الخارج يدعم انتخاب الرئيس… وكلمة الفصل للداخل

هيام طوق
هيام طوق

تنطلق اليوم فعلياً، قمة مجموعة العشرين في جزيرة بالي الاندونيسية، بمشاركة 17 رئيس دولة، وتبحث أزمة الطاقة في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا. وتمهيداً للقاء المتوقع بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش القمة التي تنتهي بعد غد الخميس، أعلن قصر الاليزيه في بيان أن ماكرون اتصل بولي العهد، و”تم البحث في الأخطار التي تهدد استقرار المنطقة، وأكدا على ضرورة انتخاب رئيس للبنان وإجراء اصلاحات هيكلية، لا غنى عنها لنهوض البلاد، واتفقا على مواصلة تعاونهما وتعزيزه للاستجابة الى حاجات الشعب اللبناني الانسانية”.

ولفتت المعلومات الى أن التطورات في لبنان ومخاطر الفراغ الذي يعيشه، ستحضر في مباحثات الزعماء المشاركين في القمة لا سيما أطراف البيان الثلاثي الأميركي – الفرنسي – السعودي، الذي صدر قبل نهاية عهد الرئيس السابق ميشال عون، وشدد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية كما تطرق الى مواصفات الرئيس الجديد.

وتتجه أنظار اللبنانيين الى القمة علها تأتي بجديد يساهم في خروج لبنان من دوامة التعطيل والفراغ والشلل الحاصل في مؤسسات الدولة خصوصاً أن كل يوم يمر، يظهر أكثر فأكثر عمق الهوة بين القوى السياسية التي بتشتتها أو عدم توافقها، وضعت الاستحقاق الرئاسي في مهب الريح والغموض حتى أن كثيرين أصبحوا على قناعة بأنه اذا لم تتدخل الدول لاخراج البلد من هذه الدوامة العقيمة، فإن انتخاب الرئيس صعب جداً، والسيناريوهات ستتكرر كل أسبوع في البرلمان من دون نتيجة.

وبعد البيان الثلاثي حول الفراغ الرئاسي، توالت الدعوات الأممية الى ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. كما تحدثت مصادر عن مساعٍ فرنسية بالتنسيق مع الجانب الأميركي للوصول الى سلة تفاهمات متكاملة بشأن لبنان، تشمل انتخاب الرئيس، والتوافق على رئيس الحكومة ثم القيام بحملة اصلاحية. كما سيبحث اللقاء المقرر بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، على هامش القمة، في الملف اللبناني الى جانب ملفات أخرى. لكن السؤال الذي يطرحه اللبنانيون، لماذا لا تثمر هذه الحركة الدولية، نتائج ملموسة في الواقع السياسي، وانفراجاً على مستوى الاستحقاقات الدستورية؟

رأى الناشط المدني طلال خواجة أن “هناك طرفاً يسيطر على البلد، ويدير الموضوع بالطريقة التي تخدمه بالتنسيق مع الطرف الاقليمي الذي يدير حواراً ومفاوضات مع الخارج، والقوى السيادية لم تتمكن من التوصل الى موقف يمكنها من خلاله فرض خيارها على الطرف الآخر”.

واعتبر أن “المجتمع الدولي يهمه ألا يتحول لبنان الى بلد متفلت أمنياً خصوصاً بعد الترسيم البحري، والحرب الأوكرانية وحاجة أوروبا الى النفط”، مشيراً الى أن “بعض قوى المعارضة لم يكن على قدر الحمل والمسؤولية، والبعض منها يتخذ المواقف على طريقة كلن يعني كلن.”

ولفت الى أن “الخارج يمكن أن يؤثر في انتخاب الرئيس اللبناني، لكن ليس الى حد الفرض. أبرزت الانتخابات النيابية نوعاً من التوازنات، والقوى السيادية ليست بسيطة. وبالتالي، الظرف الداخلي ليس بهذا السوء، وأبوابه ليست مشرّعة كلياً ليفرض الخارج أي رئيس. الضغط الخارجي غير كاف وحده إن كان عبر تسويات أو تفاهمات ليفرض فرضاً على الداخل بحيث أن الحيوية الداخلية اليوم تختلف عن السابق أي قبل انتخاب الرئيس ميشال عون”.

وقال: “المعطيات تشير الى أن الشغور سيستمر لفترة طويلة، ولا يمكن الاستهانة بميزان القوى الداخلي لا بل في حال تمكنت قوى المعارضة من التوافق على اسم إن كان النائب ميشال معوض أو غيره، تكون زادت من حجم الكتلة السيادية التي تدفع الخارج الى الأخذ في الاعتبار هذا الأمر، ويعيد حساباته اذا أراد القيام بتسوية على حساب العبور الى الدولة”.

أما خبير العلاقات الدولية علي حمود، فأوضح أن “هناك صراعاً دولياً كبيراً، وأزمة محروقات أوروبية، ولسنا على الأجندة الدولية انما على الهامش، وشعوبنا ليست من أولويات الدول الكبرى انما الشعوب الأوروبية هي التي تحتل الأولويات والاهتمامات”، مشيراً الى أن “الطبقة السياسية مرتبطة بالخارج، لكن من دون الاتفاق الداخلي، لن يكون هناك أي تأثير للخارج في انتخاب رئيس الجمهورية. اليوم، عدم التوافق الداخلي يقف عائقاً أمام التسهيل من الخارج علماً أن البلد عانى على مدى سنتين ونصف السنة من الشغور قبل انتخاب الرئيس ميشال عون”.

ورحج احتمال “أن يطول الشغور وصولاً الى التوافق على مرشح وسطي ينهي الانسداد الحالي على الرغم من أن 80 في المئة من الناس يعيشون تحت خط الفقر. انتخاب الرئيس يحتاج الى وقت اضافة الى ضرورة الاسراع في تفعيل المؤسسات”، معتبراً أن “كل التحركات، وحوارات القادة على هامش القمم والمؤتمرات الدولية، لن تصل بنا الى رئيس توافقي بحيث أن هناك انسداداً للأفق في هذا الاطار كما أن انعدام الحوار بين المكونات السياسية الحاكمة والمتحكمة، يجعل من التدخل الدولي مهمة صعبة، بنتائج غير حاسمة ومفاعيل غير مضمونة. التحركات الدولية كانت موجودة حتى قبل انفجار المرفأ، لكن لم نر أي تنفيذ لهذه الحركة الدولية والديبلوماسية لأنها لم تترافق مع الاصلاحات الداخلية التي طالب بها صندوق النقد الدولي. المنظومة السياسية في واد والشعب في واد آخر، وآخر همها وضع الناس المعيشي والحياتي”.

شارك المقال