كم كلفنا شعار “لن نركع”؟

الراجح
الراجح

“الكذبة تسافر حول نصف الكرة الأرضية قبل أن ترتدي الحقيقة حذاءها”

(مارك توين)

كنت في بداية عهدي بالكتابة منشغلاً بتغيير العالم وأكتب لأحرّض الجماهير على التغيير، لأن جيلنا كان مولعاً بالثورة وقضايا البروليتاريا الذين لا نعرفهم. وبعد النشر أنام مرتاح الضمير، فقد أدّيت قسطي وأنرت شعلة لا تنطفئ… ثم تقدمت على هذا الطريق حتى بدأت تغيير رؤيتي لنفسي وللعالم من حولي.

حينئذ تغيرت أهداف الكتابة لدي لتصبح ربما أعمق، وربما أنضج، لكنها متواضعة الأهداف والغايات. إنها بالنسبة لي فعل ضد الموت. ظل هذا الفعل يحاول التشبث بكل الدروب التي سلكتها طوعاً أو كرهاً… أقول هذا لترددي كثيراً قبل الكتابة هذه المرة… إلا اني كتبت أخيراً ومن وحي ما يحصل في غزة وما رافقه من أطنان الشعارات والكلام الحماسي، الذي دفعني لإعادة التذكير بشعارات رافقتنا جيلاً بعد جيل ومنذ العام 1953 “لن تركع أمة أنجبت جمال عبد الناصر”… وماذا فعلنا بعد حرب 1967 غير الركوع؟؟ وبعد فترة زمنية وبالتحديد عام 1982 وحين كانت بيروت تحت الحصار البري والبحري والجوي، وتنوء بفعل أطنان القذائف الإسرائيلية، انطلق شعار “لن نركع ما زال فينا طفلٌ يرضع”… وبعدها انتهت المقاومة وخرجت بالسفن ووصلنا إلى أوسلو وما بعد أوسلو معروفاً…

في منتصف الثمانينيات تغير الشعار إلى “لن تركع أمة قائدها حافظ الأسد”… ونحن نعلم أن حافظ الأسد لم يسع إلا لتحقيق هدف أساسي واحد، واستخدم كل الوسائل الهمجية لتحقيقه وهو إركاع مَن لم يكن قد ركع بعد… الهدف عنده ركوع الجميع ما عدا إسرائيل وأميركا طبعاً…

حين ننظر إلى الشوارع وداخل البيوت نرى صوراً لشهداء قضوا تحت عنوان عدم الركوع في ظل ركوع بلادهم للذل والخراب وحتى الفناء في كثير من الاحيان، ولا زلنا على رأينا بأن إسرائيل والغرب دائماً يحاولون إركاعنا ما يجعلنا في حال حرب دائمة…

هذا ما يريده نصرالله وما تريده حماس في هذه المرحلة، ولنستعدّ إلى ما سننتهي إليه….

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً