الترسيم انتهى… وهوكشتاين: لا مبرر لما قامت به اسرائيل

ليندا مشلب
ليندا مشلب

وضع اللبنانيون أيديهم على قلوبهم بعد حفلة الجنون التي أصابت العدو الاسرائيلي بالتزامن مع انعقاد “الكابينت” برئاسة يائير لابيد الخميس الفائت والتخبط الذي واكبها عبر التسريبات والتهديدات وتصاريح المزايدات… فالشعبوية والحسابات الانتخابية ليست في لبنان وحسب، يقول مصدر رسمي رفيع لـ “لبنان الكبير”، وما حصل خلف الحدود لا يعنينا ولم نتأثر به ولن نرد عليه. مضيفاً: “علاقتنا مع الأميركيين، وليتحملوا المسؤولية ويعالجوا الموضوع فوراً. هم أم الصبي والاسرائيلي لن يتصرف بمعزل عن قراراتهم وارادتهم، فماذا يعني أن يقول (جو) بايدن ان ملف الترسيم مرتبط بي مباشرة ولن أسمح بإفشاله؟ فليتفضل ويتصرف مع طفله المدلل”.

ويكشف المصدر أن آموس هوكشتاين قال في تعليقه على ما حصل: “ان هذا الأمر غير مبرر وليس في سياقه”، لكن المصدر يرى أن تبريراته تعود الى حسابات انتخابية محض والأميركيون يعلمون هذا الأمر، اما بالنسبة الى لبنان “خلصت ونقطة على السطر”، فهذه المفاوضات انتهت في الزيارة ما قبل الأخيرة للوسيط الأميركي الى بيروت أي في ٣١ تموز الماضي عندما تسلم من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي زاره في مكتبه فور وصوله الى مطار بيروت، موقف لبنان الرسمي وشروطه المتعلقة بالترسيم، وكل ما تلا ذلك لم يكن سوى تمثيل، سيناريوهات ومسرحيات، والمطلعون على الملف عن كثب وقرب وهم قلائل يعلمون هذا الأمر علم اليقين.

ويذكر المصدر بما قاله آنذاك مسؤول اسرائيلي رفيع لوكالة “فرانس برس” من أن زيارة هوكشتاين هي لحظة الحقيقة وأن ما يحمله هو تسوية مقبولة من الطرفين، وأن العرض يتيح للبنان تطوير الحقل في المنطقة المتنازع عليها ولا يضر بالمصالح الاقتصادية لاسرائيل، والوسيط الأميركي أتى بقبول اسرائيلي غير قابل للتعديل، أما ما حصل منذ ذلك الحين فيندرج في اطار المناورات لحسابات خاصة وليس لمفاوضات “خالصة”… فالمسألة واضحة: لبنان وضع قاعدة جدية عبر المقاومة: لا ترسيم لا استخراج، ولا مصلحة لأحد في الاستخفاف بها مهما كانت النتائج، وبالتالي لا دخل للبنان بانتخابات الكيان و”مش شغلتنا ننجح فريق أو نسقط فريق” هذا الأمر متعلق بهم، ونحن سننتظر، انتظرنا ١٢ عاماً للحصول على حقوقنا لا زيادة ولا نقصان، المهم ممنوع الاستخراج قبل الاتفاقية، اما من سيوقع وما اذا كان التوقيع في عهد عون أو في ظل فراغ؟!، يقول المصدر: “بالنسبة الينا، الاتفاقية توقع في كل الظروف لأن آلية التوقيع واضحة والأقلام موجودة اما بالنسبة الى اسرائيل (يصطفلو)…”.

وحول خط الطفافات، يؤكد المصدر أن لبنان لم ولن يتراجع عن الشروط التي وضعها بالنسبة الى هذا الخط ولا تعديل مهما كانت الظروف، كاشفاً أن “الفريق المفاوض متيقظ للنوايا الاسرائيلية من خلال مطلبهم ضم خط الطفافات، فالعدو يريد السيطرة على المنطقة الفاصلة عن الحدود البرية والدخول باتجاه لبنان وتجاوز الخط ٢٣، ونحن قطعنا عليهم الطريق لأنهم يريدون ضم هذه المنطقة ووضعها تحت سيطرتهم أي خط أزرق بحري يبقى في أجوائهم pending الى حين الاتفاق على الترسيم البري، علماً أن هذه المساحة حالياً تحت سيطرة اليونيفيل وهي تمتد خط عرض بعمق ٢ كيلومتر ونصف باتجاهنا ويريد العدو من خلال السيطرة عليها تحقيق أهداف أمنية عدة، فمن جهة يحمي شاطئه والمنتجعات الممتدة عليه، ومن جهة أخرى يفرض سيطرته وشروطه على الترسيم البري فيما بعد من خلال قضم هذه المنطقة وفرض أمر واقع فيها وتلك هي سياسته في قضم الحدود”.

ويذكر المصدر بأن اللواء عباس ابراهيم كان قد تنبه الى هذا الأمر منذ سنتين أثناء مفاوضات الترسيم البري غير المباشرة بين لبنان واسرائيل في الناقورة عبر الأمم المتحدة، عندما أوقف الترسيم البري وطلب الذهاب الى البحري وكانت قد أنجزت ٧ نقاط من أصل ١٣ وبقيت ٦ نقاط طلب تعليقها الى حين الاتفاق على الترسيم البحري لما لبعضها من تأثير وأهمية. عندها غادر الاسرائلي المفاوضات فتأكد ابراهيم أن العدو كان يريد ومهتم بانجاز الترسيم البري ولا يعير اهتماماً للماء، باعتبار أنهم لا يحتاجون كثيراً الى ترسيمه ويستطيعون التحكم بمصالحهم وبالمنطقة البحرية وفق شروطهم في وقت لاحق بعد الانتهاء من الترسيم البري، لكن الظروف قلبت الآية وجعلت موقع لبنان أقوى في هذا الملف، وما كان يخشاه ابراهيم تكشفت أوراقه في المخاض الأخير للمفاوضات… فالعدو كان ولا يزال يريد خرق حدودنا البرية عبر السيطرة على المنطقة الفاصلة بين نقطة الـB1 والخط البحري وهذا ما منعنا حصوله ولا سقف للتنازل اطلاقاً.

اذاً، الكرة الآن في الملعب الأميركي ومن يستعجل الاستخراج خصوصاً أن بايدن يضع ثقله في إنجاز الملف الذي يربطه بأجندته الخاصة حيال الحرب الأوكرانية – الروسية وفرض معادلات جيوسياسية استراتيجية جديدة في المنطقة، اضافة الى حاجة اسرائيل للاستخراج وانتظار ساعة الصفر لرؤية الغاز يعبر الأنابيب التي أعدت لها العدة من سفن وتجهيزات عملاقة وفرق متخصصة تريد حمايتها ومردود اقتصادي ومالي يقدر بمليارات الدولارات. كذلك الفرنسي وخلفه أوروبا الذي ينتظر الغاز والمردود المالي الكبير من خلال شركة “توتال” وقد أدرج الملف بالنسبة اليه في خانة المصلحة القومية العليا… كل ذلك يعني أن لا مصلحة لأحد بالتوتر وتعليق الاتفاق، وتقاطع المصالح الكبرى يؤكد أن الترسيم “ماشي” ولا عودة الى الوراء.

شارك المقال