تحليل إسرائيلي: عملية غزة بلا مثيل ويجب التفكير بشكل مختلف

حسناء بو حرفوش
The Israeli Iron Dome missile defence system (L) intercepts rockets (R) fired by the Hamas movement towards southern Israel from Beit Lahia in the northern Gaza Strip as seen in the sky above the Gaza Strip overnight on May 14, 2021. - Israel bombarded Gaza with artillery and air strikes on Friday, May 14, in response to a new barrage of rocket fire from the Hamas-run enclave, but stopped short of a ground offensive in the conflict that has now claimed more than 100 Palestinian lives. As the violence intensified, Israel said it was carrying out an attack "in the Gaza Strip" although it later clarified there were no boots on the ground. (Photo by ANAS BABA / AFP)

لا تشبه العملية التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة أي عملية عسكرية أخرى، بحسب تحليل نشر على موقع صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية. ودعا التحليل الذي رفض تحميل جيش الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية سقوط ضحايا في صفوف المدنيين والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور في غزة، إلى تغيير في طريقة التفكير الإسرائيلية إزاء القطاع خصوصاً في ضوء المفاجآت التي طبعت المعارك الأخيرة. وفي ما يأتي ترجمة لبعض ما ورد في المقال.

“على مرّ السنوات الـ 16 الماضية منذ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة بأكمله، تغيرت منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير، لكن غزة بقيت على حالها (…) خاضت إسرائيل عمليات “أمطار الصيف” (2006) لمدة أربعة أشهر و”الرصاص المصبوب” (2009) لمدة ثلاثة أسابيع و”عامود الضباب” (2012) لمدة أسبوع و”الجرف الصامد” (2014) لمدة 50 يومًا و”الحزام الأسود” (2019) لأقل من 72 ساعة. وأخيراً، عملية “حارس الأسوار” التي دامت 12 يومًا (…) وقامت بست عمليات واسعة النطاق، بمعدل عملية واحدة كل عامين ونصف. وكان لكل عملية أهدافها. لكن لم تختلف أي منها في الأساس، عن سابقاتها أو لاحقاتها. يكفي تغيير أسماء رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع وكبار قادة حماس، لكتابة القصص نفسها إلى حد كبير. قد تتغير بعض التفاصيل، لكن الصورة العامة لن تختلف.

(…) وفي الحروب السابقة كانت الصواريخ تصل حتى أشدود، لكنها الآن تطال تل أبيب (…) وعلى الرغم من أن مدى الصواريخ قد يختلف ومعه طبيعة التهديد، يبقى التحدي العام على حاله: إسرائيل وحماس تطلقان الصواريخ على بعضهما البعض مرة أخرى. لكن، في السنوات الفاصلة بين العمليات العسكرية الست المذكورة، حسّنت حماس من قدراتها وامتلكت المزيد من الصواريخ ذات المدى الأطول والرؤوس الحربية الأكبر وحفرت المزيد من الأنفاق ورفعت عديد مقاتليها وطورت حربها الإلكترونية. أما بالنسبة للجزء الأكبر، بقيت غزة مكاناً عالقا في الزمن.

في السنوات الـ 16 منذ انسحاب إسرائيل من القطاع، تغيرت المنطقة بشكل كبير. سجّلت العديد من الحروب وتبدلت القوى العظمى وتغيرت الحدود (…) لكن غزة بقيت عالقة في مكانها. حسنت حماس من قدراتها العسكرية ومدّت شبكة أنفاقها بجدّ تحت الأرض في السنوات السبع منذ حرب غزة الأخيرة. لكن بالنسبة لمواطني غزة، القصة على حالها: يعيشون تحت سيطرة مجموعة إرهابية عازمة على تدمير إسرائيل، ومصممة على التضحية بشعبها، في حرب لا يمكن الانتصار فيها، ضد الجيش الإسرائيلي.

