هالوين بعبدا

حسين زياد منصور

يصادف يوم ٣١ أكتوبر/تشرين الأول عيد الهالوين، الذي ينتظره عدد كبير من الناس حول العالم للاحتفال به، ويرتدي خلاله المحتفلون بغالبيتهم أزياء مخيفة توحي بالأشباح والأرواح والأشرار، وبعضهم يقوم بنحت اليقطين ووضعه خارج المنزل.

هذا التاريخ ينتظره اللبنانيون بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر، لا لأنه يوم الهالوين، بل لأنه اليوم الأخير من “العهد القوي”، وعلى الرغم من عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والجدل الحاصل لمخالفة الدستور بشأن تسلم حكومة تصريف الأعمال مهام رئيس الجمهورية، الا أن الهم الأوحد هو انتهاء هذا العهد الذي أوصل اللبنانيين الى جهنم، في ظل أزمة اقتصادية ومالية ومعيشية خانقة، وإخفاء تحقيقات انفجار المرفأ وطمس الحقائق.

على الرغم من كل التحضيرات لمواكبة خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا وانضمامه الى قافلة الرؤساء السابقين في عيد الهالوين، يتخوف اللبنانيون من سؤال خدعة أم حلوى، فالحلوى بتسليم صلاحياته الى رئاسة الحكومة، اما الخدعة فهي بقاؤه في القصر أو تسليم الحكم لصهره بصورة مخالفة للدستور.

أيام قليلة جداً وينتهي هذا العهد الذي ادعى تحقيق الانجازات في آخر أيامه، ظناً منه بالتصالح مع الشعب الذي يعاني من مشكلات كثيرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وبحسب ما يشاع، يستعد عون لترك قصر بعبدا والعودة الى الرابية في ٣٠ تشرين أي قبل يوم واحد من نهاية عهده، أي أنه سيذهب الى الرابية رئيساً حالياً وليس سابقاً، بحيث تكون بخدمته كل القوى الأمنية لتأمين عودته تحسباً لأي حدث أمني قد يحصل.

وفي السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي جوزيف أبو فاضل في حديث لـ”لبنان الكبير”: “أولاً رئيس الجمهورية في لبنان هو رئيس الدولة وله الحق بالرحيل في أي وقت يريد، فهو ليس رئيساً للحكومة وعليه تصريف الأعمال أي أنه ليس ملزماً. فرئيس الجمهورية اما أن يتمم ولايته أو يستقيل، والرئيس عون يرحل عن بعبدا متوجهاً الى منزله قبل انتهاء ولايته بيوم، لكن الحصانة ستبقى حتى ليل ٣١، لذلك فله الحق بالحديث عما يريده ولا يمكن لأحد أن يحاسبه عن ذلك حتى انتهاء ولايته عند الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، ومهما كان كلامه فلا يمكن محاسبته الا في حالتين فقط هما الخيانة العظمى ومخالفة الدستور”.

أضاف: “بالتأكيد الرئيس يحصن نفسه ابتداء من هذه النقطة أولاً، وثانياً هو يعلم أنه لم يتمكن من انجاز أي شيء، بسبب مجموعة المنافقين الذين يقولون له انه أنجز العديد من الأمور وهم يكذبون عليه، لكنه في قرارة نفسه وأنا أعلم أن همه كان إيصال صهره ولم يتمكن من ذلك، والنتيجة كانت دماراً لمختلف المؤسسات في لبنان وانحلالاً وانحطاطاً لكل مؤسسات الدولة من دون استثناء، فكل الوعود التي أطلقها عندما كان في الرابية لم يستطع أن ينفذ أي شيء منها فكانت كالوعود العرقوبية”.

ورأى أنه “لو تصرف الرئيس عون كما كان يقول في الرابية ولو لم يتدخل صهره في الصفقات والسمسرات وفي فقدان البلد ومحاولة الاطاحة بقائد الجيش وحاكم مصرف لبنان واستفزاز القيادات كلها ومحاربتها من رئيس دائرة المناقصات والمدير العام للمشتقات النفطية ورئيس مجلس القضاء الأعلى وتوقيف هدى سلوم، كل هذا التخبيص الذي حصل لو كان الرئيس يتعامل على هواه لما حصل هذا الأمر، فضلاً عن الجولات التي قام بها جبران باسيل وأسقطت ضحايا في مناطق لبنانية وأبرزها الجبل”.

وأشار الى أن “الرئيس سيخرج بموكب رسمي، وتغلق كل الطرقات لأجله، وكل أجهزة الدولة ملزمة بتأمين حمايته، ويحضر لحفل وداع كبير له، وقد يكون له خطاب ويطلق تحديات وتنبيهات عالية النبرة للحلفاء والخصوم، فضلاً عن العديد من الأمور وتسليم الشعلة لصهره، الى جانب حضور عوني كبير لملاقاته في منزله والتقاط الصور الى جانبه، وهناك الكثيرون منهم كانوا يريدون التقاط الصور معه وهو رئيس وهي فرصة لهم فهو لا يريد الخروج الا بصورة رسمية كما استقبل استقبالاً رسمياً كبيراً ويريد وداعاً رسمياً كبيراً مشابهاً”.

ويؤكد أبو فاضل أن “جبران باسيل ومعاوني الرئيس هم السبب في إفشال هذا العهد، ومن أطلقوا الرصاص على صدر العهد ولو أن الرئيس عون نفذ كل ما كان يقوله عندما كان في الرابية لاختلف الموضوع، وسيعمل خلال الأيام القليلة المتبقية المستحيل لتجيير الأصوات لجبران باسيل”.

إذاً، فاللبنانيون ينتظرون ٣١ من الشهر الجاري بفارغ الصبر، وبما أن الهالوين يصادف يوم نهاية “العهد القوي”، فاليوم الموعود سيكون اسمه “هالوين بعبدا”.

شارك المقال