انتفاضة ضد اعتكاف القضاة

محمد شمس الدين

اعتكاف القضاة لا يزال يلقي بظلاله على الواقع اللبناني، فعدا عن تضرر الناس ومصالحها، أكثر من يعاني هم المحامون، ما استدعى اجتماعاً طارئاً لنقابة المحامين، شدد قبله نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار على أن “هناك موقفاً سنتخذه وسنطالب بوقف معاشات القضاة، لأن لا أجر من دون عمل والقاضي الذي لا يريد أن يعمل فليقدم استقالته، وهو لا يمكنه وقف مصالح الناس”.

وفي حديث لوسائل الاعلام، أشار كسبار إلى أن “القضاة اذا لم يسمعوا من مجلس القضاء الأعلى، فعلى التفتيش أن يتحرك لأن العدالة لا تعتكف مهما كان الوضع”، مؤكداً أنّ “أي اضراب في نقابة المحامين لن يحصل في عهدي، ونحن لسنا من جماعة الاضرابات، لأن الاضراب لا يؤدي الى نتيجة والقضاة لا يجب أن يعتكفوا”.

وفي الاجتماع، أمل كسبار في أن يبادر المسؤولون الى معالجة هذا الوضع، لافتاً الى أن “الاعتكاف كوسيلة للمطالبة لن يأتي بالثمار المرجوة”.

وفي هذا السياق، علم “لبنان الكبير” أن هناك حالة من الغضب وسط المحامين، تحديداً بعد علمهم أن هناك عدداً من القضاة الذين يتشددون في الاعتكاف من أجل الحصول على ما يعتبرونها حقوقهم، إما هم في قطر لحضور كأس العالم، أو مسافرون إلى الخارج لقضاء عطلة العيد. ولفت مصدر مطلع على أجواء العدلية، الى أن “العديد من القضاة أصبحوا لا يشبعون، وخصوصاً أولئك الذين يتبعون مباشرة للأطراف السياسية، فهم يسكنون في أغلى المناطق، أولادهم في أغلى المدارس والجامعات، لا يلبسون إلا أغلى الماركات العالمية، ويستطيعون بسياراتهم إعالة 10 محامين وعائلاتهم، ثم يعتكفون مطالبين بحقوقهم، عن أي حقوق يتحدثون؟”.

أضاف المصدر: “أصاب الكسل العديد من القضاة، بعد جلوسهم في المنزل لمدة طويلة، بسبب كورونا والاضرابات، وقد اعتادوا على ذلك، وهؤلاء أصلاً كانوا بالكاد يعملون، ويطيلون في المحاكمات بسبب كسلهم، مع الاشارة الى أن هناك قضاة نشطون وينهون ملفاتهم بسرعة”.

وأكد أن “رئيس مجلس القضاء الأعلى وكأنه يعيش في قصر عال بعيد عن القضاة، لا يجتمع معهم ولا يقدم على أي خطوة، ونادي القضاة شاطر بالعنتريات فقط، والعترة على حقوق المواطنين”.

ورأى المحامي علي رحال أنه يجب على القضاة الموازنة بين وجعهم ومطالبهم المحقة، ووجع المحامين والمواطنين، موضحاً في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “عشرات المحامين يطرقون باب النقيب كسبار يومياً يشكون معاناتهم، لذلك يجب على القضاة الأخذ في الاعتبار، ليس وجعهم، الذي نشعر به ونقدره، ولكن الضرر الذي يسببه استنكافهم عن القيام بواجباتهم، ليس للمحامين وحسب، بل للمواطنين أيضاً، فهو يسهل عملية ارتكاب الجريمة، ويعزز الجريمة المنظمة، نتيجة عدم مكافحتها، كون الضابطة العدلية والقوى الأمنية لا تستطيع التحرك، إلا بإشارة قضائية”.

ودعا رحال القضاة الى “أن يأخذوا في الاعتبار وجع الناس أيضاً، ويسيّروا عمل العدالة، فهم أصلاً كانوا يداومون يومين في الأسبوع، فليداوموا يوماً واحداً كحركة اعتراضية، اذ أن الاضرابات لا تكون دائمة، بل متقطعة، كي لا تتعطل أعمال الناس بصورة دائمة، ولا سيما أن وضعهم أفضل من غيرهم من شرائح الشعب اللبناني”، مؤكداً “أننا نؤيد حقوقهم ونتمنى أن يتحسن وضعهم، بل أن يكونوا المفتاح لتحسن أوضاع مختلف قطاعات الشأن العام، ولكن يجب عليهم أن ينظروا إلى أوضاع الناس بصورة عادلة”.

اما المحامية عليا معلم فأشارت الى أن “هناك عدداً لا بأس به من مكاتب المحاماة أغلق أبوابه، وأًصبح المحامون يسعون الى أخذ غرفة عند محامين زملاء لهم، واضطروا الى التخلي عن المحامين في مكاتبهم وموظفيهم”، مؤكدة أن “المحامين لا يعملون منذ ما يقارب الأربع سنوات، بسبب الاضرابات المستمرة، بل ان الملفات لديهم غالبيتها قديمة، وهم يحتاجون إلى فتح ملفات جديدة كي يستطيعوا العمل”.

ورأت معلم أن “مطالب القضاة محقة، ولكن يجب أن يلتفتوا إلى وجع الناس، فهناك موقوفون لا يبت بقضاياهم، وهناك ناس تضيع حقوقها، فمثلاً المَدينون لا يستطيعون التقدم بطلب حجز احتياطي ضد الدائنين، الذين يتهربون من الدفع، بل بعضهم يبيعون أملاكهم ويغادرون البلد، ولا مسند قانونياً لردعهم”، مشددة على أن “الحل بيد السلطة السياسية، ولكن على القضاة أن يعودوا ويعملوا، وعندها فليتخذوا المواقف المناسبة، ضد السلطة السياسية”.

شارك المقال