“ناشيونال إنترست”: احتدام الأزمة الانتخابية في إيران ودعوة إلى موقف دولي

حسناء بو حرفوش

حذّر مقال نشر على موقع “ناشيونال إنترست” الأميركي من اختمار أزمة الانتخابات الرئاسية في إيران وارتفاع حدة الاحتجاجات والتهديد بمقاطعة التصويت، على خلفية علامات الاستفهام حول قائمة المرشحين وماضيهم. ودعا إلى تدخل دولي لتجنب المزيد من القمع وإراقة الدماء. وفيما يأتي ترجمة للمقال الموقع بقلم الخبير الاستراتيجي الإيراني مجيد رفيع زاده.
“تضم لائحة المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية المرتقبة في حزيران المقبل من ضمن آخرين، أشخاصاً يُزعم أنهم قتلة جماعيين ومختلسين فاسدين وخاضعين لعقوبات أوروبية وأميركية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ومتورطين في اغتيالات وتفجيرات خارجية. أما المرشح الأوفر حظاً فهو إبراهيم رئيسي، الذي ورد اسمه من ضمن أبرز مرتكبي المذبحة التي راح ضحيتها 30 ألف سجين سياسي في العام 1988.
ولا عجب في رفض غالبية الإيرانيين هذه الانتخابات بالكامل. فقد حذر العديد من المسؤولين الإيرانيين ووسائل الإعلام الحكومية بالفعل من هذا الاحتمال. علاوة على ذلك، تنظم هذه الانتخابات التي تصنف كإجراء صوري على نطاق واسع، على خلفية انتفاضات كبرى على غرار استحقاقات أخرى. ففي الأيام الأخيرة من العام 2017، اندلعت الاحتجاجات في مدينة مشهد، ثاني أكبر المدن الإيرانية من حيث عدد السكان، وامتدت على الفور إلى عشرات المدن الأخرى، وشكّل التغيير الديمقراطي الصرخة الحاشدة. كما فرضت انتفاضة أخرى في تشرين الثاني 2019، تحدياً أكبر لنظام الملالي، وقامت السلطات بإطلاق النار على الحشود خوفاً من اتساع نطاق هذه الانتفاضات وطبيعتها المنظمة، ما أسفر عن مقتل حوالي 1500 شخص.
ويبرز الغضب المستمر إزاء الحملة ضد المعارضة الآن كقوة دافعة وراء المقاطعة المرتقبة للانتخابات الرئاسية الشهر المقبل. وتأكد ذلك مؤخراً من خلال مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية، تقول فيه أمهات الناشطين الذين قُتلوا خلال انتفاضة تشرين الثاني 2019 أن تصويتهن الوحيد سيهدف لـ”إسقاط” النظام. واعتبرت إحدى الأمهات المفجوعات أن الانتخابات مجرد واجهة لدكتاتورية ثيوقراطية استمرت على مدار أربعة عقود. وقالت: “إذا كان من المفترض أن يصلح تصويتنا أي شيء، لحدث تغيير في السنوات الأربعين الماضية، لكن الأمور بقيت على حالها. وفقدنا خلال هذه السنوات أغلى كنوز هذه الأرض بسبب القتل الجماعي لشبابنا”.
وفي الأسابيع الأخيرة، نظم المتقاعدون أكثر من اثني عشر احتجاجاً، على امتداد مدن عدة. ولم تستجب الحكومة إلا قليلاً لمطالبهم بسياسة اقتصادية تقلص الفجوة بين دخلهم الراكد وتكاليف المعيشة المتزايدة. وتبنت الاحتجاجات مؤخراً شعارات مثل “لم نختبر العدالة يوماً” و”لن نصوت بعد الآن”. ورفعت شعارات مماثلة من قبل المحتجين الذين يتهمون النظام بسرقة مدخرات الناس في البورصة، ويعتبرون أن الكسب غير المشروع للنظام قد تغلغل في التسلسل الهرمي السياسي ولم يترك أي مجال لإصلاح النظام.
وحمل الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني لواء “الإصلاح” على مدى السنوات الثمانية الماضية، ولم يعارض القتل الجماعي للمتظاهرين في تشرين الثاني الماضي ولم ينتقد استثمار الثروة الوطنية في عدد صغير من المؤسسات التي تخضع في الغالب لسلطة المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري. واستمر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارض للنظام بالدعوة لمقاطعة الانتخابات لسنوات عديدة، والتشديد على التغيير ذي المغزى في سلوك إيران الداخلي وعلاقتها بالمجتمع الدولي. وأطلق نشطاء المعارضة هذا العام كما في السابق حملة تحث المواطنين على مقاطعة المهزلة الانتخابية.
(…) ويتوجب على المجتمع الدولي بأسره وعلى صنّاع السياسة الغربيين تأكيد دعمهم للجهود التي يبذلها الشعب الإيراني للتغلب على قمع الدولة والدعوة إلى الديمقراطية. وتوقع نشطاء المعارضة أن يشكل الارتفاع الأخير في حدة الاحتجاجات العامة والمقاطعة الانتخابية الناجحة، مقدمة لمزيد من الاضطرابات على غرار انتفاضة 2019. وحذر المسؤولين الإيرانيين ووسائل الإعلام من الاحتمال نفسه، مثيرين ضمنيًا احتمال شن حملة قمع أكثر عدوانية ضد المعارضة لمواجهة ما قد يعتبر التحدي الأكبر لنظام الملالي حتى الساعة.
وحده التهديد الفوري بردّ دولي منسق قادر على ضمان تجنب إراقة الدماء بشكل أسوأ مما حدث في العام 2019. إذا لم يتخذ صناع القرار مثل هذا الموقف، فقد يعني ذلك أنهم يديرون ظهرهم للشعب الإيراني ويرسّخون بالتالي موقف الديكتاتورية الثيوقراطية المتحمسة للأسلحة النووية والمتعطشة للبقاء”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً