ذكرى تفجيري “التقوى” و”السلام”… طرابلس تنتظر العدالة

إسراء ديب
إسراء ديب

لم ينسَ أهالي طرابلس صوت الانفجارين المتتالين اللذين هزا المدينة ولم يتوقّعوا تعرّض مسجديها التقوى والسلام إلى هذا الهجوم الذي أدّى إلى سقوط 47 شهيداً، وأكثر من 500 جريح.
في هذا الوقت من العام، يستذكر الطرابلسيون الجريمة النكراء، ولا ينسون الأشرطة التي انتشرت حينها، وأبرزها كانت لخطيب مسجد التقوى الشيخ سالم الرافعي الذي كان يتحدّث في خطبته عن النظام السوري، وما هي إلّا ثوان معدودات حتّى وقع الانفجار الأوّل الذي تتحمّل مسؤوليته جهات داخلية وأخرى مرتبطة بالدّولة “الشقيقة” سياسياً.
وكالعادة، لا يُبهرنا تورّط ضبّاط من النظام السوري بهذه الجريمة التي تورطت بها أيضاً خلايا من جبل محسن أيّ المنطقة المناصرة لهذا النظام “حتّى الدمّ” والذي شبعت منه مدينة طرابلس قتلاً، ظلماً وسرقة في ثرواتها وكرامتها، وفي الوقت عينه، لم يستغرب أيّ من المواطنين عدم تحقيق العدالة وذهاب كلّ قطرة دماء سقطت من الضحايا “هدراً”، وكان كلّ ذنبهم أنّهم توجهوا الى صلاة الجمعة لينال كلّ منهم نصيبه بصورة غير متوقّعة.
خلال العامين الماضيين، ربط الكثير من الطرابلسيين هذه الذكرى، بذكرى تفجير مرفأ بيروت والظلم الذي لحق بالعاصمة وأهلها، وكانت قد واجهته عاصمة الشمال بأضعاف مضاعفة من القهر والذل منذ أعوام طويلة مع غياب الأمن والاستقرار عنها. لكن يبدو أنّ الذكرى السنوية للتفجيرين مرتبطة هذا العام بأمرين أساسيين: الأوّل يكمن في ارتباط هذه المناسبة المشؤومة بغرق الزورق قبالة شواطئ طرابلس وما رافق هذه الكارثة من أزمات إنسانية واجتماعية قهرت الطرابلسيين، خاصّة مع عدم تمكّن الغواصة حتّى اللحظة من العثور على الجثث والمركب الذي غرق بـ 100 راكب هربوا من جحيم لبنان الحتميّ. أمّا الأمر الثاني فيرتبط بانهيار صوامع الحبوب في مرفأ بيروت “صومعة بعد صومعة” وهي جريمة موصوفة يتحمّل مسؤوليتها المعنيون الذين لم يتحرّك أيّ منهم لحماية هذا “المعلم” الذي كان يشهد على هذه الفاجعة، وذلك ليحموا مناصبهم والشخصيات السياسية المتهمة والتابعة لهم بعيداً عن ضرورة تحقيق مبدأي العدالة والمساواة، أيّ أنّ أكثر من 200 ضحية قتلت في لحظة مسّت كلّ لبنان من شماله إلى جنوبه بيدِ غدرت بالمواطنين كما بالطرابلسيين شمالاً في لحظات صادمة.
وأخيراً، ووفق معطيات “لبنان الكبير”، فإنّ بعض رجال الدين شمالاً كانوا لعبوا دوراً كبيراً في الوصول إلى هذا التفجير، فمنهم من جنّده النظام لصالحه، ومنهم من جنّد شباناً من طرابلس والشمال لمحاربة النظام في سوريا، الأمر الذي أوقع المدينة في شباك هذا النظام من جديد بعد محاربتها له مع شخصيات كافحت لسنوات وجوده، ودافعت عن المدينة ضدّ هذه الوصاية بعيداً عن التضحية بالمدينة أو بأبنائها.

شارك المقال