وعلى غرار العمليات الخمس التي سبقتها، تميزت العملية الأخيرة بسماتها ومفاجآتها الفريدة. فقد فاجأت حماس، على سبيل المثال، الجيش الإسرائيلي بقدرتها على إطلاق وابل من الصواريخ دون انقطاع. ونجحت في يوم واحد بإطلاق 170 صاروخاً على عسقلان في غضون ساعات فقط. كان ذلك مثيراً للإعجاب. كما أظهرت قدرة حماس على إطلاق الصواريخ في أي وقت تريد وحيثما تريد وبالكمية التي تريد، سلامة أنظمة القيادة والتحكم المتطورة لديها على الرغم من القصف الإسرائيلي العنيف لغزة.

وإذا كانت هذه الحال مع حماس الآن، يتضح أن القدرة على وقف إطلاق الصواريخ في أي حرب مستقبلية في لبنان مع حزب الله، الذي راقب هذه الحرب بعناية، ستزداد صعوبة بدورها. لقد أبلت إسرائيل بلاءً حسناً خلال هذه العملية. نذكر على سبيل المثال، الضربة الاستخباراتية التي مثلها اكتشاف مسار “مترو أنفاق” حماس وتدميره (…) وبينما يستمر بعض المحللين بمهاجمتها استناداً إلى أرقام الضحايا في صفوف المدنيين، ليس هناك من شك في أن هذه العملية ستدرّس في الأكاديمية العسكرية الأميركية “ويست بوينت” والكلية الحربية الإسرائيلية لأنها فعلاً غير عادية.

وماذا سيأتي بعد ذلك؟ (…) تأمل إسرائيل بعد انتهاء هذه العملية بتحقيق الهدوء لمدة خمس سنوات على الأقل، وفقاً لما يقوله كبار جنرالات الجيش الإسرائيلي علانية (…) لكن ألا تحتاج إسرائيل ربما إلى تغيير طريقة تفكيرها تجاه غزة. بدلاً من النظر إلى القطاع كأرض معادية، ربما عليها أن تغير في نموذج التعاطي (…) بعد 16 عاماً من إدارة العلاقات مع غزة بالطريقة عينها، ربما يستحق الأمر تجربة شيء مختلف. في أغلب الاحتمالات، ستأتي الإجابة: لن ينجح أي شيء آخر طالما حماس التي تسعى إلى تدمير إسرائيل، تحكم غزة. قد يكون ذلك واقعاً علينا أن نقبله ببساطة.

لكن لربما هناك شيء آخر. أحد التفسيرات التي تردع حزب الله، الذي يحكم لبنان، حالياً عن الصراع مع إسرائيل، هو إدراكه لتحميله مسؤولية أي تدمير حتمي للبنان وتحديداً والأهم من ذلك، للبنى التحتية اللبنانية في حال اندلاع الحرب. وقد أعلنت إسرائيل بالفعل أن البنية التحتية لبيروت جزء من بنك أهدافها في أي حرب مستقبلية. لكن في غزة، ليس هناك من بنية تحتية إلا ما بنته حماس لنفسها. وقد حاولت إسرائيل الضغط على حماس وتوجيه رسالة إلى النخبة في غزة الأسبوع الماضي، من خلال هجماتها على حي الرمال الراقي، لكن هذا الهجوم لا يضاهي بالطبع التهديد بفقدان المناطق الصناعية ومحطات الطاقة والموانئ وغيرها.

وفي ما يتعلق بغزة، لا توجد أي من هذه الأصول أصلاً، وعلى الرغم من الأفكار العديدة التي طرحت على مر السنين، كإرساء سفينة بمولد قبالة ساحل القطاع لتزويده بالكهرباء وإنشاء مناطق صناعية أو موانئ لغزة في قبرص أو حتى جزيرة اصطناعية، لم يسجّل أي تطور (…) ويمتلك سكان غزة أبسط وأرخص قبة حديدية وأكثرها فعالية في العالم، تختصر بعبارة “توقفوا عن إطلاق النار”. فإذا توقفت حماس عن الهجوم، لن تضطر إسرائيل إلى إطلاق صاروخ واحد على القطاع. لكن هذا لا يعني أنه يتوجب على الإسرائيليين القبول بدورة الحرب هذه. بعد 16 عامًا من اعتماد الطريقة عينها، ألم يحن الوقت لتجربة شيء جديد؟”.

كلمات البحث
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً