“نيوز ويك”: جيش روسي من الروبوتات بتقنيات صينية

حسناء بو حرفوش

سلّط موقع “نيوزويك” الأميركي الضوء على السعي الروسي لتطوير منصات للأسلحة المستقلة ذاتياً باستخدام الذكاء الاصطناعي وبالتعاون مع الصين. وفي ما يأتي ترجمة للمقال الذي يستند إلى تقرير لمنظمة “سي أن إي” (CNA) للبحث والتحليل ومقرها في مقاطعة أرلينغتون بفيرجينيا.

“تعكف روسيا بطموح على تطوير مجموعة من منصات الأسلحة المستقلة ذاتياً باستخدام الذكاء الاصطناعي. وتعطي الأولوية لتحديث جيشها بحسب التقرير الذي أصدرته “سي أن إي” بعد التعاون الوثيق مع مركز الذكاء الاصطناعي المشترك التابع للبنتاغون لإنتاج ما اعتبر أول جزء رئيسي من البحث الأميركي حول المبادرات والإنجازات الرئيسية لروسيا المعاصرة في مجال الذكاء الاصطناعي، والذي يضع مبادرات كهذه في سياق الصورة التكنولوجية الأوسع في روسيا.

ووفقا للتقرير، يحتل ترسيخ ما يعرف بهيمنة المعلومات في ساحة المعركة بالنسبة للاستراتيجيين العسكريين الروس سلم الأولويات، كما تعد التقنيات المعززة بالذكاء الاصطناعي بالاستفادة من البيانات المتاحة في ساحة المعركة الحديثة لحماية القوى الروسية والقضاء على تلك الميزة لدى الخصم. وعلى الرغم من بعض التحديات الكبيرة المرتبطة بتنازل العقول البشرية عن قدرات اتخاذ القرار الحاسمة لصالح الذكاء الاصطناعي، تشير المعطيات بوضوح إلى أن روسيا تستثمر جهودها على قدم وساق لتأمين هذه القدرات المتقدمة. وتشكل الصين، التي وصفها التقرير بالشريك الرئيسي لروسيا في مجال التكنولوجيا المتقدمة بشكل عام والذكاء الاصطناعي بشكل خاص، مصدر المدخلات الحاسمة.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لاستهداف كبار منافسيها من خلال فرض عقوبات مختلفة، ترسّخ هذا التعاون بين روسيا والصين في إطار شراكة إستراتيجية أوسع نطاقاً برعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ. ولم يقتصر التعاون على قطاع الدفاع بل ساهمت العلاقات العسكرية المتنامية بين البلدين بفتح الباب أمام المزيد من العمل الشامل، بحسب ما أشار المستشار وعضو منظمة CNA، صامويل بينديت لـ”نيوز ويك”. فعلى الرغم من أن معظم تأثيرات هذا التعاون تتضح على مستوى المجال المدني وفي قطاع التكنولوجيا والتعاون الأكاديمي في مجال البحث والتطوير، تشير أدلة إلى تنامي الاتصالات الثنائية حول الجيش بشكل عام، والمشاركة في تدريبات على المستوى الاستراتيجي مثل “فوستوك” (Vostok)، حيث سطرت شراكة في التعاون في القيادة والسيطرة.

كما أشار التقرير إلى قيام روسيا بمساعدة الصين على بناء نظام إنذار مبكر للصواريخ، ما يؤشر الى ارتفاع مستوى الثقة بين دولتين تشتركان في تاريخ من النزاعات التي هيمنت عليها في العقود الماضية سياسات الحرب الباردة المعقدة. وتستحق احتمالية دمج الذكاء الاصطناعي التوقف عندها، حيث يسعى كلا البلدين إلى تعزيز C4ISR وهو اختصار يشير إلى قدرات القيادة والسيطرة والاتصالات وأجهزة الكمبيوتر والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع. ولكن مع تسارع وتيرة المشاريع المشتركة المنصوص عليها في الاتفاق التاريخي بين بوتين وشي، يشير كبير الباحثين في التقرير، جيفري إدموندز إلى صعوبة تحديد ما تفعله القوتان بالضبط حالياً. وبرأيه، من المنظور الروسي، شكّل التقارب بين البلدين أحد أكثر الاتجاهات ثباتًا في السياسة الخارجية الروسية لعدة عقود ونحن نشهد اليوم على تعاون دفاعي أعمق وأكثر سرية.

ويتضمن تقرير بينديت وإدمونز قائمة تضم حوالي عشرين منصة يطورها الجيش الروسي وتتميز بدرجة معينة من الاستقلالية الذاتية أو من الأسلحة التي تعمل على الذكاء الاصطناعي. وتشمل هذه المنصات المركبات التي تعتمد على الأرض والجو والبحر وبعض الألغام المتخصصة وحتى مجسمات الروبوت الذي يقال إنه قادر على استخدام الأسلحة النارية المزدوجة وقيادة السيارات والسفر إلى الفضاء. كما أدرجت الإضافات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي إلى مجمعات إدارة المعلومات وصنع القرار في الجيش الروسي وأجهزة الدفاع واللوجستيات وأنظمة التدريب والتصنيع العسكري. ويأتي التقرير بعد أيام فقط على إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن بلاده باشرت بتصنيع روبوتات بقدرات عسكرية مستقلة.

وأعلن شويغو الجمعة بدء الإنتاج المتسلسل للروبوتات القتالية، مشيراً إلى أن العمل جار على نطاق واسع لتطوير أسلحة الغد وأن ما ظهر ليس تجريبيًا فحسب، بل إن الروبوتات قادرة على القتال بمفردها. وربما أبرز ما في الترسانة الروسية المتغيرة هي مجموعة الأسلحة النووية التي كشف بوتين النقاب عنها في خطاب ناري في آذار 2018 حيث روّج لتكنولوجيا قادرة على التفوق على أنظمة الدفاع الأكثر تقدماً في العالم. وتشمل “أفانغارد” أي المركبات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، و”بوسيدون” المركبة المسلحة بدون طيار والتي تعمل تحت الماء والمزودة بطوربيد والصاروخ الباليستي “كينجال”.

وناقش التقرير الدرجات المتفاوتة لدمج هذه المنصات لميزات الذكاء الاصطناعي والميزات الآلية، ما يجعلها أكثر خطورة بالإضافة إلى العقبات أمام جهود تطوير مثل هذه القدرات والتي لا تعتبر ضئيلة. كما يستشهد بتقرير حديث لمعهد موسكو للفيزياء والتكنولوجيا يشير إلى نمو الإيرادات المتأتية من النشاط المرتبط بالذكاء الاصطناعي في روسيا بمعدل أسرع بعشر مرات من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بينما تموّل الصين أبحاث الذكاء الاصطناعي بمستوى أعلى بـ 350 مرة من روسيا، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في التوظيف في قطاع الذكاء الاصطناعي. يبدو أن ذلك مجرد مجال من بين مجالات عدة أخرى وجد فيها البلدان اهتماماً وفرصاً متبادلة”.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً