فرنسا تستعجل انتخاب الرئيس… تخوف من تعطيل وفوضى

هيام طوق
هيام طوق

على ايقاع التعطيل الحكومي، والجلسات المتتالية لمجلس النواب التي يعتبرها الجميع فولكلورية ولن تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية أقله في المرحلة الراهنة ما يعني أن الشغور شبه حتمي، حطت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في بيروت، في زيارة هي الأولى من نوعها للبنان ولمنطقة الشرق الأوسط حيث حملت رسائل عدة في حقيبتها منها: وجوب تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات ضمن الوقت المناسب، ضرورة تنفيذ الاصلاحات، والتأكيد على دور فرنسا في انجاز ملف الترسيم، لتبقى الرسالة الأهم: انتخاب رئيس الجمهورية ضمن المهلة الدستورية والا سيف العقوبات الأوروبية والأميركية حاضر لمعاقبة المعرقلين.

وعلى الرغم من اجهاض المبادرة الانقاذية التي حاول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اقناع المسؤولين بها عقب انفجار المرفأ، إلا أن باريس تبقى معنية بالملف اللبناني وفكفكة عقده خصوصاً في ظل الأوضاع الراهنة حيث البلد يعاني من الاهتراء على المستويات كافة، ويواجه أكبر أزماته. وأكد أحد المتابعين لموقع “لبنان الكبير” أن الزيارة تأتي في اطار اهتمام فرنسا بلبنان وتفويضها من واشنطن بالتنسيق مع السعودية لا سيما أنها ترى خطر الفوضى محدقاً بالبلد، وتستعجل اجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده، محذرة من مغبة عدم انتخاب رئيس الجمهورية في الموعد الدستوري كما فعلت في الانتخابات النيابية السابقة والا هناك عقوبات على المعطلين. كما أن لبنان لن يحصل على أي دعم لا من الدول المانحة ولا من فرنسا ولا من دول الخليج ولن يتم الافراج عن أموال “سيدر” اذا لم يتم انتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستورية وتشكيل حكومة اصلاحية. فرنسا التي لعبت دوراً مهماً في الترسيم، وساهمت في الوصول الى اتفاق، تريد رئيساً للجمهورية وفق المواصفات التي تضمنها البيان الثلاثي المشترك الأميركي – الفرنسي – السعودي مع التأكيد أنها لن تدخل في لعبة الأسماء.

وجالت الوزيرة الفرنسية على الرؤساء الثلاثة، وشددت خلال مؤتمر صحافي من مطار رفيق الحريري الدولي في ختام جولتها على أنوجوب “انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء هذا الشهر”، مشيرة الى أنّ “انتخاب الرئيس اللبناني المقبل يعود إلى اللبنانيين وحدهم، وعليهم اختيار رئيس يستطيع أن يرأس الشعب ويعمل مع اللاعبين الاقليميين والدوليين لتخطّي الأزمة الحالية لضمان استقرار لبنان وأمنه وسلامته”.

وفي هذا الاطار، لفت النائب هادي أبو الحسن الى “أننا ننطلق دائماً من الدور الايجابي الذي تلعبه فرنسا تجاه لبنان، وكانت ولا تزال في موقع الحريص والداعم للبلد. وبعد انفجار المرفأ، كانت زيارة الرئيس الفرنسي خير دليل على دعم فرنسا للبنان، وكانت اجتماعات قصر الصنوبر، والورقة الفرنسية التي لم يلتزم بها لبنان، ولو التزمنا بها لما كنا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم. وحضرت فرنسا مجدداً في تسهيل اتفاق الترسيم البحري، ولعبت دوراً مهماً جداً كما تلعب دوراً في الأزمات التي تعصف بالبلد. ولا يمكن الا أن ننظر نظرة ايجابية الى هذا الاهتمام، ونعوّل على هذا الدور الايجابي. لكن، هذا لا يكفي لأن المهم أن نتحمل نحن المسؤولية، ونقوم بما يمليه علينا واجبنا الوطني تجاه البلد والشعب. ولا يجوز الرهان دائماً على تدخل الآخرين”، مشيراً الى أن زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية “لها تأثيرات ايجابية لكن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتقنا”.

وسأل: “لماذا لا تكون لدينا القدرة بحيث نظهر دائماً بموقع العاجز عن انتاج الحلول، وننتظر الآخرين لايجاد الحلول؟ لماذا لا يمكن أن نلتقي على مشروع وفاقي خصوصاً أن تركيبة المجلس النيابي تحتم علينا التوافق على مشروع، ويكون لدينا حل وفاقي وليس تسووياً؟”، معتبراً أن “المطلوب منا أن نبادر الى انتاج الحلول. وما نقوم به من طرح لاسم مرشح يحمل مواصفات وطنية، يجب أن يكون مثالاً يُحتذى لباقي المكونات. لماذا التعطيل أو الورقة البيضاء أو التحفظ عن اسم؟ فلنبادر ونتلاقى ونتحاور، ولا ننتظر من الخارج تسوية الأوضاع بيننا.”

