باسيل يقترح تسمية وزيرين مسيحيين من الثنائي أو فرنجية وجنبلاط

وليد شقير
وليد شقير

ما زالت العقدة هي نفسها. ممنوع على رئيس الحكومة المكلف أن يسمي أي وزير مسيحي، من ضمن اقتراح رئيس البرلمان نبيه بري أن تتشكل الحكومة من 24 وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين وفق المبادرة الفرنسية، بصيغة 8ـ8ـ8 ومن دون ثلث معطل لأي فريق.

حين نقل المعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل ومسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا إلى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل اقتراحه بأن يقترح الحريري إسمي الوزيرين المسيحيين، وأن يكون للرئيس ميشال عون حق الموافقة عليهما أو رفضهما، إلى أن يتفقا على الإسمين. لم يقبل باسيل بأن يسمي الحريري الوزيرين، مع الموافقة على إناطة الموافقة النهائية عليهما من قبل عون. انتهى الاجتماع الذي انعقد في أحد أجنحة القصر الرئاسي الذي يداوم فيه باسيل ومعاونوه إلى لا نتائج.

أبقى الرئيس بري الأمر معلقاً آملاً أن تؤدي الاتصالات اللاحقة إلى تعديل موقف الصهر. وسربت مصادر الرئاسة الثانية بأنها تنتظر رداً من رئيس “التيار الحر”. لكن ما حصل أن خلية الأزمة في باريس تابعت تفاصيل تحرك بري بعد تشجيعه عليه، آملة في أن ينتج عنه اختراق، استفسرت منه عما آلت إليه وساطته فنقل إليها نتيجة لقائه بالحريري وموافقته على المبادرة التي عرضها. وما جرى من نقاش بين وفد حركة “أمل” و”حزب الله” وبين باسيل، مشيراً إلى أنه ينتظر جواباً من الأخير. خلية الأزمة اتصلت بباسيل مستطلعة موقفه، خصوصاً أنها متحمسة لنجاح مبادرة بري. فكان جواب رئيس “التيار الوطني الحر” أنه لم يتلقَ أي اقتراح أو عرض من موفدي رئيس البرلمان. لم يكتفِ المتصل الفرنسي بالجواب فتحقق من الأمر من بري مجدداً، الذي استغرب وروى له الرواية مجدداً.

هذه عينة عن التعامل مع اقتراحات تأليف الحكومة من قبل الفريق الرئاسي، يعرف الفرنسيون سلفاً روايات أخرى مثلها عن مراحل سابقة من التفاوض.

مع ذلك لا بري الذي وسع بيكار اتصالاته فشملت البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، ولا الجانب الفرنسي يعتبران أن الأمور يجب أن تتوقف عند النتائج الذي انتهى إليها اجتماع الخليلين وصفا مع باسيل، ولا عند تنكر الأخير لوجود اقتراحات محددة جرى إطلاعه عليها.

ومع الاستنتاج الذي ساد الوسط السياسي بعد حفلة البيانات المتبادلة بين “التيار الحر” وتيار “المستقبل” يومي الثلثاء والأربعاء الماضيين، والاتهامات من العيار الثقيل، بإفشال تأليف الحكومة، بأنها دليل إلى استحالة التعايش بين عون والحريري في حكومة خلال هذا العهد، فإن بري أعلن أنه لن يستسلم وسيواصل جهوده. فهو يعتبر أن ولادة حكومة تنقذ ما يمكن إنقاذه من الوضع الاقتصادي المالي لأن التدهور في الأوضاع المعيشية ذاهب إلى الأسوأ، أولوية لا تتقدمها أي أولوية في الظرف الراهن، متكلاً على مساعدة “حزب الله” في اتصالاته مع حليفه باسيل. أما الفرنسيون فيرون أن قيام الحكومة بات مهمة عاجلة وملحة بقدر أهمية الإصلاحات والتدابير المطلوبة لإخراج لبنان من الحفرة.

وفي موازاة التواصل المستمر للتنسيق بين الجانب الفرنسي وبين بري يستمر التعويل على دور “حزب الله” في مساعدة الأخير بالاستناد إلى قناعة بأنه يسعى إلى تذليل العقبات من أمام حليفه بري. عبر عن ذلك بيان كتلة “الوفاء للمقاومة الذي أكد أن الجهود لتأليف الحكومة “لا يصح أن تتوقف بأي حال من الأحوال، لأن مواصلتها أقل كلفة من أي خيار آخر”. وعليه فإن التواصل بين مسؤولي الحزب وبين باسيل مستمر هاتفياً، فضلاً عن استمرار الاتصالات بين النائب خليل وبين الحريري.

المتابعون لتفاصيل الاتصالات الجارية يشيرون إلى مناورات تجري لا سيما من “التيار الحر” من أجل تحميل الحريري مسؤولية إفشال مبادرة بري. فباسيل أبلغ الخليلين أنه يقبل بالصيغة التي يطرحها الرئيس بري لضرب صحة اتهامه بالسعي للحصول على الثلث المعطل، لكنه أصر على عدم تسمية الحريري لوزيرين مسيحيين، مشيراً إلى أن فريقه لا يريد تسميتهما من جهته، في وقت يرفض الحريري هذا الشرط الذي يراه مخالفاً للدستور الذي ينيط به تشكيل الحكومة، فضلاً عن أنه يؤدي إلى تكريس عرف يقيد رئيس الحكومة في مراحل لاحقة.

كان من الطبيعي أن يسأل الخليلان باسيل من يسمي الوزيرين المسيحيين، إذا كانت الرئاسة (والتيار الحر) لن تسميهما وهناك رفض لتسميتهما من قبل الحريري، فاقترح أن يجري اتفاقٌ بين الرئيس بري و”حزب الله” مع رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وحتى مع رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط على اقتراح أسماء يجري تبني إثنين منها من قبل الفريق الرئاسي. ويهدف هذا الاقتراح إلى وضع الحريري في مواجهة مع الثنائي الشيعي وفرنجية وجنبلاط في حال تم اعتماد هذا المخرج.

يعتقد بعض هؤلاء المتابعين وبينهم مقربون من “التيار الحر” أن العقبة الثانية القائمة على رفض الأخير منح الثقة للحكومة في حال تشكلت يمكن أن تجد طريقها إلى الحل في حال وُجد المخرج لمسألة تسمية الوزيرين المسيحيين. فالحريري يرى أن تتقلص حصة رئيس الجمهورية و”التيار” في الحكومة في حال عدم منح الثقة للحكومة من 6 وزراء، إلى 3 وزراء، في وقت يؤدي ذلك إلى خرق مبدأ الثلاث ثمانات الذي تقوم عليه مبادرة بري. ولكن مراقبين للتفاوض الجاري يعتبرون أن هدف باسيل من وراء موقف عدم منح الثقة، في سياق المناورة، استفزاز الحريري لوضعه في مواجهة بري في حال أصر على تقليص حصة الرئاسة رداً على عدم منح “التيار الحر” الثقة.

العودة إلى المناورات في التعاطي مع مبادرة بري تشمل ما جاء في بيان المجلس السياسي في “التيار الحر” السبت 5 حزيران، إذ نص على أنه “في حال الإصرار على عدم تشكيل حكومة، وفي ضوء الإنحلال المتسارع في بنية المؤسسات، وامتناع الحكومة المستقيلة عن القيام بواجباتها في تصريف الأعمال بما تقتضيه المرحلة وأبسطها حلّ مشكلات الترابة والنفايات والمواد الأساسية، خيار تقصير ولاية مجلس النواب سيصبح عملاً إجبارياً وإن كان سيتسبب بمزيد من هدر الوقت، فيما لبنان بأمسّ الحاجة للإسراع بإقرار القوانين الإصلاحية”.

بالعودة إلى التلويح بالاستقالة من البرلمان، يخاطب التيار العوني “حزب الله” الذي كان أبلغ قيادته بأنه لا يقبل خطوة من هذا النوع تهدف إلى تجريد الموقع الشيعي من فعاليته، في وقت تبقى رئاستا الجمهورية والحكومة ولو مستقيلة، في موقعهما. فهل المقصود الرد على أي ضغوط يمارسها الحزب على “التيار الحر”، من أجل تسهيل قيام الحكومة؟

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً