ايران: الأزمة الاقتصادية تزيد الوضع تأزماً

حسناء بو حرفوش

الأزمات الاقتصادية في إيران أشبه بالزيت الذي يصبّ على نار الاحتجاجات، وفقاً لقراءة في موقع “سي أن بي سي” الالكتروني الأميركي. وحسب القراءة، “لا شك في أن التوترات الحالية ليست وليدة مسألة الحجاب القسري وحسب، إنما ترتبط بقضايا أعمق بكثير أهمها الصراعات الاقتصادية في وقت يبدو فيه أن العدالة الاقتصادية غائبة وأن المستقبل يتجه بسرعة إلى المجهول، مما يؤجج الغضب على نطاق واسع النطاق في الشوارع.

“وقضى أكثر من 180 شخصاُ في حملات القمع منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد عقب مقتل الشابة مهسا أميني، بينما توقع محللون ازدياد حجة هذه الاحتجاجات التي توسعت رقعتها بالفعل إلى أكثر من 50 مدينة في شهر واحد.

وتوقعت بات ثاكر، من وحدة إيكونوميست إنتليجنس (Economist intelligence) استمرار الاحتجاجات المناهضة للحكومة بصفتها سمة من سمات المشهد السياسي، ولم تستبعد ازدياد وتيرتها ونطاقها وسط ارتفاع أعمال العنف جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية وتشديد القيود الاجتماعية. ورأت في مقابلة مع (سي إن بي سي) أن هذه الاحتجاجات ستواجَه بالقوة وستزيد من اعتماد الجمهورية الإسلامية على قوات النخبة المسلحة الإيرانية  لتابعة للحرس الثوري. وخرج المرشد الأعلى آية الله خامنئي عن صمته الأسبوع الماضي واصفاً الاحتجاجات بـ (أعمال الشغب)، وموجهاً اصابع الاتهام الى الولايات المتحدة وإسرائيل”.

ويزخر التاريخ الايراني باحتجاجات اندلعت على خلفية القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مثل احتجاجات 2019 على خلفية القفزة في أسعار الوقود، وفي العام 2017 بسبب التضخم والصعوبات الاقتصادية. وفي السنوات الأخيرة، كما قالت سوزان مالوني، نائبة مدير برنامج السياسة الخارجية في معهد “بروكينغز”: شهدنا احتجاجات ضد المظالم الاقتصادية؛ قادها في المقام الأول أفراد من الطبقة العاملة والطبقة الوسطى. واعتبرت أن “الشباب الايراني يعاني من الاحباط نتيجة عقود من سوء الادارة الاقتصادية وتأثير العقوبات الدولية، وهم يحمّلون القيادة الإيرانية مسؤولية ما يحدث”. وتضاعفت الاحتجاجات التي اندلعت مؤخراً بينما يتوقع أن “تبلغ ذروتها لتشكل تحدياً مستمراً يصعب على الجمهورية الاسلامية تحمله”.

ولا ينتظر المحللون أن تحل المشكلات الاقتصادية قريباً، وحسب البنك الدولي، سيظل التضخم في إيران مرتفعاً بأكثر من 30%. كما أن إحصائيات صندوق النقد الدولي، تنذر بتفاقم مستمر للوضع جراء ارتفاع معدلات البطالة في البلاد إلى حوالي 10٪ والدين الحكومي بنسبة 40%. بالإضافة إلى ذلك، يرتبط الوضع في البلاد بالتطورات في فيينا، حيث أن الابتعاد عن الصفقة المحتملة في الملف النووي يعني استمرار تأثير العقوبات الاقتصادية على اقتصاد البلاد. وفي هذا السياق، يأسف جواد صالحي أصفهاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا لأن “العدالة الاقتصادية غائبة والمستقبل يتجه نحو المجهول، مما يثير غضباً واسع النطاق ينصب بعنف في الشوارع. ويعاني الشباب أكثر بسبب الخيبة المضاعفة نظراً الى أن التعليم لم يساعدهم في الحصول على معاملة أفضل في سوق العمل”.

بدورها، اعتبرت مالوني أن الانتفاضة الاجتماعية تمتلك المقومات التي تجعلها قادرة على التطور والاستمرار حتى في مواجهة محاولات القمع، ولكن من غير المرجح أن تتصاعد لتشعل حرباً أهلية. بيد أن الايرانيين أبدوا استعداداً أكبر لمواجهة قوات الأمن مقارنة بأي وقت مضى، لم تطرح مالوني احتمال النجاح في تغيير النظام بسهولة. وختمت بالقول: “إنّ هذا النظام ثيوقراطي وقائم على احتكار السلطة. وقد صمد في وجه الاضطرابات على مدى 43 عاماً، مما يجعله قادراً على الصمود في السلطة بعد”.

شارك المقال