ورأى أن “الدول ليست جمعيات خيرية، وتتعاطى السياسة، والسياسة قائمة على المصالح، وهذا أمر طبيعي. صحيح أن الدول لديها مصالح، لكن علينا الافادة من الموقف الايجابي لتلك الدول تجاه لبنان. ثم لماذا لا نوفر عليهم ونقوم بعملنا؟ أليس ذلك أفضل؟ سنستمر في العمل لتغيير الواقع”.

أما النائب نزيه متى، فشدد على أن “الانتخابات في حال جرت ضمن المهل الدستورية تبقى ملبننة أكثر، وطالما هناك أكثر من مرشح تبقى العملية الانتخابية أقرب إلى الديموقراطية، وكلما اقتربنا من انتهاء المهل الدستورية أو تخطيناها، كلما ازدادت مخاطر التسويات والتدخلات الدولية والخارجية، وإذا اعتمدنا، كما دائماً، الاتفاق على رئيس تسووي، نكون قد نسفنا اللعبة الديموقراطية من أساسها. ونحن لا نريد الدخول في أي منها بل نريد رئيساً يغيّر النمط السائد، وفي انتخابنا رئيساً كالعادة بالاجماع، سيبقى مكبل الأوصال ومضطرًا الى مسايرة هذه الفئة أو تلك”، متمنياً “الوصول الى خواتيم جيدة، فلا نريد تسويات واتفاقات تعودنا عليها أودت بالبلد وشعبه”.

وقال: “تاريخياً، فرنسا تهتم بلبنان، وتتعاطف معنا، وله مكانة خاصة بالنسبة اليها، وحين تشتد أزماتنا تكون من الداعمين. لكن علينا، وفي البداية، الاتكال على أنفسنا ومن بعدها الاتكال على الآخرين، فإذا أخذنا مبادرة الرئيس الفرنسي بعد انفجار مرفأ بيروت لم تصل الى أي نتيجة، بسبب مياعة المسؤولين اللبنانيين وتخاذلهم. فإذا كانت هناك من مبادرة شبيهة مع الاشخاص أنفسهم، وسيتم تعاطي المسؤولين بالطريقة ذاتها، فذلك يعني الفشل، وفي حال أدت الى نتيجة، فلن تكون مفيدة للشعب اللبناني، اذا بقي كل منهم يطالب بحصته وبحلٍ على قياسه. من الضروري انتخاب رئيس لا يشبه الرئيس الذي أوصلنا الى ما نحن عليه. هناك ضرورة لتغيير نمط التعاطي مع الداخل اللبناني ومع المجتمعات الدولية والعربية كي يعود لبنان الى سابق عهده”.

وأمل “أن تتلاقى الرؤية والأهداف كي نخرج من هذا النفق المظلم ومما نحن فيه. إذا كان يهمنا العبور إلى لبنان الذي نريد، لبنان السيادة والكيان، لبنان البحبوحة والازدهار، لبنان الحرية والاستقلال، علينا الاتكال على أنفسنا، فنعمل وفق الأصول، وننتخب رئيساً للجمهورية لا يساير، لا يوارب، لا يساوم. ننتخب رئيساً جامعاً على حب الوطن، وعلى سيادته، ولا يتردد في التصويب على الخطأ. يعرف متى يقول نعم ومتى يقول لا”.

أضاف: “لماذا ننتظر دائماً الوساطات التي ربما لها مصالحها الخاصة؟ فليكن حلاً لبنانياً ولمصلحة لبنان، يخرجنا من هذا النفق المظلم ويجنبنا ست سنوات إضافية من الذل والاهانة، من اليأس والقرف، فلبنان لم يعد يحتمل ذلك. والدول لديها اهتماماتها ومشاريعها الكبرى، ونحن حريصون على لبننة الاستحقاقات واحترامها، لكن طالما هناك إرتباطات بالمشاريع الخارجية وتلطٍ من البعض خلفها، وتغطيتها من أجل تحقيق المآرب والمصالح الخاصة، فهذا لا يدعو الى الطمأنينة”.

اعتبر النائب فادي علامة أن “أي تحرك من أصدقاء لبنان للاسراع في انتخاب رئيس في المهل الدستورية يكون اضافة للبنان. أي شخص يمكن أن يساعد في تقريب وجهات النظر، سيكون لبنان مرحباً بذلك”، مشيراً الى “أننا كلما اقتربنا من الاستحقاق الدستوري كلما أصبحت الأمور أكثر جدية وتبلورت المواقف. الكل يعرف دقة المرحلة، وأن ليس لدينا ترف الوقت، ولا يجوز السماح باستمرار الشغور سنوات كما في السابق لأن الاوضاع لا تحتمل ذلك”.

وأكد “أننا سنرى كل يوم جدية أكبر، وستتكثف الاتصالات وصولاً الى انجاز الاستحقاق في تاريخه”، مشدداً على “ضرورة لبننة الاستحقاق بحيث أن برنامج عمل الرئيس واضح، ويكفي أن يتفق اللبنانيون على اسم الشخص”.

شارك المقال