لبنان لن يطير ويحلق إلا بجناحيه المسلم والمسيحي

الشيخ حسن مرعب

إنعقدت جلسة لمجلس الوزراء، فقامت قيامة جبران باسيل ومن يزعمون الدفاع عن حقوق المسيحيين ولم تقعد، وأصبح هذا الاجتماع جريمة لا تغتفر، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي مصادراً لصلاحيات رئيس الجمهورية إلخ…

وإن تعجب فعجب قولهم وفعلهم! فمن علا صراخهم وعويلهم، وانتفخت أوداجهم لانعقاد جلسة طارئة وملحة، تتعلق بها حياة مرضى الكلى والسرطان، هم أنفسهم من يعطلون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإما أن يكون الرئيس جبران باسيل، وإلا فلا، ولو بقي كرسي الرئاسة شاغراً الى أن يشاء الله رب العالمين.

فمن الذي اعتدى على حقوق كل اللبنانيين، ومن ضمنهم المسيحيون وحوّل حياتهم الى جحيم؟

ومن الذي باع نفسه لـ “حزب الله”، وارتضى أن يكون خادماً مطيعاً له، وحامياً لمصالحه، ومؤمِّناً له الغطاء المسيحي؟

أليس جبران باسيل وتياره اللاحر واللاوطني؟

وكما يقول المثل “دود الخل منه وفيه”.

نعم من يدّعون الحرص على حقوق المسيحيين ووجودهم، يخربون بيوتهم بأيديهم، ويقوّضون دورهم، بل ويقضون على وجودهم.

ومنذ تأسس لبنان، لم يكن أحرص على الدولة ودورها، واستمرارية مؤسساتها من السنة، والشواهد أكثر من أن تُعَد وتُذكر.

وأيضاً حرصهم على شريكهم المسيحي ودوره.

لم يكن السنة يوماً الا وطنيين، وحريصين على لبنان وشركائهم فيه، ودفعوا الأثمان الباهظة في سبيل ذلك، ولا يزالون يدفعون الى يومنا هذا.

ينبذون الطائفية والمذهبية، وغيرهم يرفع رايتها ويقاتل دونها.

وفي نهاية المطاف يوقعون اللوم عليهم، ويحملونهم أخطاء غيرهم، ويتهمونهم بما ليس فيهم.

إن استعادة دور المسيحيين وريادتهم، إنما يكون بتلاقيهم واتفاقهم فيما بينهم على من يمثلهم في الرئاسة، ويكون رئيساً لكل اللبنانيين، وليس لفئة أو طائفة منهم.

أما أن يختلفوا بل، ويقتتلوا فيما بينهم، ويرمون باللائمة على غيرهم فهذا ظلم وبهتان عظيم.

لا بد لباسيل أن يقتنع بأنه لا يمكن أن يكون رئيساً للجمهورية، ولا لحي من أحياء لبنان.

ولو كان من عدل وإنصاف، فمكانه وأمثاله من الفاسدين والمفسدين، الذين دمروا الماضي والحاضر والمستقبل للبنانيين هو السجن.

وعلى المسيحيين أن يعلموا أن خطر أمثاله عليهم وعلى وجودهم، أشد وأعتى من عدو متربص بهم.

والمطلوب من العقلاء منهم، أن يضعوا حداً لهؤلاء الأنانيين، عشاق السلطة والتسلط، الذين لا يهمهم الا أنفسهم، ويجعلون منهم جسوراً للوصول إلى أطماعهم ومصالحهم.

وفي نهاية المطاف، نحن ارتضينا لبنان وطناً، لنعيش فيه سوية مسلمين ومسيحيين، بكل طوائفنا ومذاهبنا.

ولا حلّ أمامنا، ولا نجاة لنا، إلا بالتلاقي والحوار، والتوافق على ما فيه الخير للجميع، من غير تسلط لفريق على آخر، أو اعتداء على حقوقه ووجوده.

ولن يطير لبنان ويحلق، إلا بجناحيه المسلم والمسيحي.

وقد جربنا فيما سبق، التحليق بجناح واحد فسقطنا، وسالت دماؤنا، فلعلنا اليوم نتعظ، ونأخذ العبرة من ماضينا لحاضرنا.

شارك المقال