الانتخابات السورية والأمن المتفلت… وجهان لعملة واحدة

لبنان الكبير

عاد ملف النزوح السوري ليفتح على مصراعيه على وقع الانتخابات الرئاسية السورية، ومشاركة الحشود التي أتت من مخيمات النزوح في البقاع وشمال لبنان في عملية الاقتراع التي جرت في السفارة السورية في اليرزة، فعادت معها الأجواء الأمنية المتفلتة لتسود في عدد من المناطق اللبنانية لا سيما في طرابلس وجوارها، وذلك عقب الأحداث التي شهدتها بعض المناطق جراء المواكب الاستفزازية السيارة للناخبين السوريين، التي رفعت أعلاماً وصوراً لبشار الأسد على مرأى من الأجهزة الأمنية، لا سيما لدى مرورها في المناطق المسيحية، ما أعاد مشاهد لذكريات أليمة بقيت راسخة في عقول سكانها وأحزابها.

استنفار أمني كبير للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية في طرابلس. ووصفت مصادر أمنية لموقع “لبنان الكبير” الوضع بالمخيف مع عودة ظهور طابور خامس يعمل من أجل توتير الأجواء، وذلك على وقع إقدام مجهولين على إلقاء زجاجة مولوتوف على مكتب لحزب “الكتائب” في شارع المرابطون في طرابلس، وتطويق مكتب “القوات اللبنانية” من قبل الجيش كإجراءات احترازية، بعد إقدام أشخاص أيضاً على رمي قنبلتي مولوتوف باتجاه مستوصف الخيّال الخيري في منطقة ساحة النجمة، ورمي قنبلة من نوع إينرغا في محيط ساحة الأميركان، وقنبلة أخرى في باب التبانة ما أدى إلى إصابتين.

هذه الأجواء أرخت بثقلها على هذه الأحزاب حيث أكدت مصادر مطلعة فيها لـ”لبنان الكبير” أنها في حالة قلق واستنفار أمني، لافتة الى أن المناطق المسيحية تشهد أجواء غير مريحة، وأن الأهالي يشعرون بالاستفزاز المتواصل، لذلك تتم دعوتهم إلى ضبط النفس، وعدم الوقوع في الفخ وجرهم الى ردات فعل لا تحمد عقباها، وتخدم مآرب من يريدون جر لبنان إلى الفوضى في هذه المرحلة التي يشهد فيها البلد انهياراً على كافة المستويات. كما أشارت المصادر إلى وجود أجندة لخلق الفوضى عبر استهداف “الكتائب” و”القوات اللبنانية” وهي صوبت الاتهام باتجاه الحزب “القومي السوري” الذي كان ولا يزال يعمل على زرع الفتنة والقيام بأعمال أمنية إضافة الى ضلوعه في جملة اغتيالات لقيادات منها سابقاً.

ووضعت المصادر الانتخابات السورية ومظاهرها في خانة وضع لبنان مجدداً تحت رحمة النظام السوري، الذي لا ينفك يحاول العودة إليه ولو من بوابة النازحين، الذين يصوتون لسلطة هربوا منها، في الوقت الذي يجب أن يتم وبحسب القانون الدولي نزع صفة النزوح أو اللجوء عمن يقومون بانتخاب رئيس كان السبب في نزوحهم وتهجيرهم. كما لم يقم لبنان بمنعهم من الاقتراع على غرار ما قامت به ألمانيا وتركيا.

أمام هذا المشهد، جدّد “الكتائب” مطالبة السلطات المعنية بإعادة النَظَر في “بطاقة نازح” الممنوحة من الدولة اللبنانية والأمم المتحدة وتسريع عودة السوريين، إلى أراضيهم بحسب المواثيق الدولية. فيما سجل تبادل للتهم بين “القوات” و”التيار الوطني الحر” تمثل بتغريدات حول من تصدى لدخول النازحين السوريين الى لبنان في العام 2011 وعملية تمركزهم في مخيمات تكون مؤقتة فتصبح دائمة، ومن وصف هذا القرار بالعنصري.

ومن هنا سيبقى ملف النزوح السوري سيفاً مصلتاً على رؤوس اللبنانيين، في الوقت الذي تغيب فيه الدولة اللبنانية عن متابعة هذا الموضوع الحساس، مع وجود مليون و200 ألف نازح مسجل، مقابل مصالح الجهات الدولية المانحة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومفوّضية الأمم المتّحدة السامية لشؤون اللاجئين، والتي تتخطى بحسب مصادر مطلعة أعمالها المساعدات الإنسانية فقط، لتشمل اعتبارات أخرى لها علاقة بالسياسات الخارجية الرامية إلى منع اللاجئين السوريين من الهجرة إلى أوروبا من جهة، والعودة الى بلادهم من جهة أخرى، نظراً للاستفادة المالية الكبيرة من وجودهم في لبنان على مدى سنوات. في حين تبرز وجهات نظر متباينة بين المجتمع الدولي والحكومة اللبنانية كمجتمع مضيف، ولجوؤها الى تعزيز موقفها التفاوضي مع الدول المانحة في سبيل طلب تمويل إضافي قد تستفيد منه في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، والأزمة السياسية حول موضوع إعادة فتح باب العلاقات مع سوريا.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً