يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني… على وقع التقسيم

جنى غلاييني

فيما تحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني كل عام، فإن هذا اليوم بمثابة تذكير قاتم للعديد من الفلسطينيين بقرارها رقم 181، الذي شرّع الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين. ففي 29 تشرين الثاني/نوفمبر اختارت الأمم المتحدة هذا اليوم للاحتفال وهو اليوم الذي صوتت فيه على خطة التقسيم أو قرار التقسيم في العام 1947 ونص على أن تنشأ في فلسطين “دولة يهودية” و”دولة عربية”، واعتبار القدس كياناً متميزاً يخضع لنظام دولي خاص بعد أكثر من سبعة عقود من تبني القرار 181، فلسطينيون وعرب وحركات التضامن العالمية تحتفل بهذا اليوم باعتباره “ذكرى التقسيم”.

في العام 1947، التزمت الأمم المتحدة بالخطوة الأولى التي شرّعت تقسيم فلسطين من خلال منح أكثر من 55 في المئة من أراضيها للمستوطنين اليهود لاقامة دولتهم الخاصة. أوصى القرار 181 بتقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام: دولة عربية تحتل 44 في المئة من الأرض، ودولة يهودية بنسبة 55.47 في المئة، والقدس وبيت لحم بنسبة 0.65 في المئة، ككيان منفصل تحكمه إدارة دولية خاصة.

وفي هذا السياق، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ76، التي عقدت في 24 أيلول الماضي: “إن شعبنا لن يُسلم بواقع الاحتلال وممارسته غير الشرعية، وسيواصل نضاله للوصول إلي حقوقه في تقرير المصير، والبدائل أمامه مفتوحة، بما فيها خيار العودة الى حل يستند إلى قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947، الذي يُعطي فلسطين 44 في المئة من الأرض، وهي ضعف المساحة القائمة على حدود العام 1967” بحسب تعبيره.

وفي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أكدت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أن “الشعب الفلسطيني متمسك بحقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف وبحقه في النضال والمقاومة بأشكالها كافة حتى يستعيد حقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقدمها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس”، مشيرة الى أن “قرار التقسيم حوّلته الأمم المتحدة إلى يوم للتضامن مع شعبنا الفلسطيني، تقديراً واعترافاً منها بكفاحه المستمر وعدالة قضيته”.

ورأت أن “العالم الذي أعطى الشعب الفلسطيني حقه بإقامة دولته على أرضه، واعترف بنا كشعب له حق تقرير المصير من خلال الاعتراف بضرورة قيام دولته، مطالب اليوم بأن يتوقف عن الكيل بمكيالين، وأن يكون أميناً لما شرّعه من قرارات تؤكد حق شعبنا في العودة والحرية والاستقلال، وأن يترجم ذلك بالأفعال لا بمزيد من القرارات، وهذا يحتاج إلى تدخل حقيقي يحمي شعبنا من إرهاب دولة منظم مستمر بصورة يومية تمارسه دولة الاحتلال بخرق واضح لكل الأعراف والمواثيق الدولية، بحيث باتت تتصرف كدولة فوق القانون الدولي، ودعم دولة فلسطين بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”.

وأشارت الجبهة إلى أنه “على الرغم من كل محاولات إسرائيل إلغاء وجود الشعب الفلسطيني أو عدم الاعتراف بحقوقه أو بتمثيله السياسي الذي جسدته منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا واحدى أهم منجزاته الوطنية التي تحققت بفعل النضال والصمود والتضحيات، الا أن هذه المحاولات جميعها باءت بالفشل، وتمكن الشعب الفلسطيني عبر تضحياته الغالية من فرض حضوره على الصعيد العربي والاقليمي والدولي، ومن تعزيز مشروعية نضاله وحقوقه الوطنية في مختلف الساحات والمواقع، وفي مقدمها على أرضه ووطنه”.

بعد 75 عاماً على تبني قرار التقسيم الذي يوصي بمصادرة أكثر من نصف الأراضي الفلسطينية وتخصيصها للاحتلال الإسرائيلي، يمتلك الفلسطينيون الآن أقل من 15٪ من أراضيهم إلى جانب يوم رمزي للتضامن. وبينما انشغلت الدول العربية والاسلامية بالصراعات الداخلية في السنوات الأخيرة، فإن التضامن مع الشعب الفلسطيني ينحصر في الأنشطة الرمزية التي تنظمها الأمم المتحدة نفسها، ولكن ما يبقى واضحاً أن اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هو محاولة من الأمم المتحدة للتخفيف من المأساة التي أوجدتها والاستمرار في تبرير قرار التقسيم الذي كانت له عواقب مأساوية على الشعب الفلسطيني لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

شارك المقال