إيران في مواجهة غضب الداخل والخارج

حسناء بو حرفوش

تواجه إيران موجة لا مثيل لها من الاحتجاجات التي تتخطى حدودها الجغرافية ولا ترتبط بمسألة الحجاب حصراً كما قد يخيل للبعض، بل تتعداها لتؤكد مجدداً، الحذر من تمدد السيطرة الإيرانية وصولاً الى المناطق التي يتواجد فيها حلفاء طهران. هذا ما ركز عليه مقال رأي لكيم غطاس في موقع “ذا أتلانتيك” الالكتروني.

ووفقاً للمقال، “يستطلع خصوم طهران من بغداد إلى بيروت قدرة موجة الاحتجاجات التي اندلعت مؤخراً في الجمهورية الإسلامية على إفشال مساعي إيران في السيطرة على البلاد. وعكست الشعارات المتشابهة التي رفعت خارج حدود الجمهورية، سابقة على مستوى التضامن بين الشباب عبر الحدود. وبالنسبة الى هؤلاء الشباب، تتوحد الهتافات ازاء ممارسات الجمهورية ضد الشعب على المستوى المحلي والنفوذ المتمدد خارج الحدود. وهذا يعني أن الهتافات كانت تندد بحكومة أجنبية تدعم أنظمة سياسية في البلدان الأخرى بغية التلاعب بها ونشر وكلائها والعمل ضد من يعارض مشروعها.

(…) هذا يعني أن إيران تواجه أكثر التحديات تعقيداً منذ ثورتها في العام 1979، بحيث يتفجر الغضب محلياً وإقليمياً. ففي الداخل، تجمهر المتظاهرون في الشوارع واستأنفوا مظاهراتهم التي اشتعلت شرارتها منذ سنتين. أما في الخارج، فتعبيرات عن التضامن في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ حيث يصفق كثر لشجاعة النساء الايرانيات. وعلى الرغم من التضامن في لبنان والعراق وسوريا وإلى حد ما اليمن، لا يمكن لخصوم طهران الوصول الى نتيجة إلا بالتزامن مع تغيير في الداخل.

وتصعب قراءة الثورات وتوقع الانقلاب الذي ستحدثه، ومع ذلك، تنبئ التطورات التي لا يمكن ربطها بافتراض رحيل حتمي للنظام، ببوادر انهيار محتمل نتيجة الإنهاك الذي تتسبب به الاحتجاجات المتكررة منذ العام 2009. فمذاك، تعيش إيران حالة من الغليان المستمر جراء مئات الاحتجاجات المتجددة في جميع أنحاء البلاد، على الرغم من التعتيم الاعلامي. أضف إلى ذلك أن التحديات المستمرة لطموحات الهيمنة الإيرانية على محيطها، تتبلور بصورة غير مسبوقة.

ولا تدور الاحتجاجات ودعوات التضامن من بيروت إلى شمال شرق سوريا وصولاً إلى كابول حول مجرد قطعة قماش، بل تعكس النضال من أجل هوية إيران ومستقبلها، كما تدين بالنسبة الى أولئك خارج إيران، المظالم التي تم التعبير عنها خلال الاحتجاجات التي اندلعت عبر محور البؤس في إيران في العام 2019. ففي ذلك العام، انطلقت الاحتجاجات في العراق، ثم امتدت إلى لبنان فإيران. ورفع المتظاهرون في مسيراتهم شعارات ضد الفساد والبطالة والشعور العام باليأس والقمع. وأتت ردود الفعل سريعة في الأماكن التي يتواجد فيها الحلفاء. ففي العراق، قمعت الاحتجاجات بوحشية وقُتل أكثر من 500 متظاهر. كما قمعت المظاهرات داخل إيران بعنف، وكلفت حياة أكثر من ألف شخص، وفقاً لمسؤولين إيرانيين في ذلك الوقت. أما في لبنان، حيث الاحتجاجات متعددة الطوائف، فكان استخدام العنف محدوداً ولكنه بقي فاعلاً. وهمدت التحركات مع جائحة كورونا ثم خفتت في ظل انهيار البلاد. ومع ذلك، يراقب خصوم إيران الأحداث عن كثب لتقويم فرص الضغط للحصول على التنازلات، خصوصاً وأنهم يعتبرون أن العديد من التطورات الرئيسة على مدى العامين الماضيين ستحد من سلطة إيران في الفترة المقبلة.

كيف ستتفاعل إيران رداً على هذه التطورات؟ لقد تعلمت الجمهورية من بعض التجارب كما في سوريا حيث تسبب عجز الأسد عن تقديم إصلاحات متواضعة بتجييش المحتجين. ثم تشكلت جماعات متمردة نتيجة استعمال العنف وتبنى النظام سياسة الأرض المحروقة. وفي النهاية، وبعد مرور عقد من الحرب، ترك الانتصار الذي كلف أثماناً كبيرة الأسد، ولياً على كومة من الأنقاض. وهناك في المقلب الآخر، المثال المصري، حيث أتى تنحي مبارك ثم عزل مرسي قبل استلام السيسي. ربما من المقلق أن إيران تتجه إلى نتيجة أشبه بما حل في سوريا، لذلك سيحاول الحرس الثوري على الأرجح اتباع مثال مصر وإنقاذ الدولة بمنهجية مثقلة بالقمع. ويبقى أن الأسابيع والأشهر المقبلة ستوفر الاجابات حول الداخل الإيراني وانسحاب تداعيات ما يحصل على الأرض إلى ما وراء الحدود”.

 

 

 

 

شارك المقال