الأمن الذاتي ظاهرة خطيرة… “كل واحد فاتح على حسابه”

حسين زياد منصور

مما لا شك فيه أن الأزمة التي يمر بها لبنان منذ سنوات وتأثيراتها على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، شجعت على الفوضى والتفلت الأمني، وساهم ذلك في تعاظم ظاهرة الأمن الذاتي. هذه الظاهرة ليست جديدة، لكن ما تقوم به اليوم الأطراف اللبنانية من تشكيل مجموعات أمنية ومسلحة خاصة بها لحماية “مناطقها” ضمن الوطن الواحد، لم يعد مقبولاً، وهذه التحركات والتصرفات وما ينتج عنها من مشكلات وحساسيات، ستعيد بلبنان “الوطن الجامع”، الى أيام “شرقية وغربية”.

وفي الآونة الأخيرة أدت الاشكالات في بعض المناطق اللبنانية والسلاح المتفلت المستخدم في أي خلاف يحصل ولأتفه الأسباب الى ازدياد الخوف لدى اللبنانيين. الأمن الذاتي لم يكن يوماً حلاً، بل يؤدي الى مزيد من المشكلات والصراعات.

وعلى الرغم من التأكيدات الدائمة من مصادر أمنية أن الوضع مضبوط وتحت السيطرة، وأن الجيش لن يسمح بأي خضة أمنية اذ لا مجال للتراخي، الا أن المخاوف والتحذيرات لا تزال موجودة، وهو ما أكده وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم بقوله: “لا خوف من انفلات الوضع الأمني والأجهزة التابعة للمؤسسة العسكرية أثبتت مدى قدرتها على ضبط كثير من محاولات الاخلال بالأمن من خلال العمليات الاستباقية”.

شربل: الأمن ممسوك لا متماسك

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير” رأى وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل أنه “على الرغم من الوضع الاجتماعي الذي نعيشه اليوم، الا أن الوضع الأمني اللبناني ممتاز، ففي الوقت الذي أموال الناس فيه مفقودة، وانقطاع الكهرباء والمياه وانتشار البطالة والهجرة، وكل من يسعى الى الهروب عن طريق البحر بصورة غير شرعية محملاً بالآمال ولو كانت ضئيلة، كل هذا الذي نعيشه لو حصل في دولة أخرى، لكنا شهدنا ثورة واحتجاجات ومشكلات وخضات أمنية يومية”.

وأكد أن “الأجهزة الأمنية قادرة اليوم على مواصلة عملها والاستمرار على الرغم من الوضع الاجتماعي والمالي، وبحسب خبرتي واطلاعي يمكنني أن أؤكد أن الأمن ممسوك، ولكن ليس متماسكاً، فالتماسك يكون من جهة السياسيين وإعادة العمل في إدارات الدولة وخصوصاً القضاء اللبناني. اما من ناحية قوى الأمن والجيش اللبناني فهم يقومون بواجباتهم، وأي جريمة تقع يتم حلها خلال ٤٨ ساعة، بمعدل ٨٠/١٠٠ من هذه الجرائم يقبض فيها على الفاعل، وشهدنا ذلك من خلال القبض على سارق مبلغ مليوني دولار يعمل في شركة صيرفة، اذ تمكنت قوى الأمن الداخلي من القاء القبض على جميع شركائه”.

أضاف: “على سبيل المثل في أميركا الحياة طبيعية والشعب مرتاح لكن نرى الجرائم التي تحصل يومياً، لذلك لا نزال أفضل من غيرنا ونأمل أن يبقى الوضع هكذا حتى انتخاب رئيس جمهورية. ونتمنى حصول تحسن كل يوم عن يوم، فهناك درجات عدة يجب أن نمر بها ليتحسن الوضع، أولاً انتخاب رئيس للجمهورية ثم تشكيل حكومة متخصصة بالأوضاع كافة وخصوصاً الاقتصاد المتدهور بسبب الخلافات السياسية منذ ٣٠ عاماً حتى اليوم”.

ورفض شربل ظاهرة الأمن الذاتي، مشدداً على عدم قبوله بها، “فهي مخالفة للقانون من ناحية تشكيل مجموعات مسلحة والقيام بالحواجز والتفتيشات، خصوصاً أنها لا تضبط الأمن بل توتر الأجواء أكثر فأكثر ويصبح (كل واحد فاتح دكانة على حسابه وساعتها العوض بسلامتنا)”.

اليوم، مع دخول لبنان موسم الأعياد والسنة الجديدة، كان من الضروري أن يطمئن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي اللبنانيين والمغتربين والقادمين الى لبنان بوجود خطّة أمنيّة لفترة الأعياد ستكون مشددة تتضمن كل الإجراءات الضروريّة والاستباقية، مشيراً الى العمل على تخفيف إطلاق النار احتفالاً وعشوائياً في لبنان وخصوصاً في محيط مطار رفيق الحريري الدولي. وذكر بحق القوى الأمنية في التحرّك التلقائي أمام الجرم المشهود، والموقف الرّسمي ثابت بحماية المطار ومحيطه وسمعته ومنع أيّ عمل غير مقبول يحصل فيه أو عبره والتصدي لتصدير الأذى والتهريب عبر المطار، مشدداً على التصدي للفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، وعلى جهوزية كلّ الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة.

اما قائد الجيش العماد جوزيف عون فأكد بدوره أن الوضع الأمني ممسوك، وليس هناك أي مخاوف من حوادث فردية قد تؤدي الى تفلّت أمني، مشيراً الى أن الجيش سيكثّف اجراءاته خلال فترة الأعياد ضمن خطة أمنية شاملة.

شارك المقال