أمن المطار في بازار الصراعات الاقليمية

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

الأسبوع الماضي أعلنت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن إشتباه تل أبيب بقيام إيران بتهريب أسلحة عبر مطار رفيق الحريري الدولي، محذرة لبنان من أنها قد تنفذ ضربات جوية لاحباط عمليات تهريب السلاح الى دمشق عبره، من خلال رحلات مدنية لشركة طيران “معراج” الايرانية. وتردد إعلامياً أن هذا الطيران تابع للحرس الثوري ويستخدمه عناصره للتهرب من العقوبات، ونقل أسلحة الى “حزب الله” بحسب معلومات خاصة لـ “العربية – الحدث”.

وأكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بعد جولة له في المطار “الحرص على تطبيق القوانين وحماية لبنان”، وأحال الموضوع على المدير العام للطيران المدني فادي الحسن الذي نفى ذلك، معلناً أن شركة “معراج” التي بدأت أول رحلة لها إلى مطار رفيق الحريري الدولي في 14 تشرين الثاني تستوفي الشروط الأمنية. وأوضح أنها “تقدمت بموجب انتداب رسمي من سلطات الطيران المدني الايراني، من أجل تسيير رحلات من مطار بيروت واليه مع تقديم ملف فني لكل الطائرات”.

ما بين التأكيد والنفي، طرحت تساؤلات حول الهدف من إثارة هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات، والرسالة التي أرادت اسرائيل تمريرها الى لبنان؟

تقول مصادر سياسية لـــ “لبنان الكبير”: “هناك حقيقة واقعة سواء كان ما قيل صحيحاً أم لا، وهي أن المطار في بيروت مستباح ويشرف عليه حزب الله، ولا يمكن تجاهل قرار دخول الايرانيين الى لبنان من دون فيزا، فالمعروف أن ايران تلتف على العقوبات المفروضة عليها بطرق ملتوية وبمساعدة أذرع الحرس الثوري، الذين تلقى عليهم مهام نقل السلاح الايراني وتسليمه، كما ترسل اخصائيين عسكريين للتدريبات وتنقل مجموعات قتالية، لأن الطيران الذي يحط في بيروت من غير المعروف وجهة ركابه لاحقاً وما اذا كان الايرانيون القادمون يزورون لبنان للسياحة وماهية الخدمات التي تقدم لهم، في وقت يعاني فيه البلد ما يعانيه من انقطاع الكهرباء ومشكلات حياتية، إضافة الى أن وضع طهران ليس أفضل من هذه الناحية”.

وبرأيها أن “زوار لبنان الايرانيين ليسوا سياحاً عاديين بل مرتبطون بالحرس الثوري، ويأتون للقيام بمهام مكلفين بها، ولا يستطيع أحد أن يشرف على دخولهم أو خروجهم، وقد يتم ارسال مانيفست الطائرة القادمة بأسماء مزورة، وهم يستخدمون مطار بيروت للانتقال الى دول عربية وأوروبية وأفريقية للقيام بأعمال غير قانونية ومهام مخابراتية لصالح النظام الايراني ونقل أموال مزورة من إيران يتم ترويجها في دول عربية أو آسيوية وفي شمال أفريقيا وصولاً إلى أوروبا، وهذا أمر خطير يضاف الى أن لبنان يشكل خطراً على الخارج من خلال ترسانة الكبتاغون التي يكشف عن تهريبها حيناً وتنجح في تخطي الاجراءات الأمنية حيناً آخر وتصل الى الأسواق العربية لا سيما المملكة العربية السعودية، فما يتم تداوله في الاعلام هو جزء من أجزاء، لمعرفة أهداف حركة الطيران التابع للحرس الثوري، بالاضافة الى مسألة مهمة أخرى وهي وجود شركات وهمية قد تكون مهمتها الأساسية عقد اتفاقات مع دول غربية تموّل ايرانياً في لبنان لاستيراد قطع لوجستية لطائرات (الكاميكازي) و(شاهد) الايرانية التي ترسل الى روسيا لتضرب بها أوكرانيا وتهدد الأمن القومي الأوروبي، لا سيما بعد اثارة فضائح مثل أن هذه القطع تم شراؤها من كندا وموتوراتها من النمسا، وهناك الكثير من الشركات الأوروبية تستقدم هذه المواد عبر دولة ثالثة أو رابعة وربم استخدام لبنان أيضاً في هذه الأمور من المخابرات الايرانية للالتفاف على العقوبات الأميركية وبذلك يتحول الى ساحة صراع بين الغرب وايران”.

وتستشهد هذه المصادر بتصريح خامنئي الذي قال فيه: نحن نحتل لبنان وثلاث دول عربية استباقاً للضربة الأميركية، وبالتالي لا يمكن تجاهلنا وأي اتفاق على هذه الدول لن يتم ابرامه الا معنا، وهذا بحسب لسان “حزب الله” أيضاً أمر واقع فأمينه العام اعترف بأنه جندي في ولاية الفقيه وحزبه يتنفس الهواء من ايران ويتسلم الدواء والسلاح والمال منها، وبالتالي هو جيش للدفاع عن ايران وليس عن لبنان.

وترى أن “ما يحسم موضوع (معراج) هو القضاء اللبناني اذ يجب أن يكون هناك بلاغ يقدم من السلطات اللبنانية للتحقيق وادعاء قضائي للتحقيق في الموضوع، لأنه لا يجوز استباحة أمن لبنان القومي وتعريض حياة أبنائه والمؤسسة الرسمية للخطر ووضعه تحت خطر العقوبات الدولية، فلبنان يرتبط بمنفذ وحيد على العالم هو المطار ولا يمكن أن يستخدم لتنفيذ أولويات حزب الله الآمر الناهي في قراراته بواسطة التشكيلات وامكاناته، لهذا اذا لم يحقق في الموضوع ولم يثبت لبنان العكس، فان هذا التقرير يبقى دليلاً على تورط حزب الله في استخدام المطار من أجل مساعدة النظام الايراني على الالتفاف على العقوبات وتنفيذ ما يراد تنفيذه ايرانياً من خلال لبنان واستخدامه كنقطة مرور سوداء، والأصعب أنه في حال ثبت نقل السلاح عبر المطار، لا سيما الصواريخ الذكية فسيكون لذلك تأثير كبير على سكان محيط المطار ويعرضهم لخطر وقد تحصل كارثة شبيهة بانفجار مرفأ بيروت في حال انفجرت المواد التي تخزن وتستخدم لأغراض عسكرية”.

وإذ تؤكد المصادر على أهمية حماية أمن المطار وسكان المنطقة كأولوية، “حتى ولو كانت هذه المنطقة محسوبة أمنياً وجغرافياً على حزب الله لكن في النهاية هذه المنطقة وأمنها من أمن لبنان وأهلها لبنانيون وأي تعرض لها هو خطر على لبنان”، تتوقف عند التهديدات الاسرائيلية بضرب طائرات ايرانية في مطار بيروت ووقف حركته كما حصل في سوريا من ضرب طائرات محملة بالسلاح، وتقول: “عندها يقع لبنان مباشرة في دائرة الصراع الاقليمي بعد نقله من سوريا والعراق وطهران الى بيروت وسيكون عندها في مواجهة، خصوصاً أن ايران مأزومة في الداخل وتريد التنفيس في الخارج ولبنان جزء من أجندتها، ناهيك عن العقوبات التي قد يتعرض لها في هذه الحالة لبنان ومطار بيروت والمسافرون كما ستتعرض الحكومة والدولة اللبنانية لمثل هذه العقوبات، وتتحول بيروت الى صندوق بريد ما بين الاسرائيلي والايراني يدفع ثمنها الشعب اللبناني”.

وهنا تشير الى عمليات الكشف عن شبكات عملاء اسرائيلية مجندة من “الموساد”، وكان هناك سكوت عنها من “حزب الله” لوجود عناصر متهمة منه فيها، “وهذا ما يجعل لبنان أرض صراع نتيجة وجود اسرائيل التي تنمي شبكاتها مع وجود شبكات الحرس الثوري الايراني التي لها مصالح مما يجعل لبنان ساحة تصفيات ويعرض أمنه للخطر والفوضى في ظل غياب رئاسة الجمهورية وعمل المؤسسات. من هنا لا بد للقضاء اللبناني من ايضاح الصورة والتحقق من صحة التقرير حول استخدام الطائرات الايرانية”.

وتلفت الى “قرار الغاء التأشيرات بين لبنان وايران واستباحة الحدود الجوية وحركة المرور، والى كيفية الغاء تأشيرات العراقيين عندما وصلت بين ليلة وضحاها 42 طائرة في وقت واحد والجميع كان يتساءل ما وجهة هذه الطائرات القادمة الى لبنان، وهل بقي الذين قيل انهم أتوا لزيارة بعض المقرات الدينية، موجودين في الضاحية الجنوبية استعداداً لعمل معين؟ وهل الايرانيون يريدون الالتفاف ليس بالعقوبات وحسب، بل باستخدام المطار لارسال خبراء عسكريين الى أفريقيا والدول العربية مهمتهم نخر هذه البلدان والقيام بأعمال إرهابية، حتى تتهرب ايران من معالجة وضعها الداخلي مع تصاعد حركة الاحتجاج في الشارع؟ إيران مأزومة في الداخل وتريد تحقيق الانفراج من الخارج وهي ترسل رسائلها الى الولايات المتحدة للتوافق على رئاسة الجمهورية في لبنان وتمرير الانتخاب لتضعها في الملعب الأميركي من أجل الوصولالى الهدف الأكبر أي فتح باب الاتفاق النووي مجدداً والاعتراف الرسمي الغربي بالنظام من جديد عبر إخماد صوت الانتفاضة وتحصيل (كارت بلانش) للتصرف داخلياً، أي كما حصل في سوريا من نظام الاسد الذي أمعن في قمع شعبه وقتله وتهجيره والقول ان لا بديل عن النظام، وهو الحل الذي سكت عنه الغرب. وما يحصل للغرب في أوكرانيا هو نتيجة صمته عما جرى في الشرق الأوسط، فهل يكرر التجربة؟”.

شارك المقال