الشغور والتعطيل… وجهان لتشابك فريق واحد 

هيام طوق
هيام طوق

مع الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، تتكثف الاتصالات بين القوى السياسية لاجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده على الرغم من أن هناك قناعة لدى الكثيرين بأن الفراغ شبه أكيد على هذا الصعيد لأسباب كثيرة داخلية وخارجية، لذلك صبّت الجهود في الأسابيع القليلة الماضية على تأليف حكومة كاملة الصلاحيات لتستلم السلطة في حال الشغور الرئاسي، ودخل “حزب الله” على خط الوساطة بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من جهة ورئيس الجمهورية ميشال عون و”التيار الوطني الحر” من جهة ثانية على أمل خرق جدار التعطيل، وتجاوب فريق العهد مع طروحات الضاحية وعين التينة، وأبدى بعض المرونة في التعاطي مع الاستحقاق الحكومي خصوصاً أن ميقاتي كان متجاوباً، وتنازل قدر الامكان الا أن رياح التأليف جرت بما لا تشتهيه سفن الوسطاء بحيث تمسك “التيار” بمطالبه الوزارية، واللقاء الأخير بين الرئيسين عون وميقاتي خير دليل حتى أن بعض المراقبين وصفه بالأسوأ.

إذاً، لم تنجح المساعي في اخراج الحكومة من عنق الزجاجة، وما يزيد من التشاؤم على خط التشكيل، الجمود اللافت على هذا الصعيد اذ لا حركة ولا بركة ولا زيارة مقررة الى القصر الجمهوري، وكأن الوضع الحكومي عاد الى المربع الأول حين اعتبر كثيرون أن صفحة التشكيل في ولاية العهد الحالي طُويت الى غير رجعة خصوصاً بعد المواقف التي أطلقها باسيل أمس وستعمّق الهوة أكثر بين المعنيين بالتأليف.

الاستحقاقان الدستوريان دخلا في حلبة السباق التعطيلي، فحين ترتفع حظوظ التشكيل تنخفض حظوظ انتخاب رئيس والعكس صحيح، في وقت تتوالى القوى السياسية والكتل النيابية على تحديد مواصفات الرئيس المقبل، كما يشتد الخلاف في تفسير الدستور حول صلاحيات الحكومة المستقيلة، اذ أكد باسيل في احدى المقابلات الصحافية “أننا لن نقبل بأي شكل من الأشكال بأن تتسلّم حكومة ميقاتي المنقوصة الصلاحية صلاحيات الرئاسة”.

وسط هذه الأجواء المشحونة والخطابات النارية والعرقلة في الاستحقاقات الدستورية والانقسامات العمودية بين القوى السياسية، هل بتنا في دائرة الفراغين أو أن الحكومة المستقيلة تستطيع استلام السلطة؟ لماذا الجمود على خط التشكيل؟ ولماذا الانقسام حول صلاحيات الحكومة في حال الفراغ الرئاسي طالما أن الدستور لم يحدد مواصفاتها؟ وهل دخل لبنان فعلياً في عين العاصفة التي حذر منها الخبراء منذ أشهر؟

أوضح النائب السابق غسان مخيبر أن “ليس هناك من فراغ في المنطق الدستوري، واذا لم ينجز مجلس النواب انتخاب رئيس الجمهورية ضمن المهل الدستورية، فنقع في شغور رئاسي، وفي حال الشغور لأي سبب كان، تستلم الحكومة إن كانت تصريف أعمال أو مكتملة الصفات صلاحيات رئيس الجمهورية”، مشدداً على أن “المطلوب اليوم تشكيل الحكومة التي تأخرت الى حدود غير مقبولة وانتخاب رئيس للجمهورية”.

ورأى أنه “لا يجوز أن نتعود على الشغور في الرئاسة ولا على حكومات تصريف الأعمال انما اذا حصل ذلك، فحكومة تصريف الأعمال تستمر بالحد الأدنى لاستمرار عمل الدولة التي انهارت أصلاً”، مشيراً الى أن “بعض الأفرقاء يسوّق لتفسيرات دستورية مختلفة بسبب حساباته الخاصة. الدستور لا يقبل الفراغ، وبالتالي لا يمكن تفسير الدستور الا بالمنطق الذي يجيز حتى لحكومة تصريف أعمال بالحلول عند الحاجة محل رئيس الجمهورية بصلاحياته المحدودة”. واعتبر أن “عدم التسليم لحكومة مستقيلة كلام سياسي وليس دستورياً، ويبدو أن جميع السياسيين مسلّمون بأن لا حكومة ولا انتخاب رئيس جمهورية”.

أما النائب السابق الياس عطا الله، فلفت الى “أننا نعيش اليوم الفراغ الكامل على المستويات كافة اذ لا دولة ولا مؤسسات ولا سلطة ولا قضاء. كل مظاهر الدولة غير موجودة انما هناك رئيس مكلف ورئيس جمهورية جهنم”، معتبراً أن “من الصعب تشكيل حكومة في ظل التعقيدات، واذا لم نتمكن من انتخاب رئيس للجمهورية يحترم الدستور ويمثل الدولة اللبنانية، فالشغور أفضل لأنه في ظل رئيس على صورة الرئيس الحالي الى أين يمكن أن نصل بعدما وصلنا الى قعر جهنم؟”.

وقال: “كل ما نراه اليوم من نقاش حول التأليف وحول انتخاب الرئيس هو جدل بيزنطي في وقت تموت الناس من الجوع. هذه الاستحقاقات دستورية، لكن أين احترموا الدستور؟”. وأكد أن “الانهيار ليس صدفة وكل المؤسسات العالمية الموثوقة أخبرتنا بأن ما يحصل يأتي ضمن خطة مدروسة عن سابق تصور وتصميم لتدمير البلد. ونحن اليوم في أعلى درجات الخطر”.

ولاحظ الوزير السابق آلان حكيم أن “هناك تنافساً وتشابكاً داخل الفريق الواحد على الموضوع الحكومي، هدفه الاستحقاق الرئاسي. يتحدثون عن امكان الشغور الرئاسي، ونحن ضد الشغور الذي لا يجب أن يكون موجوداً لكن لسوء الحظ، فإن تاريخهم حافل بالشغور والتعطيل وعدم احترام الاستحقاقات الدستورية”.

أضاف: “هذا التشابك ضمن الفريق الواحد يؤدي الى مزيد من المشكلات، والمضحك المبكي أنه في ظل سقوط الدولة وانهيار الأوضاع المعيشية والحياتية، يضيّعون الوقت في هذه المشكلات بهدف وضع يدهم بالكامل على الدولة، ويتناتشون فتاتها. ومن الواضح أن هناك انتظاراً لكيفية تطور الأوضاع على المستوى الاقليمي والدولي، وحسب هذه الترددات يكون لدينا رئيس للجمهورية أو لا يكون. اذا رأوا أن مدة الشغور طويلة فسيشكلون الحكومة حتى لو بقيت نفسها مع تعديل بسيط، أما اذا لم تتشكل، فالشغور الرئاسي سيكون لفترة قصيرة جداً”.

شارك المقال