نعم إنه العهد الاسود

مروان سلام
مروان سلام

لا في الحرب الأهلية في لبنان. لا في حرب السنتين. لا في حرب المئة يوم. لا في السبت الأسود. لا في مجزرة اهدن. لا في مجزرة الصفرا. لا في مجزرة تل الزعتر. لا في مجزرة الكرنتينا. لا في مجزرة صبرا وشاتيلا. لا في مجزرة قانا. ولا في الاجتياح الإسرائيلي. لا في حرب العلم. لا في حرب المخيمات. لا في حرب الجبل. لا في حرب إقليم التفاح. لا في حرب الإلغاء. لا في حرب التحرير. لا في حرب عناقيد الغضب. لا في حرب تموز. لا في السابع من أيار الذي أسموه اليوم المجيد… انقطعت المياه ولا الكهرباء، وتقننت المولدات، وأضيئت شموع العتمة الشاملة، ووقفنا في طوابير محطات البنزين والمازوت، وانقطع الدواء وحليب الأطفال والخبز والطحين، وأفرغت خزينة الدولة وانهارت العملة اللبنانية، وانهار الاقتصاد، وأغلقت كبرى المؤسسات التجارية، ومُسّ الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان، وتخردق دستورنا، وهاجر شباب وشابات لبنان وأطباؤه ومحاموه ومهندسوه، وأفرغ البلد من كيانه ومؤسساته مثلما أُفرغ في السلم في هذا العهد القوي.

حتى كرامة اللبناني انقطعت وأُفرغت.

نعم انقطعت الكرامة كرمال عيون الصهر. انقطعت الكرامة كرمال شرابة خِرج حقوق المسيحيين. انقطعت الكرامة شرابة صلاحيات الرئيس وتفنيصة الميثاقية وكذبتها الثقيلة. انقطعت الكرامة كرمال الفيول المغشوش، وبواخر صندوق الفرجة، بواخر كاريدنيز ومناجمها الذهبية التي استُخرِج منها جواهر الفساد، وألماس الجشع.

انقطعت الكرامة كرمال عيون سد بسري، وسد جنة، وبالوع بلعة، والمسيلحة وبقاعتا والقيسماني وسد كنعان. انقطعت الكرامة كرمال المرامل والكسارات، انقطعت الكرامة كرمال التشكيلات القضائية كرمال عيون غادة عون وبهلوانياتها المتنقلة على حساب تفتيت القضاء وتحطيمه. انقطعت الكرامة كرمال تهريب الأموال وسرقة المودعين في المصارف. انقطعت الكرامة كرمال التدقيق الجنائي. انقطعت الكرامة كرمال تسمية وزيرين في تشكيل حكومة. انقطعت الكرامة كرمال عيون الثلث المعطل. كرمال تحقيق جريمة انفجار المرفأ. كرمال عيون الخلف لخير سلف.

في عهدنا القوي الميمون كل شيء انقطع حتى هيبة كرسي الرئاسة انقطعت ومعها أخلاق البطانة والزمرة، البطانة الباسيلية، الجريصاتية، الخريشاتية، الماريونية، السوداوية، وآخرها البطانة الديبلوماسية الهابطة بطانة شربل بني وهبه الآتية من مضارب الجاهلية في التاريخ والعلوم السياسية.

نعم إنها الزمرة الحاكمة والبطانة المتسلقة، التي تسلقت على حساب كرامة لبنان وشعبه العظيم الذي تحول مع هؤلاء إلى شعب ذليل.

نعم… لا في تاريخ لبنان القديم ولا الحديث، ولا في عزّه وعنفوانه، ولا في عصره الحجري، ولا في استقلال الـ٤٣ ولا بعده، ولا في مئوية لبنان الكبير، ذُلّ قوم لبنان وشعبه كما ذُلّ في هذا العهد القوي.

نعم نحن الشعب اللبناني نستحق أن نكون أكثر من شعب ذليل.

نعم نحن الشعب الذليل لأننا لم نحسن استغلال الفرص، لا في عهد الرئيس إميل لحود الذي بتنا نترحم عليه وندعو أن يعود عهده يوماً، ولا في هذا العهد القوي الذي بات كل العالم في أرجاء المعمورة يترحم ويبكي علينا بكاء الأطفال والأيتام ودموع الأمهات وأنين العجزة وقهر الرجال، لأننا أضعنا البوصلة بوصلة السابع عشر من تشرين وانتفاضتها وأكملنا على كل هذه الطبقة ومنظومتها السياسية.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً