هل تتجاوز المعارضة خلافاتها لمنع تعطيل استحقاق الرئاسة؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

بدأ العد العكسي لنهاية العهد القوي الذي أضعف لبنان وتركه منهكاً، وعلى رئيسه مغادرة قصر بعبدا فوراً، من دون اعطائه أي حجة للبقاء على الكرسي، بل توفير الظروف المناسبة وتطبيق الدستور، لعل إنتخاب رئيس جديد يقدم جرعة أمل للبنانيين الذين لم تعد لديهم طاقة على تحمل سياسات الذل والفساد وانتهاك كراماتهم من سلطات الأمر الواقع ومرشديهم داخلياً وخارجياً.

بتاريخ 23 أيلول المقبل، مهمة رئيس مجلس النواب نبيه بري وفقاً للدستور دعوة النواب إلى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وأن يبقي الجلسات مفتوحة والاستعداد الدائم لانتخاب الرئيس في أي لحظة.

بالطبع المشكلة الأساسية حتى الآن هي عدم التوافق على شخصية معينة من جميع الكتل أو بين التغييريين والاستقلاليين والسياديين لمواجهة مرشح “حزب الله” وفريقه، وقد لا يجرؤ مرشحون مستقلون على دخول باب التنافس مع مرشحي فرقاء النزاع، وخوض المعركة التي تحسم بعدد الأصوات، لكن ممارسة الديموقراطية الحقيقية هي من نسج الخيال في لبنان، في ظل بدع الديموقراطية التوافقية، التي كما في تجارب سابقة أدت إلى اتفاقات على مرشحين، واليوم تبذل جهود للتوافق وتحصل اتفاقات من فوق الطاولة وتحتها للتوصل الى مرشح “وسطي” ينال رضى معظم الكتل ويحظى بمباركة محلية وعربية ودولية، لكون مهمة الرئيس المقبل ستكون صعبة جداً، تهدف إلى إنقاذ لبنان ووضعه على سكة الحلول للأزمات المستعصية سياسياً وإقتصادياً وأمنياً وإجتماعياً وصحياً وتربوياً… وعليه لا يجوز أن يكون الرئيس ضعيفاً، بل آمر لا مأموراً، ولا يكون ظلاً لمرشد الجمهورية اللبنانية كما هو حال الرئيس الحالي.

وتقول مصادر متابعة عن صفات الرئيس المقبل النافع لعلاج لبنان من أمراضه المستشرية بحكم النهب والفساد ومصادرة قراره من ميليشيا السلاح: “يجب على الرئيس المقبل تنفيذ القرارات الدولية لحماية لبنان وسيادته وحفظ ثرواته وعدم السماح بنهبها ومواجهة الطامعين بها، ولا يجوز أن يكون شاهد زور في القصر، والمهمة هنا تقع على عاتق الاستقلاليين والسياديين والتغييريين، إذ عليهم الذهاب نحو تشكيل تكتل واسع وطرح مواصفات رئيس يدعم شعبياً وبرلمانياً، خطه واضح وسطي ولا يرتمي في أحضان حزب الله والممانعة ويكون عليه دفع فواتير له ويبقي لبنان في قعر جهنم ست سنوات أخرى”.

وترى هذه المصادر “أننا اليوم أمام مرحلة جديدة تتطلب جهوداً لتوحيد الآراء والتنسيق من المعارضة للتوصل إلى موقف واحد ورؤية منسجمة في هذا الظرف المصيري الذي نعيشه، ولأن تحقيق سيادة لبنان يتعلق بالدرجة الأولى بالشخصية التي قد يتم التوافق عليها وطرح إسمها وتقديم الأسباب الموجبة حتى يلتف أكبر عدد من اللبنانيين حولها ويقتنعون بأنها قد تفتح لهم الباب أمام معالجة الأوضاع الحالية. اليوم يجري التداول بأسماء العديد من الشخصيات للمناورة والمساومة عليها فيما بعد، ولا بد من التحضير لمواجهة ألاعيب حزب الله وفريقه في هذا المجال”.

وجود رئيس سيادي وسطي مطلوب في السنوات الست المقبلة، وليس على المواطن اللبناني تحمل أخطاء الطبقة السياسية ست سنوات أيضاً، نتيجة المناكفات والصراعات التي تدور بين الكتل، بحسب ما تؤكد المصادر، معتبرة أن “لبنان لم يعد بإمكانه تحمل إنهيارات إقتصادية – إجتماعية، ستؤدي في النهاية الى نزوح الشعب اللبناني بأكمله والهجرة الى الخارج، هرباً من الجحيم ومن سيطرة الفاسدين والسلطة المتحالفة مع حزب السلاح. لا بد اصلاح الخطأ، وهذا لا يتم بالتسويات تحت الطاولة لأننا في هذه الحالة سنكرر تجربة عون مرة ثانية وسيدفع الناس ثمنها من جديد وهذه المرة فوضى أمنية لن يكون نظام بشار الأسد الا جزءاً منها، كما حصل في العام 1989 أي الفوضى في لبنان أو القبول بمرشحه”.

وتشدد على أن “التنسيق بين قوى المعارضة هو لمصلحة الشعب اللبناني وقيام الدولة اللبنانية، عبر اختيار رئيس يحفظ حقهم في ودائعهم ويعيد علاقة لبنان بعالمه العربي ودول العالم، رئيس يقول كفى وضع لبنان ومصالحه في ميزان مصالح ايران التي تحاول الحصول عليها ونسدد فاتورتها علينا من هذا النفق. لا نريد رئيسأ يحميه حزب الله وينفذ سياساته ويربط مصيره بالاتفاق الايراني – الأميركي، نريد رئيساً يتصرف كما يليق به ولا ينتظر قرارات ايران وتوجهاتها، وقد رأينا في قمة فلايمير بوتين وابراهيم رئيسي، توجهاً روسياً الى دعم الوجود الايراني في سوريا واعطائه حرية الحركة مقابل غض النظر عن ايران في لبنان”، مشيرة الى أنه “لا بد لنا كلبنانيين من التسلح بمواقف داخلية شعبية وبتنسيق واضح وأن نذهب الى البرلمان بمرشح واحد للمعارضة يستطيع أخذ قرارات مؤثرة على مستقبل لبنان، لا رئيساً لا قرار له، وعدم القبول برئيس من الدرجة الثالثة والخضوع لابتزاز فريق حزب الله، ولا بد من حكومة جديدة، وعدم الرضوخ لرئيس أشبه بحسان دياب، أي حكومة مستشارين ومدراء مكاتب لم يفعلوا شيئاً الا إسقاط لبنان في هوة الانهيار”.

وتحذر هذه المصادر من “خطر الوقوع في الفراغ الدستوري الذي سيؤدي الى فوضى تضع الشعب اللبناني في مواجهة مباشرة مع كل المؤسسات التي يعطل دورها وينهي الدولة، فالطبقة السياسية الحاكمة لا تزال حتى الآن تبحث في جنس الملائكة، بينما المطلوب خطة اقتصادية والذهاب نحو تشكيل فريق عمل للتعامل مع صندوق النقد الدولي للخروج تدريجياً بواسطة خبراء البنك الدولي ومساعداته والدول العربية وأصدقاء لبنان في الخارج”.

وتلفت الى وجوب “الافادة من طرح البابا في الفاتيكان وهو معني كثيراً بوضع لبنان وتأكيده على تأمين استقراره والوصول الى انتخابات رئاسية كي لا يترك لبنان في الفراغ، وهذا كلام مهم. ومن هنا يجب تكثيف الاتصالات للمواجهة برئيس وسطي، كما أن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أكد على رئيس إنقاذي يرضي الجميع وليس صاحب كتلة أكبر. كما أن الموقف السعودي واضح في التعبير عن حماية لبنان وضرورة التشاور لعدم الوقوع في فراغ دستوري”.

شارك المقال