والخبراء الاقتصاديين يرون أن مختلف المؤسسات والقطاعات تشهد منذ العام 2019 تحللاً وتفككاً لم يسبق له مثيل حتى أننا بتنا على شفير الانهيار التام وحينها سيكون البكاء وصرير الأسنان، والسقوط المدوي الذي لن يرحم أحداً خصوصاً وأن المسؤولين لم يقوموا بأي خطوة انقاذية واصلاحية لوضع البلد على سكة التعافي، ولملمة أشلائه من بين ركام لامبالاتهم وأنانياتهم وكيدياتهم ومصالحهم.

“لا يمكن الاستمرار على هذا المنوال”، و”وصلنا الى الرمق الأخير من القدرة على التحمل”، عبارات مشتركة تتردد على كل شفة ولسان لا بل أصبحت هذه الهواجس التي نسمعها، نمط حياة، ومحور اهتمام الناس في يومياتهم، وما يزيد الطين بلة أن كل التقارير الدولية تحذر من خطورة الوضع في لبنان الذي يتفاقم شيئاً فشيئاً حيث الدولة منهارة وسط تفش للفقر.

ويعتبر الخبراء أن البلد أمام سيناريو غير مسبوق في تاريخه الحديث بحيث تخطينا مرحلة الانهيار ووصلنا الى مرحلة التحلل الكامل، فلا قدرة لما تبقى من دولة على معالجة أي مشكلة لا بل تتعاطى مع النتائج كالمواطنين، والأخطر أننا مقبلون على استحقاقات مهمة ومصيرية لمستقبل البلد ومنها الاستحقاق الرئاسي الذي يتوقع ألا يتم في موعده، وملف ترسيم الحدود البحرية الذي يشهد تعقيدات مستجدة وسط التخوف من تصعيد ما أو حرب اضافة الى التسوية الحاصلة على صعيد المنطقة وتداعياتها على الداخل اللبناني. كما أن شهر أيلول يتزامن مع عودة التلاميذ الى المدارس فيما يبدو أن انطلاق العام الدراسي سيشهد تعثراً نظراً الى عدم تمكن الأهل من دفع الأقساط من دون أن ننسى أنه خلال هذا الشهر تؤمن مستلزمات الشتاء للتدفئة والتي لم تعد بمتناول غالبية الناس بسبب أسعارها الحارقة. كلها أمور تجعل شهر أيلول مفتوحاً على كل الاحتمالات.

وإذا كانت الأحاديث عن الشهر المقبل تبقى في اطار التوقعات والتحليلات بحيث أن اللبنانيين باتوا يتكلون على التنجيم لأنهم يعيشون أزمات متتالية بحسب بعض السياسيين والمحللين، إلا أن البعض الآخر يرى أن التخوف من هذا الشهر في محله لاسيما أنه سيشهد استحقاقات مهمة على المستوى الداخلي، وسيتأثر بتداعيات التسوية على صعيد المنطقة.

وفي هذا الاطار، أكد النائب أيوب حميد أن “هناك تفاقماً للأمور المتعددة الأوجه بالنسبة الى شهر أيلول، ومن الأهمية بمكان أخذ الاستحقاق الرئاسي في الاعتبار اضافة الى الشق المتعلق بترسيم الحدود البحرية. هذان الملفان مفصليان بالنسبة الى المرحلة المقبلة، تضاف الى ذلك، مجموعة من التعقيدات التي ضربت البلد وأهله على تنوع مناطقهم وانتماءاتهم وأوضاعهم الاجتماعية. كل ذلك، يشكل مجموعة من التحليلات والتكهنات والتساؤلات عما سيجري في أيلول، وربما البعض يبني على معطيات لمجريات الأمور. كما أن التوقعات التي نسمعها من الذين يواكبون ما يجري مبنية على ما يمكن أن يطرأ من تطورات اقليمية ودولية قد يكون لها تأثير على الواقع اللبناني. وبالتالي، فإن هاجس الناس من شهر أيلول في محله وليس مستغرباً”.

ولفت الى أن “الرهان في المرحلة المقبلة حول كيفية الصمود في ظل الواقع الذي نعيشه، ومن الطبيعي أن نقول ان الواقع مزر الى أبعد مدى. انه التحدي الأكبر لطريقة الاستمرار”.

أما الوزير السابق فادي عبود، فرأى أن “اللبنانيين على حافة اليأس، ويتّكلون على التنجيم، وهم يتخوفون من أيلول ليس لأن لديهم معطيات دقيقة وواضحة انما لأنهم يعيشون في أجواء الأوهام. أيلول فيه الكثير من الاستحقاقات المهمة والساخنة، لكن هذا لا يعني أنه سيكون الشهر الحاسم أو الملتهب”، مستبعداً أي انفجار اجتماعي خصوصاً أن “اللبنانيين غير منظمين، وفي حال حصل الانفجار، يتحول الى انفجار طائفي. الشعب مخدر ولا يتحرك الا بغريزته الطائفية، لذلك أستبعد انفجاراً اجتماعياً يمكن أن يؤدي الى التغيير إذ كان يجب أن يحصل في صناديق الاقتراع”.

وقال: “على صعيد الاستحقاق الرئاسي، لن تحصل أي خضة على هذا المستوى مع احتمال الفراغ في سدة الرئاسة بحيث تتم تسوية ما وتتحلحل الأمور باختيار شخصية لهذا الموقع. ولناحية ترسيم الحدود البحرية، فإن عملية التفاوض ستأخذ مداها الطبيعي. انها لعبة عض الأصابع، لكن لا بد من الوصول الى حل. واذا لم يحصل ذلك في أيلول، فهذا لا يعني أننا سنشهد حرباً حتمية لأن مصلحة الفريقين تقتضي عدم خوض الحرب، ولكن على الرغم من ذلك، تبقى كل الخيارات واردة”.

وأشار القيادي السابق في “التيار الوطني الحر” نعيم عون الى أن “ليس هناك أي شيء غير اعتيادي سيحصل في شهر أيلول، لكن نحن كلبنانيين نعتبر أن المرحلة اللاحقة ستكون الأخطر والحاسمة، وذلك بسبب الأزمات المتراكمة مع العلم أن الوضع ربما سيكون أكثر سوءاً أو ربما ستشهد المرحلة المقبلة مخاضاً لولادة الحل خصوصاً في الاستحقافق الرئاسي”، مستبعداً فرضية الحرب انطلاقاً من الجبهة الجنوبية. وقال: “لم يعد لدينا ما نخسره. نصف الشعب هاجر والنصف الآخر على أبواب الهجرة، والوضع يتطلب حلاً سريعاً إذ أن لبنان سيكون أمام تسوية تطال كل الملفات دفعة واحدة”.

شارك المقال