هل يشهد “قصر الشعب” سيناريو 1989 – 1990؟

هيام طوق
هيام طوق

أيام تفصلنا عن بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية والتي تتراوح بين الأول من أيلول الى نهاية تشرين الأول المقبل موعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وحسب المعطيات الداخلية والتطورات الاقليمية والدولية التي ترخي بتداعياتها وتأثيراتها بقوة على الاستحقاق الرئاسي، يبدو أن الفراغ سيكون الأوفر حظاً في قصر بعبدا.

وفي الأسابيع الماضية كان الحديث عن إمكان التفاهم على رئيس تسووي أو توافقي، لا يكون مستفزاً أو منتمياً الى أي اصطفاف سياسي خصوصاً في ظل غياب أي أكثرية نيابية يمكنها ايصال شخصية الى سدة الرئاسة، لكن بعض المحللين السياسيين يعتبر أن هذا الخيار تراجع، وربما عدنا الى المربع الأول في انتخاب رئيس الجمهورية بعد أن صعّد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل من خلال تمسكه بالرئيس الذي يحظى بتمثيل نيابي ووزاري “فتمثيله ليس نظرياً ويتجسد بكتلة نيابية وكتلة وزارية تدعمه وتزيد من قوة صلاحياته وموقفه وبدونها يكون الرئيس فاقداً للكثير من هذه القوة”. كما أن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ليس مؤيداً لرئيس تسووي، وطرح انتخاب رئيس تحدٍ حين قال: “لمن يقول لا نريد رئيس تحدٍ، نؤكد له أننا بأمس الحاجة الى هذا الرئيس، ليس بالمعنى الشخصي للكلمة، إنما إذا لم نأتِ برئيس يتحدى سياسات جبران باسيل وحزب الله، فكيف سيتم الإنقاذ؟”.

وإذا كان من الصعب بمكان السير باسم شخصية معينة من دون موافقة أكبر كتلتين مسيحيتين، فإن مراقبين يشيرون الى أننا وصلنا الى الحائط المسدود على صعيد الاستحقاق الرئاسي، ولا يستبعدون تكرار سيناريو أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات حين رفض عون الاعتراف بانتخاب الرئيس الأسبق رينيه معوّض رئيساً للجمهورية في الخامس من تشرين الثاني سنة 1989، كما رفض إخلاء القصر الجمهوري ثم تلاحقت الأحداث واغتيل معوّض بعد 17 يوماً من انتخابه في عيد الاستقلال، وانتخب النواب الياس الهراوي رئيساً جديداً، واتخذ القرار بإنهاء عصيان عون على السلطة الشرعية، بينما كان يصر على مواجهة الضغوط الداخلية والاقليمية والدولية بالقوة ويجيّش مناصريه الذين توافدوا في مظاهرات الى “قصر الشعب”.

اليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، تتحدث معلومات عن أن التاريخ سيعيد نفسه بمعنى أن هناك سيناريو يدرس وينص على التحضير لمظاهرات شعبية حاشدة لمناصري العهد نحو القصر الجمهوري لحث الرئيس على عدم ترك البلاد للفراغ في حال تعثر انتخاب رئيس جديد، مع العلم أن الرئيس عون أكد أنه لن يبقى في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته.

وفي هذا الاطار، رأى النائب مروان حمادة أن “هناك عدة أمور تحول دون تكرار سيناريو أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، ومنها: انخفاض شعبية الرئيس ميشال عون الى حدها الأدنى، ومن يحلم بجمع حشود باتجاه بعبدا سيفاجأ بأعداد الناس القليلة. ثم ان الوضع الداخلي والاقليمي والدولي لن يتساهل مع ظاهرة خرق الدستور، كما أن القوى السياسية في البلد على تنوعها واختلافها مع بعضها البعض أكانت سيادية أو ممانعة أو تغييرية مجمعة الى حد ما على التخلص من العهد المشؤوم. وبالتالي، المناخ الشعبي يدفع الناس الى منع قيام أي مظاهرة من هذا النوع اضافة الى الدور المحتمل للقوى المسلحة التي في لحظة انتهاء ولاية العهد تصبح غير مؤتمرة من رئيس الجمهورية”.

واعتبر أن “مناصري العهد ليسوا قادرين على قلب الطاولة شعبياً، أما بندقية حزب الله فلن تكون بأي حال من الأحوال في تصرف التمديد لأن البضاعة أصبحت منتهية الصلاحية كلياً”.

وفيما لم يستبعد النائب رازي الحاج “أي شيء من العهد وفريقه خصوصاً أن القرارات مرتبطة بالمصلحة الشخصية وليس بالمصلحة الوطنية”، الا أنه حذر من “هكذا خطوة لأنها غير دستورية، والدستور واضح إذ لا يمكن لأي رئيس أن يستمر في القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته”، معتبراً أن “كل ما يقال عن فبركات أو تحركات لحث الرئيس على عدم ترك البلد للفراغ تصب في خانة الضغط السياسي من أجل تحسين الفرص الانتخابية والسياسية، لأن مثل هذه الخطوات لا تمت الى الدستور أو القانون بصلة”.

أما الوزير السابق آلان حكيم فأكد أن “هذا السيناريو غير دستوري وغير واقعي. ونعمل اليوم مع كل الأصدقاء والأفرقاء السياديين والتغييريين للتوصل الى احترام الدستور والمهل الدستورية والاستحقاق الرئاسي المهم جداً، وعدم الدخول في مثل هذه المتاهات غير الدستورية. هناك مجلس نيابي منتخب، وعلى النواب الذين يؤمنون بالتغيير واعادة احياء لبنان أن يتكاتفوا للتوصل الى الحل الأنسب للمرحلة المقبلة”، مشدداً على “أننا نرفض كلمة فراغ، ونرفض عدم احترام الدستور. انه استحقاق دستوري ويجب أن يحصل في الاطار الدستوري بعيداً عن كل ما يتم التداول به من تحركات أو فبركات”.

شارك المقال