الثالثة ثابتة… العجز الأخلاقي يطيح الرئيس

حسين زياد منصور

خلال جلسة بثت مباشرة عبر التلفزيون، اجتمع مجلس النواب في البيرو، وناقش مذكرة عزل الرئيس اليساري بيدرو كاستيو، ووافق عليها بغالبية 101 صوت من أصل 130، مع العلم أنه كان بحاجة الى 87 صوتاً لتمرير المذكرة في مجلس تسيطر عليه المعارضة اليمينية وتشغل 80 مقعداً.

وبتهمة “العجز الأخلاقي” عزل البرلمان الرئيس كاستيو الذي أعلن في خطاب متلفز إصدار مرسوم بحل البرلمان لتفادي التصويت على عزله وفرض حظر تجوّل وأنه سيحكم بمراسيم تشريعية، مما استدعى توجيه انتقادات عدة اليه فيما توالت الاستنكارات لخطابه من حلفائه وخصومه ومشرّعين اجتمعوا وأعدوا اقتراحاً لعزله الذي وافق عليه النواب، الى جانب استقالات بين الوزراء.

وتعتبر هذه المرة الثالثة التي يواجه كاستيو العزل، ونجحت، اذ تجنب في آذار الماضي مناقشة استمرت لثماني ساعات وصوّت لها 55 مشرّعاً فقط، لكن الانتقادات لم تتوقف وهو ما أدى الى تعيين رئيس خامس للحكومة منذ انتخابه في تموز 2021.

فبتهمة العجز الأخلاقي أطاح الكونغرس في البيرو بالرئيس اليساري وعيّن نائبته التي تنتمي الى حزبه نفسه المحامية دينا بولوارتي البالغة من العمر 60 عاماً، والتي أدت اليمين الدستورية كأول رئيسة للبيرو حتّى بقية ولاية كاستيو، أي الى تمّوز 2026.

ويتيح دستور البيرو عزل رئيس البلاد إن ارتكب مخالفات سياسية وليس بالضرورة أن يخرق القانون، مما أدى الى تكرار عمليات عزل الرؤساء. ويعتبر كاستيو ثالث رئيس يعزل منذ العام 2018 بموجب بند “العجز الأخلاقي”، ففي ذلك العام أطيح باليميني بيدرو بابلو كوتشينسكي، وفي العام 2020 بالوسطي مارتن فيزكارا. وفي العام نفسه، وخلال 5 أيام تولى 3 رؤساء مختلفين رئاسة البيرو. ويواجه كاستيو تحقيقات في ست قضايا فساد، ومنها الكسب غير المشروع وعرقلة العدالة وسرقة أطروحته الجامعية، الى جانب اتهامات ضد عائلته وحاشيته السياسية، ولم يكن متاحاً محاكمته وهو في السلطة خصوصاً أن ولايته تنتهي في العام 2026، وكان أحد أسباب التصويتين السابقين لعزل كاستيو تصريحه بأنه سيجري استفتاء شعبياً على منح بوليفيا منفذاً إلى المحيط الهادئ كونها لا تطل على المياه، مع العلم أن كلامه لم يكن اعلاناً دستورياً بل تسليم الأمور للشعب لتقرير ذلك، لكن جرى التصويت على عزله بتهمة العجز الأخلاقي.

العجز الأخلاقي

ويشرح باحث في السياسة الدولية أن “العجز الأخلاقي” هو بند دستوري أطاح رؤساء سابقين للبلاد، ويعني أن الرئيس عاجز أخلاقياً عن إدارة شؤون البلاد، كما في حالة كاستيو بسبب وجود شبهات فساد. وبحسب الدستور يمكن عزل الرئيس إذا قام بارتكاب مخالفات سياسية تعتبر أموراً عادية في دول أخرى، وليس شرطاً أن يقوم بخرق القانون أو ارتكاب جريمة فعليّة.

ويشير الى أن هذا البند وتفسيره الواسع جعل من عزل الرؤساء أمراً عادياً ومعتاداً ومتكرراً في البيرو، الى جانب الفوضى والاضطراب السياسي وعدم الاستقرار.

كاستيو الذي ولد في قرية صغيرة حيث عمل مدرساً لمدة 24 عاماً، لم يكن معروفاً حتى العام 2017 عندما أجبر الحكومة على الموافقة على دفع زيادة في المرتبات بعد أن قاد إضراباً وطنياً، ثم الفوز بصورة مفاجئة في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في حزيران 2021 بعد حصوله على 50.12 في المئة من الأصوات.

شارك المقال